تعيين شقيق الرئيس السوري في منصب رفيع: استمرار الحكم العائلي أم مرحلة انتقالية جديدة؟
شهدت المشهد السياسي السوري تطورًا لافتًا اليوم مع الإعلان عن تعيين الدكتور ماهر الشرع، شقيق الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، في منصب الأمين العام لرئاسة الجمهورية. يأتي هذا التعيين في أعقاب تشكيل حكومة جديدة نهاية مارس الماضي ضمت شخصيات مقربة من الرئيس، مما أثار تساؤلات حول استمرار نمط الحكم العائلي الذي ميز حقبة نظام الأسد، خاصة مع سقوط الأخير في ديسمبر 2024 بعد 53 عامًا من الهيمنة على السلطة.
خلفية تاريخية: عصر الأسد وسقوط النظام
حكمت عائلة الأسد سوريا لمدة 53 عامًا عبر نظام شمولي اعتمد على التوريث السياسي، بدءًا من حافظ الأسد عام 1971 مرورًا بابنه بشار الذي أطيح به عام 2024. اتسمت هذه الحقبة بتركيز السلطة في أيدي العائلة الحاكمة والمقربين منها، حيث شغل أفراد العائلة مناصب حساسة في الأجهزة الأمنية والعسكرية، وهو النموذج الذي ظل سائدًا حتى الانهيار الأخير للنظام.
المرحلة الانتقالية وحكومة الشرع
مع تولي أحمد الشرع السلطة في ديسمبر 2024، وعد ببناء “دولة قوية ومستقرة” من خلال حكومة انتقالية. إلا أن تشكيلته الحكومية الأخيرة التي أعلنها نهاية مارس 2025، والتي احتفظت بوزراء مقربين مثل أسعد الشيباني في الخارجية ومرهف أبو قصرة في الدفاع، أثارت تساؤلات حول مدى التغيير الحقيقي في بنية الحكم.
تفاصيل التعيين الجديد وخلفية ماهر الشرع
الدكتور ماهر الشرع المولود في دمشق عام 1973، يحمل شهادة دكتوراه في الطب بتخصص الجراحة النسائية وعلاج العقم، إلى جانب دبلوم في إدارة النظم الصحية. على الرغم من خلفيته الطبية، فإن تعيينه في منصب سياسي رفيع المستوى يطرح أسئلة حول معايير الاختيار، خاصة مع الإعلان عن تعيين رئيس المخابرات العامة أنس خطاب وزيرًا للداخلية في التشكيل الحكومي الأخير.
ردود الفعل والانتقادات
أثار التعيين الجديد جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية السورية، حيث يرى محللون أن اختيار شقيق الرئيس لمنصب حساس يعكس استمرارًا لثقافة المحسوبية التي ميزت النظام السابق. يذكر أن الرئيس الشرع كان قد وعد بقطع مع ممارسات الماضي خلال خطاب تنصيبه، مؤكدًا على “بناء مؤسسات دولة حديثة”.
المقارنات التاريخية وأنماط الحكم العائلي
تشير الوقائع التاريخية إلى أن ظاهرة التوريث السياسي لم تكن حكرًا على نظام الأسد في سوريا، حيث شهدت دول عربية أخرى محاولات مماثلة، لكن تجربة الأسد تبقى الأبرز من حيث المدة ودرجة السيطرة على مفاصل الدولة. الجدير بالذكر أن نظام الأسد اعتمد على تحالفات مع عائلات نافذة وطبقة أعمال موالية، شكلت معًا ما عرف بـ”المافيا الاقتصادية-الأمنية”.
التحديات المستقبلية للسلطة الانتقالية
تواجه الحكومة الجديدة تحديات جسيمة في إقناع الرأي العام بالتغيير الحقيقي، خاصة مع استمرار الأزمة الاقتصادية وتداعيات الحرب الأهلية. يحتاج الرئيس الشرع إلى إثبات أن تعيينات كهذه تستند إلى الكفاءة وليس الانتماء العائلي، في وقت تطالب فيه قطاعات واسعة بإصلاحات مؤسسية حقيقية.