تقرير: تعيين أمجد بدر وزيراً للزراعة في الحكومة السورية الجديدة
شهدت سوريا تحولا سياسيا كبيرا مع تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة أحمد الشرع، التي أدت وزراؤها اليمين الدستورية في 30 مارس 2025. من بين التعيينات التي أثارت اهتماما خاصا كان تعيين أمجد بدر وزيرا للزراعة، وهو المدير السابق لمركز البحوث العلمية الزراعية في السويداء. يعتبر هذا التعيين بمثابة خطوة استراتيجية للرئيس الشرع، حيث يهدف إلى كسب دعم الشارع الدرزي في سياق التحولات السياسية التي تشهدها البلاد، ويعكس محاولاته لترسيخ حكمه وتوسيع قاعدة تأييده.
الخلفية الأكاديمية والمهنية لأمجد بدر
أمجد بدر، المولود في عام 1969، يعد من الكفاءات السورية المتخصصة في المجال الزراعي. حصل على درجة الإجازة في الهندسة الزراعية من جامعة دمشق في عام 1993، ثم أكمل دراساته العليا في الاقتصاد الزراعي ليحصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه من جامعة حلب بالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ICARDA).
عمل بدر كمدير لمركز البحوث العلمية الزراعية في محافظة السويداء، وهي منطقة ذات أغلبية درزية. وعلى مدار مسيرته، قاد العديد من المشاريع البحثية والتنموية التي تهدف إلى تحسين القطاع الزراعي وتعزيز التنمية المستدامة في سوريا. في أول تصريح له بعد تعيينه وزيرا للزراعة، أكد بدر على ضرورة الاستفادة القصوى من التنوع البيئي لتحقيق الأمن الغذائي، وهو ما يتماشى مع الأهداف العامة للحكومة الجديدة في تعزيز الإنتاج الزراعي المحلي.
البعد السياسي لتعيين أمجد بدر
يكتسب تعيين أمجد بدر أهمية خاصة على الصعيد السياسي، حيث ينتمي بدر إلى الطائفة الدرزية التي تعد مكونا مهما في التركيبة الاجتماعية والسياسية لسوريا، وخاصة في محافظة السويداء. علاوة على ذلك، تربط بدر علاقات قرابة ومصاهرة مع عائلة شيخ العقل يوسف جربوع، أحد أبرز الزعماء الروحيين للطائفة الدرزية في سوريا، مما يضيف إلى تعيينه زخما إضافيا في الشارع الدرزي.
يبدو أن الرئيس أحمد الشرع يراهن على تأثير بدر داخل المجتمع الدرزي لتحقيق أهدافه السياسية، بما في ذلك كسب دعم هذه الطائفة للخطوات الحكومية الجديدة. ويعكس تعيين بدر سعي الشرع إلى بناء حكومة جامعة تمثل مختلف مكونات المجتمع السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد، كما يعكس تأكيده على بناء دولة حديثة تقوم على الشفافية والمساءلة.
استراتيجية “المال السياسي والإغاثي”
تشير التحليلات إلى أن الرئيس الشرع قد يعتمد على أمجد بدر لتطبيق استراتيجية سياسية مبنية على “المال السياسي والإغاثي” بهدف كسب دعم المجتمع الدرزي. ومن خلال منصب بدر كوزير للزراعة، يمكن توجيه الدعم والمشاريع التنموية إلى المناطق ذات الأغلبية الدرزية، مثل السويداء، مما يعزز من شرعية الحكومة ويزيد من تأييد هذه الطائفة لها.
هذه الاستراتيجية ترتكز على تقديم الدعم المالي والإغاثي للمجتمع الدرزي، عبر القنوات المختلفة مثل التبرعات والتمويل الدولي. ويبدو أن الشرع يستغل هذه الفرصة للحصول على دعم من مختلف الأطراف الدولية، بما في ذلك الدول الغربية التي قد تدعم حكومة تمثل مكونات متعددة.
المال السياسي والاغاثي: سلاح ذو حدين
ورغم أن استخدام “المال السياسي والإغاثي” قد يبدو وسيلة فعالة لكسب التأييد، فإنه يحمل مخاطر كبيرة. قد يؤدي التوزيع غير العادل للأموال إلى فقدان الثقة بين المواطنين في المنطقة، وهو ما حدث في الماضي مع المال الإغاثي الموجه إلى السويداء، حيث وجهت اتهامات بتقاسم الأموال بين مشيخة العقل ونظام الأسد، مما ساهم في تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة.
إعادة تدوير نفس الأشخاص: سياسة الشرع الفاشلة؟
رغم أن الرئيس الشرع يعتقد أنه يلعب بشكل حكيم على الأوتار السياسية من خلال تحالفاته مع مختلف القوى الإقليمية والمحلية، فإن الاستمرار في استخدام نفس الشخصيات في المناصب قد يكون له تأثير عكسي. أمجد بدر، على الرغم من كفاءته المهنية، يظل جزءا من النخبة السياسية القديمة، والتي قد تفتقر إلى القدرة على التكيف مع التغيرات الجذرية في المجتمع السوري.
يتزامن تعيين بدر مع تصاعد مشاعر الاستياء بين أبناء الطائفة الدرزية، الذين قد يرون في هذا التعيين محاولة لتوظيفهم في تحقيق مصالح سياسية ضيقة، بينما تظل احتياجاتهم الأساسية دون حل. وقد يكون هذا الوضع بمثابة اختبار حقيقي للشرع في قدرته على إدارة الأزمات المحلية.
الدور القطري والتورط في الجرائم
في الوقت نفسه، يظهر دور بعض الأطراف الإقليمية، مثل قطر، في دعم الشرع خلال سنوات الحرب السورية، والذي يمكن أن يشكل تحديا له مستقبلا. خاصة أن العلاقات مع بعض الجماعات المسلحة مثل جبهة النصرة قد تعقد الأمور أكثر، مما يعرض الشرع لضغوط دولية كبيرة قد تؤثر على موقفه الداخلي والخارجي.