خريطة دارفور الجديدة تثير الجدل في السودان
أثار حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي موجة واسعة من الجدل والنقاش السياسي في السودان بعد نشره خريطة جديدة لإقليم دارفور خلال كلمة ألقاها بمناسبة عيد الفطر. الخريطة المثيرة للجدل ضمت نصف الولاية الشمالية إلى إقليم دارفور، وألغت حدود الولاية الشمالية مع ليبيا، وجعلت نصف حدود الشمالية مع مصر تتبع رسمياً لدارفور.
وأكدت مصادر مطلعة أن هذه الخريطة قد تمت إجازتها والموافقة عليها من مجلس السيادة وأصبحت رسمية اعتباراً من مطلع العام الجاري، مما أثار استياء واسعاً في أوساط النخبة الشمالية التي اعترضت على تعديل الحدود دون الرجوع إلى الشعب السوداني.
تظهر الخريطة الجديدة التي نشرها مني أركو مناوي تغييرات جذرية في الحدود الإدارية بين إقليم دارفور والولاية الشمالية. فقد ضمت الخريطة نصف الولاية الشمالية لإقليم دارفور في خطوة غير مسبوقة، وألغت الحدود التقليدية للولاية الشمالية مع ليبيا لتصبح جزءاً من إقليم دارفور. كما أظهرت الخريطة أن نصف حدود الولاية الشمالية مع مصر باتت تتبع رسمياً لإقليم دارفور، مما يعني توسعاً جغرافياً كبيراً لنفوذ الإقليم الذي يحكمه مناوي.
هذه التغييرات تمثل تحولاً كبيراً في الخارطة الإدارية للسودان، خاصة أن المناطق الحدودية المتنازع عليها غالباً ما تكون ذات أهمية استراتيجية واقتصادية. فالمناطق الحدودية مع مصر وليبيا تحتوي على طرق تجارية مهمة وموارد طبيعية محتملة قد تكون وراء الرغبة في السيطرة عليها.
وفقاً للمصادر، فإن الخريطة الجديدة تمت إجازتها والموافقة عليها من مجلس السيادة السوداني، مما يعطيها الصفة الرسمية اعتباراً من بداية عام 2025. وقد دافع نور الدائم طه، عضو حركة تحرير السودان، عن هذه التغييرات مؤكداً أنها جاءت تنفيذًا لاتفاق السلام الموقع في جوبا. وأضاف طه أنه لا يحق لأي أحد الاعتراض على هذه التعديلات لأنها أصبحت أمراً واقعاً بموجب الاتفاقيات السياسية.
يرتبط هذا التغيير بشكل وثيق باتفاق جوبا للسلام الذي نص على إعادة ترسيم حدود بعض الأقاليم في السودان كجزء من جهود تحقيق السلام وإنهاء النزاعات المسلحة في دارفور ومناطق أخرى. غير أن النقاد يشيرون إلى أن التغييرات الحدودية يجب أن تخضع لاستفتاء شعبي أو على الأقل لنقاش مجتمعي واسع، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة.
أثارت الخريطة الجديدة جدلاً واسعاً وخلافات حادة في الأوساط السياسية والشعبية، خاصة بين النخبة الشمالية التي عبرت عن غضبها الشديد من هذه التغييرات. وتتمحور اعتراضات هذه النخبة حول الطريقة التي تم بها تعديل الحدود، إذ يرون أن مثل هذه التغييرات الجذرية في الخريطة الإدارية للبلاد تستوجب مشاورات شعبية واسعة وربما استفتاء شعبي، وليس قرارات فوقية من السلطة التنفيذية.
ويرى المعترضون أن هذه التغييرات تؤثر على هوية المناطق وتاريخها وتراثها الثقافي، وقد تؤدي إلى توترات قبلية وإثنية في منطقة تعاني أصلاً من صراعات معقدة. كما أن التعديلات الحدودية قد تكون لها تبعات اقتصادية على سكان المناطق المتأثرة، خاصة فيما يتعلق بحقوق ملكية الأراضي واستغلال الموارد الطبيعية.