الدولار الأمريكي يسجل أكبر تراجع منذ نوفمبر 2022 وسط عاصفة الرسوم الجمركية
شهدت الأسواق العالمية يوم الخميس 3 أبريل 2025 زلزالاً مالياً غير مسبوق، حيث انهار الدولار الأمريكي بأكبر وتيرة يومية منذ نوفمبر 2022، متخلياً عن كل المكاسب التي حققها منذ فوز الرئيس دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية. وفقاً لمؤشر بلومبرغ الفوري، هبطت العملة الأمريكية 2.1% في أكبر تراجع يومي منذ إطلاق المؤشر عام 2005، وسط مخاوف متصاعدة من تداعيات الموجة الجديدة من الرسوم الجمركية التي أعلنها البيت الأبيض.
تفاصيل العاصفة المالية غير المسبوقة
سجل الدولار الأمريكي تراجعاً قياسياً أمام جميع عملات مجموعة العشر الكبرى، حيث خسر 1.5% أمام سلة العملات الرئيسية وفق مؤشر بلومبرغ، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ منتصف أكتوبر 2024. وبلغ الانخفاض ذروته عند تداولات الخميس مع إعلان البيت الأبيض عن حزمة رسوم جمركية شاملة تشمل سلعاً بقيمة 300 مليار دولار، في خطوة وصفت بأنها “الأكثر عدوانية” في تاريخ السياسات التجارية الأمريكية.
مؤشرات السوق تكشف صدمة المتداولين
أظهرت بيانات لجنة تداول العقود الآجلة للسلع الأساسية انخفاضاً حاداً في المراهنات الصعودية على الدولار، حيث قلص المضاربون مراهناتهم لسبعة أسابيع متتالية، وهو الأدنى منذ أكتوبر 2024. وتعكس هذه التحولات تحولاً جذرياً في توقعات السوق، خاصة مع ارتفاع اليورو 4.6% والكرونة السويدية 7% خلال الأسبوع نفسه.
الرسوم الجمركية.. القشة التي قصمت ظهر العملة
تشير تحليلات خبراء “جيه بي مورغان” إلى أن الإجراءات الحمائية الأخيرة شكلت نقطة تحول في سياسات وول ستريت، حيث بدأ المستثمرون في التخلي عن العملة الأمريكية بشكل استراتيجي للمرة الأولى منذ أكثر من عام.وتعليقاً على هذه التطورات، صرحت ليا تراوب من “لورد أبيت آند كو”: “نظام الرسوم هذا يهدد مصداقية الاقتصاد الأمريكي، وسيدفع المستثمرين للابتعاد عن الأسواق الأمريكية”.
تداعيات متتالية على السندات والأسهم
لم تقتصر الصدمة على سوق العملات، حيث انخفضت عوائد السندات الحكومية الأمريكية لمدة 10 سنوات بنسبة 0.25 نقطة مئوية، بينما تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 3.1% خلال جلسة واحدة. ويرى المحلل إلياس حداد من “برون براذرز هاريمان” أن “محاولات الفيدرالي لموازنة مكافحة التضخم مع الحفاظ على النمو أصبحت أشبه بالمستحيل”.
مستقبل السياسة النقدية الأمريكية على المحك
أعادت هذه التطورات الجذرية تشكيل توقعات أسعار الفائدة، حيث يتوقع 68% من المشاركين في استطلاع بلومبرغ الآن خفضاً أكبر مما كان متوقعاً لدعم النمو. وتتعارض هذه التوقعات مع سياسات البنك المركزي الأوروبي التي بدأت تشهد تحولاً نحو التشديد النقدي، مما يزيد من جاذبية اليورو كبديل للدولار.
سيناريوهات متوقعة لمسارات التعافي
تشير نماذج محاكاة بنك “ستيت ستريت” إلى ثلاثة سيناريوهات رئيسية: استمرار التراجع بنسبة 5-7% في حالة تصاعد الحرب التجارية، أو استقرار نسبي إذا تراجعت الإدارة الأمريكية عن بعض الإجراءات، أو انتعاش محدود في حال تدخل البنك المركزي الأوروبي لدعم السيولة العالمية.
تداعيات إقليمية وعالمية واسعة النطاق
بدأت موجات الصدمة تصل إلى الأسواق الناشئة، حيث شهدت العملات الآسيوية تحركات حادة مع توجه المستثمرين نحو الملاذات الآمنة مثل الين الياباني والفرنك السويسري.ومن المتوقع أن تشهد الصادرات الأمريكية تراجعاً بنسبة 2.5% خلال الربع الثاني وفق تقديرات غرفة التجارة الدولية، مما قد يزيد الضغط على الاحتياطي الفيدرالي لاتخاذ إجراءات غير تقليدية