التصعيد الأمريكي الإيراني: تهديدات ترامب بالقصف ورد خامنئي القوي
ينتظر الرئيس الأمريكي الضوءالأخضر من الكونغرس الأمريكي بشقيه بمجلس النواب والشيوخ للحصول على صلاحيات شن عمليات عسكرية ضد إيران وخلال الساعات الماضية هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقصف إيران عسكريا في حال عدم التوصل إلى اتفاق جديد مع طهران بشان البرنامج النووي الإيراني. فيما رد المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم الإثنين 31 مارس، بأنه إيران لاتخشى أي قوة عسكرية خارجية وسترد بالمثل على استخدام القوة ضد طهران. في الساعات الماضية، مع تبادل تهديدات مباشرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمرشد الإيراني علي خامنئي، على خلفية البرنامج النووي الإيراني. وفي الوقت الذي لا تشير فيه المعلومات المتاحة إلى انتظار ترامب موافقة الكونجرس الأمريكي لشن عمليات عسكرية ضد إيران، بل على العكس يُظهر تاريخه اتخاذ قرارات عسكرية دون موافقة مسبقة من الكونجرس.
تهديدات ترامب: “سيكون قصفاً لم يروا مثله من قبل”
في تصعيد واضح للهجة الأمريكية تجاه إيران، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مقابلة مع شبكة (إن بي سي) يوم الأحد 30 مارس بقصف إيران إذا لم تتوصل إلى اتفاق مع واشنطن بشأن برنامجها النووي. وقال ترامب بلهجة حادة: “إذا لم يقوموا بعقد صفقة، فسيكون هناك قصف. سيكون قصفاً لم يروا مثله من قبل”.
ولم يكتف ترامب بالتهديد العسكري، بل هدد أيضاً بفرض ما أسماه “رسوماً جمركية ثانوية” على إيران كعقوبة إضافية في حال عدم الاستجابة لمطالبه. وتعكس هذه التصريحات تشدداً في موقف ترامب بعد تصريح سابق قال فيه إن “أموراً سيئة للغاية ستحدث لإيران” إذا رفضت التفاوض.
ولم يتضح من تصريحات ترامب ما إذا كان يهدد بقصف إيران بطائرات أمريكية فقط أو في عملية يتم تنسيقها مع إسرائيل، خاصة في ظل تصريحات لوزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الذي أكد أن “من أجل وقف البرنامج النووي الإيراني قبل أن يصبح سلاحاً، يجب أن يكون هناك على الطاولة خيار عسكري موثوق به”.
رسالة ترامب إلى خامنئي والمهلة المحددة
كشفت مصادر إعلامية أن ترامب بعث برسالة إلى المرشد الإيراني في بداية شهر مارس الجاري يقترح فيها إجراء محادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني. وحسب ما نشره موقع أكسيوس، فقد حملت الرسالة نبرة حادة وحددت مهلة مدتها شهران للتوصل إلى اتفاق نووي جديد.
وشدد ترامب في رسالته على ضرورة تقييد البرنامج الصاروخي الإيراني وتقليص دعم طهران للجماعات المسلحة في المنطقة. وقد أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن طهران ردت على رسالة ترامب “بالشكل المناسب عبر سلطنة عمان”.
رد المرشد الإيراني: “سنرد بضربة قوية”
في أول رد رسمي على تهديدات ترامب، حذر المرشد الإيراني علي خامنئي في كلمة له عقب أداء صلاة عيد الفطر اليوم الإثنين 31 مارس 2025، من أن أي “اعتداء خارجي” سيواجه برد قوي من إيران.
وقال خامنئي في مصلى طهران: “يهددون بأنهم سيرتكبون أعمالاً عدائية. نحن لسنا متأكدين كثيراً، ولا نرجح بشدة أن يتم تنفيذ اعتداء خارجي، ولكن إذا حدث ذلك، فسيكون ردنا قوياً بلا شك”. وأضاف: “إذا كان الأعداء يخططون لإثارة فتنة داخل البلاد، فإن الشعب الإيراني هو من سيتولى الردّ عليهم”.
وأكد خامنئي استمرار السياسة الخارجية الإيرانية قائلاً: “ليعلم الجميع أن مواقفنا هي ذاتها التي كانت، كما أن عداء أميركا والكيان الصهيوني لا يزال كما كان”. وجدد نفيه امتلاك إيران لأي قوات بالوكالة، معتبراً أن “القوة الوحيدة بالوكالة في المنطقة هي إسرائيل، التي تعتدي على الدول نيابة عن القوى الاستعمارية”.
الموقف الإيراني من المفاوضات
صرح الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يوم الأحد 30 مارس أن إيران لن تنخرط في محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة في الوقت الحالي، لكنه لم يستبعد التفاوض غير المباشر من خلال الوسطاء العمانيين.
وأكد الرئيس الإيراني أن مسؤولية إعادة بناء الثقة تقع على عاتق الولايات المتحدة، بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي بشكل أحادي في عام 2018. وتبدي طهران شكوكاً عميقة تجاه الإدارة الأمريكية بسبب هذا الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم في 2015.
تحركات عسكرية أمريكية
في خطوة تصعيدية، أرسلت الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة عدة قاذفات من طراز B-2 الشبح إلى قاعدة دييغو غارسيا العسكرية في المحيط الهندي، في نشر عسكري وصفه مسؤول أمريكي بأنه “غير منفصل” عن مهلة الشهرين التي حددها ترامب.
وفي المقابل، أفادت صحيفة طهران تايمز المقربة من النظام الإيراني في تقرير لها يوم 30 مارس، بأن الصواريخ التابعة للجمهورية الإسلامية نُصبت على قواذفها في جميع المدن الصاروخية تحت الأرض وهي جاهزة للإطلاق.
هل يحتاج ترامب إلى موافقة الكونجرس؟
على الرغم من الادعاء المذكور في السؤال بأن ترامب ينتظر الضوء الأخضر من الكونجرس الأمريكي، فإن المعلومات المتاحة لا تؤكد ذلك، بل تشير إلى عكسه.
ففي سابقة تاريخية تعود إلى عام 2019، رد ترامب على دعوات للحصول على موافقة الكونجرس للعمليات العسكرية المستقبلية ضد إيران قائلاً إن “تغريداته ستكون بمثابة إخطار للكونجرس الأمريكي” في حال قرر ضرب إيران.
وكان ذلك في أعقاب اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في بغداد، حيث قاد الديمقراطيون انتقادات لترامب لعدم إبلاغهم مسبقاً بالعملية. وقال ترامب حينها: “هذه المنشورات الإعلامية تكون بمثابة إخطار للكونجرس الأميركيّ بأنّه إذا ما أقدمت إيران على ضرب أيّ شخص أو هدف أميركيّ، فإنّ الولايات المتحدة في المقابل ستضرب بسرعةٍ وبقوّة كاملة، وربما بطريقةٍ غير متناسبة”.
تصاعد المخاوف من التسلح النووي الإيراني
يأتي هذا التصعيد في ظل تقارير تشير إلى أن إيران قد تكون على بعد أسابيع فقط من إنتاج سلاح نووي قابل للاستخدام، على الرغم من نفي طهران المستمر لنيتها تصنيع سلاح نووي.
وخلال ولايته الأولى، انسحب ترامب في 2018 من الاتفاق النووي الدولي المبرم مع إيران في 2015، وهو ما أدى إلى تدهور العلاقات بين البلدين وتسارع وتيرة برنامج إيران النووي.
يشهد الوضع بين الولايات المتحدة وإيران تصعيداً خطيراً مع تبادل التهديدات العلنية بين ترامب وخامنئي. وعلى الرغم من الحديث عن مسار دبلوماسي محتمل عبر وساطة عُمانية، فإن الخيار العسكري يبدو أقرب من أي وقت مضى في ظل المهلة المحددة من قبل ترامب والرفض الإيراني للدخول في مفاوضات مباشرة تحت الضغط.
وبينما لا توجد مؤشرات على أن ترامب ينتظر موافقة الكونجرس لشن عمليات عسكرية ضد إيران، فإن الساعات والأيام المقبلة قد تشهد تطورات مهمة في هذا الملف المتفجر، سواء باتجاه التهدئة أو مزيد من التصعيد.