في خطوة تهدف إلى تهدئة التوترات السياسية المتصاعدة في جنوب السودان، تدخل رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود يوسف علي، بعد الكشف عن فشل مهمة المبعوث الكيني رايلا أودينغا في لقاء النائب الأول لرئيس الجمهورية، د. ريك مشار، الذي يخضع للإقامة الجبرية.
أجرى محمود يوسف علي محادثات مباشرة مع الرئيس سلفا كير ميارديت، حيث تم تناول آخر التطورات السياسية في البلاد. وأوضح البيان أن المحادثات كانت ودية وركزت على أهمية تعزيز الحوار السياسي بين الأطراف المتنازعة في البلاد كوسيلة لخفض التوترات ومعالجة القضايا العالقة.
وأشار البيان إلى أن الحوار بين الرئيس سلفا كير ورئيس المفوضية الأفريقية تناول أيضًا العنف الأخير في منطقة الناصر بولاية أعالي النيل، والذي أدى إلى مقتل جنرال وأكثر من عشرة أفراد، ما زاد من تعقيد الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد.
إرسال وفد رفيع المستوى من لجنة حكماء الاتحاد الأفريقي
في إطار جهوده لتسهيل عملية الوساطة، أعلن محمود يوسف علي عن إرسال وفد رفيع المستوى من لجنة حكماء الاتحاد الأفريقي إلى جوبا. هدف هذه الخطوة هو التفاعل مع جميع الأطراف المعنية في الأزمة وتعزيز الحوار السياسي بينهما، من أجل تهدئة التوترات وتحقيق استقرار أكبر. ولم يُعلن عن هوية أعضاء اللجنة، لكن الاتحاد الأفريقي أكد على أن هذا التدخل يأتي في سياق دعمه لتنفيذ اتفاق السلام المُنشط الذي تم توقيعه في 2018.
دعوة للالتزام باتفاق السلام المُنشط
دعا الاتحاد الأفريقي جميع الأطراف في جنوب السودان إلى الالتزام التام بأحكام اتفاق السلام المُنشط الذي وقع في 12 سبتمبر 2018، مشددًا على أن تنفيذ الاتفاق بشكل كامل هو السبيل الوحيد لضمان استقرار البلاد وتحقيق عملية سلام دائمة.
اعتقال ريك مشار وتصاعد التوترات
يأتي تدخل الاتحاد الأفريقي بعد فشل مهمة رايلا أودينغا، المبعوث الخاص للرئيس الكيني ويليام روتو، الذي تم تعيينه للمساعدة في وساطة الأزمة. حيث تم منع أودينغا من لقاء د. ريك مشار، النائب الأول لرئيس الجمهورية، الذي تم وضعه قيد الإقامة الجبرية في جوبا يوم الأربعاء الماضي.
وبحسب المصادر، اقتحم موكب مكون من 20 مركبة مدججة بالسلاح منزل ريك مشار في جوبا، حيث تم اعتقاله ونزع سلاح حراسه الشخصيين. ويُعتقد أن وضعه قيد الإقامة الجبرية جاء في إطار التحقيقات الجارية بشأن مقتل الجنرال ماجور داك وأكثر من عشرة أشخاص آخرين في منطقة الناصر بولاية أعالي النيل.
محادثة أودينغا مع الرئيس كير
في تصريحاته للصحافة، أشار أودينغا إلى أنه تحدث مع الرئيس سلفا كير، الذي أخبره بأن التحقيقات جارية في مقتل الجنرال داك وعدد من الأشخاص في الناصر. وأوضح أودينغا أن الحكومة في جوبا قد أبلغته بأن الإقامة الجبرية كانت ضرورية من أجل إجراء التحقيقات.
اجتماع أودينغا مع الرئيس موسيفيني
في تطور لاحق، غادر أودينغا جوبا إلى عنتيبي في أوغندا حيث التقى الرئيس يويري موسيفيني لمناقشة تطورات الوضع في جنوب السودان. ويأتي هذا الاجتماع في إطار جهود إقليمية لتسوية الأزمة السياسية وتعزيز التعاون بين دول الجوار لدعم عملية السلام في جنوب السودان.
التدخل الإقليمي والآمال في الحل
يُنظر إلى تدخل رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وإرسال لجنة حكماء الاتحاد الأفريقي إلى جوبا كخطوة مهمة قد تسهم في تهدئة الأوضاع السياسية في جنوب السودان. ورغم التوترات المستمرة، يبقى الأمل قائمًا في إمكانية التوصل إلى حلول توافقية بين الأطراف المتنازعة، وهو ما يساهم في تجنب تصعيد الأزمة.
ويُظهر هذا التطور حجم التحديات التي يواجهها جنوب السودان في طريقه نحو تحقيق الاستقرار السياسي وتنفيذ اتفاق السلام المُنشط. مع تزايد المخاوف من تداعيات الأزمة على عملية السلام والانتقال السياسي، يبقى الاتحاد الأفريقي وأطراف إقليمية أخرى في موقف حاسم لدعم الجهود الرامية إلى استعادة السلام والاستقرار في البلاد.