تصاعد التوتر الرياضي بين العراق والأردن: مزاعم عن هتافات مسيئة وشكاوى رسمية
أثارت التقارير حول هتافات مسيئة من قبل مشجعي المنتخب الأردني ضد العراق جدلاً واسعاً في الأوساط الرياضية العربية، مع مطالبات متزايدة للاتحاد العراقي لكرة القدم بتقديم شكوى رسمية لدى الاتحاد الدولي (فيفا) لاتخاذ إجراءات صارمة بحق الاتحاد الأردني. تتضمن هذه المطالبات نقل المباراة المرتقبة بين المنتخبين إلى ملعب محايد أو إقامتها بدون جمهور، وسط تبادل للاتهامات وتصريحات متناقضة من الطرفين.
موقف الاتحاد الأردني وادعاءات التزييف
سارع الاتحاد الأردني لكرة القدم إلى نفي صحة الفيديوهات المتداولة التي تظهر هتافات مسيئة من قبل المشجعين الأردنيين ضد العراقيين على ستاد عمان الدولي. وأعرب الاتحاد في بيان رسمي عن استيائه مما وصفه بـ”محاولات بعض الفئات المضللة إثارة النعرات والتعصب والكراهية بين الجماهير الرياضية” من خلال نشر فيديو قال إنه “مفبرك”.
وجاء في بيان الاتحاد الأردني: “تابع الاتحاد الأردني لكرة القدم بكل أسف ما تم تداوله من قبل بعض مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي وعدد من الصفحات من نشر لفيديو يوحي بهتافات مسيئة تثير الكراهية بين الشعبين الشقيقين – الأردني والعراقي، على ستاد عمان الدولي، وما تبع ذلك من تعليقات تسيء للشعبين الشقيقين”.
وأكد الاتحاد الأردني أنه “بعد التحقق من الفيديو المذكور وبيان فبركته، يعرب عن استيائه من محاولات بعض الفئات المضللة إثارة النعرات والتعصب والكراهية بين الجماهير الرياضية”، داعياً الجماهير الأردنية إلى “عدم الانجرار وراء مثل هذه المحاولات والتعليقات المسيئة”.
مطالبات بتحرك عراقي رسمي
على الجانب الآخر، طالبت وكالة بغداد الإخبارية الاتحاد العراقي لكرة القدم، ممثلاً برئيسه عدنان درجال، ونائبه يونس محمود، بضرورة اتخاذ موقف واضح وتقديم شكوى رسمية إلى الاتحادين الدولي والعربي لكرة القدم، إزاء ما وصفته بـ”التجاوز الخطير على كرامة العراقيين”.
وذكرت الوكالة أن منصة “التقنية من أجل السلام” أكدت وقوع حادثة مسيئة بحق الجماهير العراقية خلال بطولة الفيفا الأخيرة، مشيرةً إلى هتافات عنصرية صدرت من جماهير منتخبي الأردن وفلسطين بحق الشعب العراقي.
وانتقدت الوكالة “مرور أكثر من 24 ساعة على الحادثة دون تحرك رسمي”، داعيةً رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى التدخل ومطالبة حكومتي الأردن وفلسطين بتقديم اعتذار رسمي عن الإساءات التي تعرّض لها أبناء العراق.
دعوات لتقديم شكوى رسمية لدى الفيفا
دعا المنسق الإعلامي العراقي لدى الاتحاد الآسيوي، أرشد الساعدي، اتحاد الكرة العراقي إلى تقديم شكوى رسمية لدى “فيفا” ضد الجماهير الفلسطينية بسبب هتافاتها المسيئة، محذراً من تكرار السيناريو في المباراة المقبلة مع الأردن.
وقال الساعدي في تصريح لوكالة المعلومة: “ما حدث في مباراة العراق وفلسطين، سيحدث أيضاً في مباراة العراق والأردن من هتافات طائفية ومبغضة ومن بعض الجماهير الأردنية، لذلك على الاتحاد العراقي لكرة القدم اتخاذ اللازم وإيصال كل الخروقات التي حدثت إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم لإجراء اللازم بهذا الشأن”.
وأضاف الساعدي أن “الاتحاد الدولي لكرة القدم صادق بالإجماع في اجتماع الكونغرس 75 في تايلند على نبذ العنصرية والطائفية تجاه اللاعبين من قبل الجماهير”، مشدداً على أن “اتحاد الكرة يتوجب عليه إبلاغ الاتحاد الدولي وإرسال كل الفيديوهات لتجنب ما سيحدث في المباراة المقبلة”.
سوابق اعتراضات عراقية على اختيار الملاعب
تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد العراقي سبق وأن قدم اعتراضاً رسمياً إلى الاتحادين الدولي والآسيوي، يرفض فيه إقامة مباراة منتخب العراق أمام نظيره الفلسطيني في الأردن، ضمن التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم.
وقال عضو الاتحاد فراس بحر العلوم، في تصريح سابق، إن “الاتحاد العراقي يؤكد رفضه اللعب في الأردن كونه لا يعدّ أرضاً محايدة، خاصة أن منتخب الأردن يلعب ضمن مجموعة العراق، ما يشكل خرقاً واضحاً لمبدأ الحيادية”.
وأوضح بحر العلوم أن “الاتحاد العراقي اتخذ الإجراءات المناسبة لضمان إقامة المباراة على ملعب محايد، بعيداً عن دول المجموعة، حفاظاً على حقوق المنتخب الوطني”.
العلاقات التاريخية بين الشعبين
وسط هذه التوترات، أكد الاتحاد الأردني في بيانه أن “الروابط التاريخية المشتركة التي تجمع بين الشعبين الأردني والعراقي أكبر وأعمق من أن تخدشها فئة مضللة من الجماهير لا تمثل القيم الرياضية في ملاعب كرة القدم”، مستذكراً الجهود التي بذلها الأمير علي بن الحسين رئيس الاتحاد الأردني لكرة القدم، لرفع الحظر عن الملاعب العراقية، من خلال خوض أولى المباريات الدولية على ملعب جذع النخلة في البصرة عام 2017.
الوضع الحالي والخطوات المقبلة
في ظل هذه التطورات المتسارعة، لم يصدر حتى الآن تأكيد رسمي من الاتحاد العراقي بشأن تقديم شكوى رسمية لدى الفيفا بخصوص الهتافات المزعومة أو المطالبة بنقل المباراة المقبلة مع الأردن إلى ملعب محايد.
تأتي هذه الأحداث في وقت حساس ضمن منافسات التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026، حيث تتنافس المنتخبات على بطاقات التأهل المباشر في المجموعة الثانية.
تؤكد هذه الأحداث حساسية العلاقات الرياضية بين المنتخبات العربية، وأهمية الالتزام بالروح الرياضية والابتعاد عن خطاب الكراهية والتعصب. كما تبرز دور الاتحادات الرياضية والجهات الرسمية في التعامل بحزم مع أي تجاوزات قد تؤثر سلباً على العلاقات الأخوية بين الشعوب العربية.
يبقى السؤال المطروح: هل ستؤدي هذه التوترات إلى إجراءات فعلية من قبل الفيفا، وهل ستؤثر على مسار المنافسة في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026؟ الأيام المقبلة وحدها ستكشف عن مآلات هذه القضية.