البورصة المصرية تخسر 73 مليار جنيه مع ارتفاع سعر الدولار إلى ما فوق الـ51 جنيهاً
تراجعت مؤشرات البورصة المصرية بشكل حاد في ختام تعاملات اليوم الأحد 6 أبريل 2025، متأثرة بارتفاع سعر الدولار الذي تجاوز حاجز الـ51 جنيهاً وسط موجة بيعية قوية. وشهدت السوق خسائر كبيرة بلغت 73 مليار جنيه من رأس المال السوقي، متأثرة بقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على واردات بلاده من نحو 200 دولة بما فيها مصر.
انهيار جماعي للمؤشرات في أولى جلسات الأسبوع
سجل المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية “EGX30” هبوطاً حاداً بنسبة 3.34% في ختام جلسة اليوم، ليغلق عند مستوى 30639 نقطة، في أول جلسات الأسبوع وثاني جلسة بعد عيد الفطر المبارك. وطال الهبوط جميع المؤشرات الرئيسية، حيث تراجع مؤشر “EGX70” متساوي الأوزان للشركات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 4.84% ليصل إلى مستوى 8649 نقطة، بينما انخفض مؤشر “EGX100” متساوي الأوزان والأوسع نطاقاً بنسبة 4.58% مغلقاً عند مستوى 11941 نقطة.
وبدأت البورصة تعاملاتها صباح اليوم بتراجع أكثر حدة، حيث هبط المؤشر الرئيسي بنسبة 4% في الساعات الأولى من التداول، قبل أن ينجح في تقليص جانب من خسائره مع استمرار الجلسة. كما انخفض مؤشر الشريعة الإسلامية بنسبة 4.29% في مستهل التعاملات ليصل إلى 3180 نقطة.
خسائر ضخمة في القيمة السوقية
تكبد رأس المال السوقي للأسهم المقيدة بالبورصة المصرية خسارة فادحة بقيمة 73 مليار جنيه، حيث أغلق عند مستوى 2.167 تريليون جنيه، مقارنة بنحو 2.240 تريليون جنيه في ختام جلسة الخميس الماضي. وجاءت هذه الخسائر وسط حجم تداول بلغ 3.56 مليار جنيه في ختام جلسة اليوم.
واستمرت موجة البيع لتشمل غالبية الأسهم المتداولة، حيث انتهت تعاملات الشركات في السوق اليوم بارتفاع 8 أسهم فقط، مقابل انخفاض 181 سهماً، بينما لم تتغير أسعار 27 شركة. وقد اضطرت إدارة البورصة إلى إيقاف التداول على 11 سهماً لمدة 10 دقائق لتجاوزها نسبة الـ5% صعوداً أو هبوطاً خلال الجلسة.
ارتفاع حاد في سعر الدولار يتجاوز حاجز الـ51 جنيهاً
بالتزامن مع تراجع البورصة، قفز سعر الدولار في مصر بأكثر من 60 قرشاً مع بداية تعاملات الأسبوع، متخطياً حاجز 51 جنيهاً، مما زاد من الضغوط على أسواق المال المصرية. وسجل سعر الدولار في البنك الأهلي المصري (أكبر بنك في مصر) زيادة بنحو 62 قرشاً ليصل إلى 51.16 جنيه للشراء و51.26 جنيه للبيع، مقابل 50.54 جنيه للشراء و50.64 جنيه للبيع في بداية التعاملات.
وكان أعلى سعر للدولار خلال تعاملات اليوم في مصرف أبو ظبي الإسلامي، حيث وصل إلى 51.23 جنيه للشراء و51.33 جنيه للبيع. كما تجاوز سعر الدولار حاجز الـ51 جنيهاً في عدة بنوك أخرى، منها بنك SAIB الذي سجل 51.22 جنيه للشراء و51.32 جنيه للبيع، وبنك “العربي الدولي” و”البركة” حيث بلغ سعر الدولار 51.20 جنيه للشراء و51.30 جنيه للبيع.
أنماط تداول المستثمرين وتوزيع السيولة
تباينت تعاملات المستثمرين في البورصة المصرية خلال جلسة اليوم، حيث بلغت تعاملات المستثمرين المصريين صافي قيمة بيعية 131.7 مليون جنيه، بينما حققت تعاملات المستثمرين العرب والأجانب صافي قيم شرائية 86.2 مليون جنيه و45.4 مليون جنيه على الترتيب.
واستحوذت تعاملات المصريين على الجزء الأكبر من الجلسة بنسبة 91.67%، تلتها تعاملات العرب بنسبة 7.69%، ثم الأجانب بنسبة 0.64%. وقد بلغت قيمة التداول في منتصف الجلسة نحو 1.8 مليار جنيه، مع استمرار ضغوط البيع من قبل المتعاملين المصريين، في حين مالت تعاملات العرب والأجانب للشراء.
العوامل المؤثرة في تراجع الأسواق المالية المصرية
تأثير قرارات ترامب والرسوم الجمركية الجديدة
يأتي الانخفاض الحاد في البورصة المصرية متأثراً بشكل رئيسي بقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة واسعة النطاق على عشرات الدول، في إطار ما وصفه بـ”يوم التحرير” وعودة “العصر الذهبي” لأمريكا. وقد شملت الرسوم الجديدة نسبة 10% كحد أدنى على مصر، ضمن قائمة تضم دولاً عربية أخرى مثل السعودية والإمارات والكويت.
وقد أثرت هذه القرارات بشكل كبير على أسواق المال العالمية، مما انعكس سلباً على البورصة المصرية، وساهم في زيادة الضغوط على الجنيه المصري مقابل الدولار. وتشير التقارير إلى أن هذه الرسوم الجمركية الجديدة قد تؤثر على التجارة الخارجية لمصر، وتزيد من تكلفة الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة.
ترقب اجتماع البنك المركزي المصري
تتجه أنظار الأسواق المالية في مصر إلى الاجتماع المرتقب للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري خلال الشهر الجاري، وسط توقعات قوية بأن يتجه البنك نحو خفض أسعار الفائدة. وقد رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنحو 19% على مدار السنوات الثلاث الماضية، منها 8% خلال الربع الأول من عام 2024، قبل أن يقرر تثبيتها في الاجتماع الأخير للمرة السابعة على التوالي في فبراير الماضي عند أعلى مستوياتها 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض.
وتزيد حالة الترقب والحذر من الضغوط على أداء البورصة، حيث يعيد المستثمرون تقييم مراكزهم الاستثمارية في ظل احتمالية خفض أسعار الفائدة، مما قد يدفعهم إلى تبني مواقف دفاعية في انتظار وضوح الصورة.
توقعات مستقبلية لسعر الصرف والبورصة المصرية
توقعت شركة الأبحاث “فيتش سوليوشنز” أن يتأرجح سعر الصرف ما بين 50 و55 جنيهاً للدولار خلال 2025، مرجحة استمرار الضغوط على الجنيه خلال الربع الأول من العام نتيجة استحقاقات كبيرة لأذون الخزانة الأجنبية، والتي قد تؤثر سلباً على توازن السوق.
في المقابل، أشار بنك الاستثمار الأمريكي “غولدمان ساكس” إلى احتمالية ارتفاع تدريجي للجنيه في الفترة المقبلة، مدعوماً بإقبال محتمل من المستثمرين على أدوات الدين الحكومية، خاصة بعد تراجع المراكز الشرائية الأجنبية إلى حدود 10 مليارات دولار فقط.
ويرى محللون أن ما تشهده السوق حالياً هو انعكاس لحالة التوتر الاقتصادي محلياً وعالمياً، متوقعين استمرار التذبذب حتى تتضح رؤية السياسة النقدية الجديدة، خاصة في ظل توجه المستثمرين نحو أدوات الدين كبديل آمن مؤقت للاستثمار في الأسهم.