محمد فراج، الممثل المصري الذي حوّل الأدوار البسيطة إلى لوحات فنية معقدة، يظل أحد أبرز الأسماء التي أثارت الجدل والإعجاب في السنوات الأخيرة. من أدوار الشرير المُريب إلى الشخصيات الدرامية العميقة، استطاع فراج نحت مسيرة فريدة تتحدى التصنيفات التقليدية.
من ورش المسرح الجامعي إلى أضواء هوليوود
بدأت رحلته من مسرح كلية التجارة بجامعة القاهرة عام 2000، حيث كانت عروض “قهوة سادة” بمثابة الشرارة الأولى. رغم دراسته التجارة، اختار طريق الفن بعناد، ليواجه سنوات من الأدوار الثانوية قبل أن يُطلق عليه النقاد لقب “مايسترو الشخصيات المعقدة”. تُوفي والده قبل تصوير مسلسل “بدون ذكر أسماء”، ووالدته قبل “عد تنازلي”، أحداث تركت بصمات واضحة في أدائه الذي اكتسب عمقاً إنسانياً فريداً.
أدوات الساحر: بين التناقضات والإتقان
تحت السيطرة (2015):
نقلته شخصية “علي” المدمن إلى مصاف نجوم الجيل، حيث مزج بين الهشاشة النفسية والعنفوان الجسدي.
فوي! فوي! فوي! (2023):
دور “حسن” حارس الأمن الذي يخترق عالم كرة المكفوفين، حقق من خلاله مفارقة سينمائية نادرة بين الكوميديا والسوداوية.
الصندوق الأسود (2020):
شخصية “سيد” التي كشفت عن قدرته على تحويل الحوار الداخلي إلى表演 مرئي دون كلمات.
صدمة الأوسكار وصرخة الثورة الفنية
عندما رُشح فيلمه “فوي! فوي! فوي!” للأوسكار، أطلق تصريحاً نارياً: “السينما المصرية تدفن مواهبها تحت أنقاض الروتين”. كشف خلال ندوة “Creative Industry Summit” عن معضلة صناعة النجوم في مصر مقارنة بالعالم، مشيراً إلى أن “النجاح المحلي لم يعد كافياً في عصر السينما الرقمية المتوحشة”.
مستقبل بلا حدود: بين السينما المستقلة والدراما الاجتماعية
يعكف فراج حالياً على مشروع سينمائي دولي بالشراكة مع منصة رقمية كبرى، يتناول قضايا الهجرة غير الشرعية عبر شخصية صياد إسكندراني. في الوقت ذاته، يجهز لمسلسل درامي يستعيد فيه تعاونه مع نيللي كريم تحت عنوان “ظل اليقين”، الذي سيناقش إشكاليات الذكاء الاصطناعي في العلاقات الإنسانية.
يظل محمد فراج نموذجاً للممثل-الفيلسوف، الذي يحوّل التجارب الشخصية إلى فنٍّ عالمي، مطلقاً صفارة إنذار لإصلاح المنظومة الفنية بينما يكتب اسمه بحروف من نور في سجلات السينما العربية.