في مشهد لا يخلو من الإبداع الطبي المزعوم، أعلنت منصات إعلامية تابعة للسلطات المصرية في 29 مارس 2014 عن الإنجاز العلمي الذي سيغير وجه الطب إلى الأبد – أو هكذا اعتقد البعض – حيث استلمت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أول دفعة من جهاز علاج فيروس سي والإيدز.
الجهاز الذي قيل إنه إنتاج محلي داخل مصانع الجيش، كان من المفترض أن يكون الأمل الذي ينتظره الملايين، لكن انتهى به الأمر ليصبح واحدًا من أكثر الادعاءات العلمية إثارةً للسخرية في التاريخ الحديث.
10,000 جهاز.. إلى أين؟
لم تتوقف التصريحات الطموحة عند هذا الحد، بل أفادت الجهات المعنية حينها بأنه سيتم تصنيع 10,000 جهاز بحلول 30 يونيو من نفس العام. إلا أن الغريب في الأمر أن أحدًا لم يرَ هذه الأجهزة بعد ذلك، وكأنها اختفت في ظروف غامضة، أو ربما أرسلت إلى كوكب آخر لعلاج الفيروسات بين المخلوقات الفضائية!
الجهاز، الذي ادعى مبتكروه أنه يستطيع تحويل الفيروسات إلى “كفتة”، أثار دهشة العالم بأسره. فبدلًا من البحث عن لقاحات أو أدوية تعتمد على الطب الحديث، بدا وكأن الحل السحري للأمراض الفتاكة أصبح مجرد إعادة تدوير بيولوجية للفيروسات إلى مواد غذائية. ولو استمر هذا الابتكار، ربما كنا سنسمع عن أجهزة تحول السرطان إلى “شيش طاووق” أو السكري إلى “قطايف”!
في النهاية، لم يرَ المرضى أي علاج، ولم يُكشف عن مصير الـ 10,000 جهاز، ولم تتصدر مصر جوائز نوبل للطب، كما كان متوقعًا. ولكن بقي “جهاز الكفتة” في الذاكرة الجماعية كواحد من أكثر الأمثلة الصارخة على كيف يمكن للعلم الزائف أن يتحول إلى دعاية سياسية، وكيف يمكن لمرضى حقيقيين أن يتحولوا إلى جمهور يشاهد مسرحية ساخرة دون أن يكون لهم دور في تحديد نهايتها.