إيران ترفع حالة التأهب العسكري وتجهز منصات الصواريخ رداً على تهديدات ترامب بالقصف
تشهد العلاقات الأمريكية الإيرانية تصعيداً غير مسبوق في الأيام الأخيرة بعد تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقصف إيران إذا لم تتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي. وفي خضم هذه التوترات، كشفت مصادر إعلامية أن طهران رفعت حالة التأهب في قواتها العسكرية وقامت بتجهيز منصات إطلاق الصواريخ في مختلف أنحاء البلاد، تحسباً لأي هجوم محتمل، بينما تستعد القيادة العليا الإيرانية لاتخاذ قرارات حاسمة في مواجهة التهديدات الأمريكية والإسرائيلية.
تهديدات ترامب بقصف إيران وفرض عقوبات اقتصادية
صعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من حدة التوتر مع إيران بتصريحات غير مسبوقة عندما هدد يوم الأحد (30 مارس 2025) بـ”قصف” إيران في حال عدم توصلها إلى اتفاق مع واشنطن بشأن برنامجها النووي. وأكد ترامب خلال مقابلة هاتفية مع شبكة “إن بي سي” أنه “إذا لم يوقعوا (الإيرانيون) اتفاقاً، سيكون هناك قصف. سيكون قصفاً لم يشهدوا مثله من قبل”، مضيفاً أن البديل الآخر قد يكون فرض رسوم جمركية ثانوية على إيران كما فعل قبل أربع سنوات.
وتعكس هذه التصريحات تصعيداً في الموقف الأمريكي، حيث سبق لترامب أن قال قبل أيام قليلة إنه إذا رفضت طهران التفاوض على اتفاق نووي جديد، “فستحدث لإيران أمور سيئة للغاية”. ولم يتضح ما إذا كان ترامب يهدد بقصف إيران بطائرات أمريكية فقط أو في عملية يتم تنسيقها مع إسرائيل.
كشف ترامب مطلع الشهر الجاري أنه بعث برسالة يقترح فيها إجراء محادثات بشأن اتفاق جديد مع إيران، مع استمراره في تبني سياسة “الضغط القصوى” التي تتضمن فرض عقوبات إضافية. ويأتي هذا بعد أن كانت الولايات المتحدة قد انسحبت في عام 2018 خلال ولاية ترامب الأولى من الاتفاق النووي الدولي المبرم مع إيران في عام 2015.
إيران تجهز منصات صواريخها تحسباً لأي هجوم محتمل
في ردٍ على التهديدات الأمريكية، نقلت وكالات إعلامية عن مصادر إيرانية أن طهران قامت بتجهيز منصات صواريخها في مختلف أنحاء البلاد استعداداً للرد على أي تصعيد أمريكي محتمل. وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “طهران تايمز”، فإن “الصواريخ الإيرانية قد تم تحميلها في منصات الإطلاق في جميع المدن التي تضم قواعد تحت الأرض وهي جاهزة للإطلاق. وإن فتح صندوق باندورا (صندوق الشرور) سيكلف الحكومة الأمريكية وحلفاءها ثمناً باهظاً”.
ونقلت صحيفة “تلغراف” البريطانية عن مسؤول عسكري إيراني رفيع لم تسمه، أن طهران مستعدة لضرب القاعدة الأمريكية “دييغو غارسيا” في المحيط الهندي في حال تعرضها لهجوم أمريكي. كما كشفت الصحيفة أن إيران وضعت أنظمتها الدفاعية حول مواقعها النووية في حالة تأهب قصوى، وتعمل على تعزيز الدفاعات حول المواقع النووية والصاروخية الرئيسية، والتي تشمل نشر منصات إطلاق إضافية لأنظمة الدفاع الجوي.
إيران في حالة تأهب قصوى خشية هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية
أفادت “تلغراف” أن إيران تخشى أن يكون الهجوم الإسرائيلي وشيكاً بدعم من ترامب، الذي دعا إسرائيل إلى ضرب المنشآت النووية الإيرانية. ونقلت الصحيفة عن مصادر إيرانية قولها: “إن السلطات الإيرانية تنتظر الهجوم وتتوقعه كل ليلة، وكل شيء في حالة تأهب قصوى، حتى في المواقع التي لا أحد يعرف عنها شيئاً”.
وأضافت المصادر أن “أعمال تحصين المواقع النووية مستمرة منذ سنوات، لكنها تكثفت خلال العام الماضي، وبخاصة منذ أن شنت إسرائيل الهجوم الأول”، مشيرة إلى أن “التطورات الأخيرة بما في ذلك تصريحات ترامب، والتقارير حول الخطط المحتملة لإدارته لضرب إيران أدت إلى تكثيف الأنشطة بشكل أكبر”.
تأتي هذه التعزيزات الدفاعية الإيرانية بعد تحذيرات من أجهزة الاستخبارات الأمريكية لإدارتي الرئيس جو بايدن ودونالد ترامب، تفيد بأن “إسرائيل من المرجح أن تستهدف مواقع نووية إيرانية رئيسية هذا العام”.
الرئيس الإيراني يرفض المفاوضات المباشرة ويؤكد انفتاح الحوار عبر وساطات
في سياق متصل، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن طهران رفضت في ردها على رسالة ترامب إجراء مفاوضات مباشرة بشأن البرنامج النووي، مشيراً إلى أن نافذة الحوار مفتوحة فقط عبر وساطة دول ثالثة. ويأتي هذا الموقف بعد أن أعلن ترامب في بداية مارس الجاري أنه أرسل رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، أعرب فيها عن تفضيله التوصل إلى اتفاق مع طهران حول الملف النووي.
وكان الرئيس الأمريكي قد أشار إلى أن واشنطن تدرس خيارين لحل الأزمة النووية الإيرانية: العسكري أو الدبلوماسي، مؤكداً أنه يفضل التفاوض. في المقابل، يقول محللون إن إيران قد تكون على بعد أسابيع فقط من إنتاج سلاح نووي قابل للاستخدام، رغم نفي طهران قيامها بتصنيع سلاح نووي.
إيران تسعى لتعزيز قدراتها الدفاعية وسط المخاوف من ضربة عسكرية
في ظل تزايد المخاوف من هجوم محتمل، كشفت التقارير أن إيران طورت محلياً نظام دفاع جوي، كما حصلت على صواريخ (إس-300) الروسية لحماية مواقعها النووية، لكن من غير المعتقد أن هذه المنظومة قوية بما يكفي لحمايتها من الأسلحة الإسرائيلية المتطورة؛ مما دفع طهران إلى الضغط على روسيا لتسريع تسليم أنظمة صواريخ (إس-400).
وفي إشارة إلى قلق إيران من قدرتها على مواجهة هجوم واسع النطاق، اعترف مسؤول إيراني، وفقاً لصحيفة “تلغراف”، بأن “أي ضربة كبيرة قد تجعل إيران عرضة للخطر في مواجهة أنظمتها الدفاعية التي ضعفت بشدة بسبب الضربات الإسرائيلية العام الماضي”، مضيفاً أنه “تم نشر منصات إطلاق عدة إضافية لأنظمة الدفاع الجوي، ولكن هناك تفاهم على أنها قد لا تكون فعالة في حالة وقوع ضربة واسعة النطاق”.
مواقف إسرائيلية داعمة للخيار العسكري ضد إيران
من جانبه، صرح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في مقابلة مع موقع بوليتيكو أواخر الشهر الماضي، بأنه “من أجل وقف البرنامج النووي الإيراني قبل أن يصبح سلاحاً، يجب أن يكون هناك على الطاولة خيار عسكري موثوق به”. وتأتي هذه التصريحات في سياق تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، وسط مخاوف دولية من اندلاع مواجهة عسكرية تهدد استقرار المنطقة.
المنطقة على صفيح ساخن وترقب دولي للتطورات
مع تصاعد حدة التهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة وإيران، واستعدادات طهران العسكرية، تبدو المنطقة على شفا مواجهة عسكرية غير مسبوقة. وفي ظل رفض إيران إجراء مفاوضات مباشرة مع واشنطن، وإصرار الرئيس الأمريكي على ضرورة التوصل إلى اتفاق جديد بشأن البرنامج النووي الإيراني، تبقى جميع الاحتمالات مفتوحة، بما فيها التصعيد العسكري أو الانفراج الدبلوماسي عبر وساطات دول ثالثة.
يراقب المجتمع الدولي عن كثب هذه التطورات، خاصة مع المخاوف من أن تؤدي أي مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران إلى اشتعال المنطقة بأكملها، في وقت تشهد فيه صراعات متعددة وتوترات سياسية واقتصادية. وتبقى الساعات والأيام القادمة حاسمة في تحديد مسار الأزمة الراهنة ومستقبل العلاقات الأمريكية الإيرانية.