أزمة قرارات رابطة الأندية: صراع الأهلي والزمالك وبيراميدز يعيد تشكيل خريطة الدوري المصري
تشهد الساحة الكروية المصرية تصعيداً غير مسبوق في الأيام الأخيرة بعد قرارات رابطة الأندية المصرية المحترفة بتعديل العقوبات المُتعلقة بأزمة مباراة القمة بين الأهلي والزمالك، والتي أثارت موجة من الاحتجاجات من ناديي الزمالك وبيراميدز، وسط تحذيرات من تأثيرات طويلة المدى على مصداقية المسابقة ومبدأ تكافؤ الفرص.
القرارات المثيرة للجدل: بين التعديل والرفض
أعلنت رابطة الأندية يوم الأحد 30 مارس 2025 تعديلاً جوهرياً في عقوبات النادي الأهلي بعد انسحابه من مباراة القمة ضد الزمالك في الجولة الأولى من المرحلة النهائية لدوري نايل. حيث تم الاكتفاء باعتبار الأهلي خاسراً بنتيجة 3-0 وفقاً للمادة (4.17) من لائحة المسابقة، مع إلغاء قرار خصم 3 نقاط من رصيده النهائي. وقد بررت الرابطة قرارها بالظروف الاستثنائية التي يمر بها الدوري، بما في ذلك ضيق الفترة الزمنية بين المراحل والتوقف الدولي خلال مارس، مما حال دون توفير حكام أجانب كما طالب الأهلي.
جاء هذا التعديل بعد شكوى رسمية تقدم بها الأهلي، أكد خلالها أن انسحابه لم يكن بهدف “إثارة الأزمة”، بل سعياً لـتحقيق العدالة في تطبيق اللوائح[6]. لكن القرار أثار حفيظة ناديي الزمالك وبيراميدز، اللذين اعتبراه خرقاً لمبدأ المساواة، خاصة بعد تطبيق عقوبة الخصم النقاطي على الزمالك في موقف مشابه الموسم الماضي.
بيراميدز: من المتفرج إلى قلب العاصفة
تحول نادي بيراميدز إلى طرف رئيسي في الأزمة بعد أن أعلن مصدر رسمي بالنادي عن نية تقديم شكوى إلى أعلى الجهات الرياضية، بما في ذلك المحكمة الرياضية الدولية، مؤكداً أن عدم خصم النقاط من الأهلي “جعلهم طرفاً مُتضرراً” في السباق على لقب الدوري. وأشار المصدر إلى أن النادي سيسعى لـتصعيد القانوني خلال 48 ساعة، معتبراً أن الرابطة استندت إلى “بند القوة القاهرة” بشكل انتقائي، بينما كانت إجراءات الأهلي “متعمدة ومخططاً لها”.
وأضاف المصدر: “عندما انسحب الزمالك الموسم الماضي، طُبقت اللوائح بحذافيرها، أما اليوم فالقرارات تُعدَل وفق الأهواء”، في إشارة إلى تفاوت المعايير الذي يهدد مصداقية البطولة[2][5]. وتأتي هذه الخطوة في وقت يُنافس فيه بيراميدز على المراكز المتقدمة، حيث يُمكن أن يؤثر عدم خصم النقاط من الأهلي على موازين المنافسة بشكل جوهري.
الزمالك: رفض قاطع واستعداد للتصعيد المشترك
من جانبه، أعلن نادي الزمالك رفضه القاطع لقرارات الرابطة، معتبراً إياها “انتهاكاً صريحاً للحقوق“، وفقاً لتصريحات مصدر مسؤول. وكشف المصدر عن تواصل جاري مع بيراميدز لتنسيق المواقف ورفع شكوى مشتركة، حتى لو تطلب الأمر “التضحية باستكمال المسابقة”.كما أشار إلى أن النادي يدرس اللجوء إلى جهات دولية مثل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (CAF) إذا لم تستجب الرابطة لمطالبه.
وأكد بيان النادي الرسمي تمسكه بالقرارات الأولية للرابطة التي تضمنت خصم 3 نقاط إضافة إلى اعتماد الخسارة، مستنداً إلى سابقة تطبيق العقوبة على الزمالك نفسه عند انسحابه من مباراة سابقة ضد الأهلي[5]. ووصف المصدر قرار التعديل بأنه “يفتح الباب أمام الفوضى القانونية” ويُهدد استقرار المسابقات الرياضية في مصر.
الرأي القانوني: خبير لوائح يؤكد شرعية القرارات
في مقابل موجة الاعتراضات، أكد خبير اللوائح عامر العمايرة أن قرارات الرابطة “نهائية وغير قابلة للطعن”، مستنداً إلى المواد (63/2 و63/3) من لائحة الدوري التي تمنح مجلس الإدارة صلاحية تعديل العقوبات في الظروف الاستثنائية. وأوضح أن جميع الأندية وقعت مسبقاً على هذه اللوائح، مما يجعل أي اعتراضات “غير ذات أساس قانوني”.
كما أشار العمايرة إلى أن المادة (4.17) تُلزم النادي المنسحب بدفع تعويضات مالية عن الخسائر التجارية وعقود البث، وهو ما تم تطبيقه على الأهلي، بينما اعتبر خصم النقاط الإضافية “إجراءً تقديرياً” تخلى عنه المجلس لاعتبارات تقنية.
الأهلي: قرار الاستمرار وتداعياته على الدوري
في الجهة المقابلة، قرر النادي الأهلي استكمال مشاركته في الدوري بعد تعديل العقوبات، مع تأكيد مصدر داخلي على أن القرارات “حققت الحد الأدنى من المطالب”. ومن المقرر أن يواجه الأهلي بيراميدز في 12 أبريل المقبل، في مباراة يُتوقع أن تكون محكاً حقيقياً لمدى تأثير الأزمة على أداء الفريقين.
لكن القرار أثار تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين الأندية، خاصة مع تهديدات الزمالك وبيراميدز بعدم الاستمرار في المسابقة إذا لم تُرجع العقوبات إلى سابق عهدها. وقد بدأت تظهر انعكاسات ميدانية، حيث أفادت تقارير بإلغاء اجتماعات تنسيقية بين مسؤولي الأندية المتنافسة.
سيناريوهات التصعيد: بين الحلول القانونية والمخاطر الميدانية
تتجه الأزمة نحو منعطفات أكثر تعقيداً مع دراسة الزمالك وبيراميدز رفع دعاوى قضائية مشتركة، وفقاً لمصادر داخلية.كما يدرس الناديان إمكانية اللجوء إلى المنظمات الرياضية الدولية، في سابقة قد تغير من آلية إدارة الأزمات في الكرة المصرية.
من ناحية أخرى، يحذر محللون من أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى تأجيل غير مسبوق في جدول المباريات، خاصة مع اقتراب موعد نهائي كأس مصر ومشاركات الأندية في البطولات الأفريقية. كما تُثير الأزمة تساؤلات حول مدى استقلالية القرارات الرياضية وتأثير العوامل السياسية عليها، في ظل تصريحات غير مباشرة من مسؤولين حكوميين تدعو إلى “احتواء الأزمة”.
خاتمة: أزمة تُعيد تشكيل مستقبل الإدارة الرياضية
تُمثل الأزمة الحالية اختباراً حقيقياً لـمرونة النظام الرياضي المصري وقدرته على إدارة الخلافات بين الأندية الكبرى. بينما تُسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى مراجعة شاملة للوائح وتوضيح آلية تطبيق العقوبات بشكل لا مرائي. كما تفتح الباب أمام نقاشات أوسع حول ضرورة وجود هيئة تحكيم مستقلة تُنظم العلاقة بين الأندية والجهات الإدارية، لضمان عدم تكرار مثل هذه الأزمات التي تُهدد مصداقية الرياضة الأكثر شعبية في البلاد.