في عالم المال والأعمال، لا تعرف المنافسة الرحمة، ولا تعترف الأسواق بقوانين العدل دائمًا. فحين تشتد المعركة على حصة سوقية أو تزداد الأرباح لمعسكر دون آخر، تتحول ساحات الاقتصاد إلى ميادين صراع لا يهدأ، حيث تُرفع شعارات الجودة والنزاهة، بينما تُحاك في الخفاء خيوط إقصاء المنافسين بأي وسيلة متاحة.
بين استراتيجيات التوسع والضربات الخفية، قد يكون النجاح في بعض الأحيان تهمة تستوجب العقاب، وقد يصبح صعود نجم شركة ما دافعًا لإخماده بأي ثمن.
هذا تمامًا ما يحيط بقضية سلسلة محلات “بلبن” المصرية، التي حققت نجاحًا مدويًا في السوق السعودية قبل أن تجد نفسها فجأة أمام اتهامات وقرارات إغلاق جماعية أثارت الجدل والتساؤلات. فهل كانت هذه الإجراءات ضرورة صحية حقيقية، أم أن الأمر أبعد من ذلك، ويمثل نموذجًا صارخًا لمعارك النفوذ التجاري بين الشركات المصرية والسعودية؟
إغلاق فروع “بلبن” في السعودية: بين البلاغات والشكوك
تفاجأ السعوديون مؤخرًا باختفاء سلسلة محلات “بلبن” من تطبيقات التوصيل الإلكترونية، تزامنًا مع صدور قرارات رسمية بإغلاق جميع فروعها في المملكة. جاء هذا القرار عقب تلقي بلاغات عن حالات تسمم غذائي في الرياض ومناطق أخرى، ما دفع الجهات الصحية إلى التدخل وإغلاق الفروع، وفقًا لصحيفة “عكاظ”.
اتهامات بالتلفيق واستهداف العلامات المصرية
بينما بررت الجهات الرسمية قرارها باعتبارات صحية، يرى البعض أن هذه الإجراءات قد تكون جزءًا من حملة استهداف للعلامات التجارية المصرية الناجحة في السعودية. فقد اكتسبت “بلبن” شهرة واسعة خلال فترة قصيرة، مما جعلها منافسًا قويًا في سوق الحلويات والمشروبات، وهو ما قد يكون قد أثار حفيظة بعض الشركات المنافسة.
وفي هذا السياق، انتشرت تغريدة على منصات التواصل الاجتماعي تعزز هذه الشكوك، حيث جاء فيها:
“التسمم الغذائي ظهر فجأة مع النجاح الكبير لمحلات بلبن؟ غريب جدًا أن يتم الإغلاق بهذه السرعة دون تحقيق شفاف. هل نحن أمام منافسة شريفة أم حملة مدبرة؟”
دلالات وأبعاد المنافسة بين الشركات المصرية والسعودية
تسلط هذه الواقعة الضوء على المنافسة الحادة بين الشركات المصرية والسعودية، حيث يسعى الطرفان للهيمنة على السوق المحلي والإقليمي. وفي حين تعتمد بعض الشركات على جودة المنتجات والخدمات، قد تلجأ أخرى إلى وسائل أخرى لإضعاف المنافسين، بما في ذلك حملات التشويه أو التأثير على الجهات الرقابية لاتخاذ إجراءات صارمة ضد المنافسين.
تعكس أزمة “بلبن” جانبًا من التعقيدات التي تواجه الشركات المصرية في الأسواق الخارجية، خاصة عندما تحقق نجاحًا ملحوظًا. ورغم أهمية الرقابة على الجودة وسلامة الغذاء، إلا أن تواتر مثل هذه القضايا يطرح تساؤلات حول مدى حيادية القرارات، وما إذا كانت المنافسة التجارية قد تتحول أحيانًا إلى صراع غير متكافئ تتحكم فيه عوامل تتجاوز اعتبارات الجودة والخدمة.