زلزال تاسي: هبوط قياسي للمؤشر السعودي بنسبة 6.8% في أكبر خسارة يومية منذ 2020
شهد سوق الأسهم السعودية “تاسي” يوم الأحد 6 أبريل 2025 انهياراً حاداً تحت ضغط مخاوف المستثمرين من تداعيات الحرب التجارية العالمية، حيث تراجع المؤشر بنسبة 6.8% مسجلاً خسائر هي الأكبر منذ جائحة كورونا. تكبدت البورصة السعودية خسائر تجاوزت نصف تريليون ريال من قيمتها السوقية في جلسة واحدة، بينما هوت أسهم الشركات القيادية بقيادة أرامكو ومصرف الراجحي والبنك الأهلي بنسب تراوحت بين 5% و7%، وذلك على خلفية الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما أثار مخاوف عالمية من اندلاع حرب تجارية شاملة بين أكبر اقتصادات العالم.
انهيار قياسي وخسائر فادحة
سجل مؤشر السوق المالية السعودية “تاسي” تراجعاً حاداً بمقدار 805 نقاط وبنسبة 6.8% في ختام تعاملات الأحد، ليغلق عند مستوى 11077 نقطة، مسجلاً أدنى إغلاق له منذ نوفمبر 2023. وتعد هذه الخسائر هي الأكبر من حيث النقاط منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، ومن حيث النسبة منذ مارس 2020 خلال ذروة أزمة جائحة كورونا.
بلغت قيمة التداولات الإجمالية في السوق نحو 8.4 مليار ريال، بحجم تداول بلغ 450.2 مليون سهم، مع ارتفاع سهم شركة واحدة فقط (وادة)، في حين تراجعت أسعار 252 سهماً. وتشير التقديرات إلى أن السوق فقدت أكثر من نصف تريليون ريال من قيمتها السوقية في هذه الجلسة وحدها.
ولم تقتصر الخسائر على الأسهم الصغيرة والمتوسطة، بل امتدت لتشمل جميع الأسهم القيادية والقطاعات الحيوية في السوق السعودية، ما يعكس حجم المخاوف التي تسيطر على المستثمرين حيال مستقبل الاقتصاد العالمي في ظل هذه التطورات.
خسائر الأسهم القيادية
شهدت الجلسة تراجعاً شبه جماعي للأسهم المتداولة، وخاصة الأسهم القيادية التي تمثل النسبة الأكبر من القيمة السوقية للسوق السعودية، حيث:
- تراجع سهم شركة أرامكو، أكبر شركة مدرجة في السوق، بنسبة 5.3% ليغلق عند 24.92 ريال (6.6 دولار)، متكبداً خسائر يومية تقدر بنحو 90 مليار دولار.
- هبط سهم مصرف الراجحي، أكبر مصرف إسلامي في المملكة، بنسبة 5.8% ليغلق عند 94.7 ريالاً.
- تراجع سهم البنك الأهلي السعودي، أكبر بنك في المملكة، بنسبة 6.8%.
- انخفض سهم بنك الأول بنسبة 8.9%، وسهم سابك بنسبة 2.8%.
في قطاع الاتصالات، هبط سهم شركة موبيلي (اتحاد اتصالات) بنسبة 8.5%، وتراجع سهم الاتصالات السعودية (stc) بنسبة 4.5%، بينما انخفض سهم شركة زين بنسبة 8.1%.
أما في قطاع المرافق، فقد تراجع سهم شركة أكوا باور بنسبة 8.8%، وهبط سهم الغاز بنسبة 6.5%، بينما انخفض سهم مرافق بنسبة 7.3%.
وسجل العديد من الأسهم هبوطاً بالنسبة القصوى المسموح بها، مثل بي إس إف، وأديس، وكيمانول، وسلوشنز، والعقارية، والكيميائية، والبحر الأحمر، وساسكو، وسينومي ريتيل، ومجموعة إم بي سي، والموارد، وبحر العرب، وأنابيب السعودية.
أسباب الانهيار: حرب الرسوم الجمركية
جاء هذا الانهيار الحاد في السوق السعودية على خلفية موجة بيع عالمية اجتاحت أسواق المال بعد دخول الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة حيز التنفيذ، في ظل تصعيد متبادل مع عدة دول حول العالم.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن عن فرض حد أدنى بنسبة 10% من الرسوم الجمركية على جميع الدول المصدّرة إلى الولايات المتحدة، بما فيها دول الخليج. كما تم فرض رسوم إضافية تتراوح بين 30% و41% على ست دول رئيسية، تشمل الصين واليابان ودولاً أوروبية.
وقد أدى ذلك إلى مخاوف في الأسواق بشأن مستقبل النظام التجاري العالمي، وإمكانية نشوب حرب تجارية عالمية قد تؤثر سلباً على النمو الاقتصادي العالمي وأسعار النفط، المصدر الرئيسي للدخل في المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى.
وقال ماجد الخالدي، المحلل المالي الأول لدى صحيفة “الاقتصادية”، إن موجة البيع التي تشهدها أسواق السلع والمال العالمية “تذكرنا بأيام كورونا”، مضيفاً أن نفسية المتعاملين ضعيفة، وهذا يظهر من خلال انخفاض السيولة المتداولة.
وأضاف الخالدي أن التراجع اليوم “أمر طبيعي بعد ما رأيناه في الأسواق خلال نهاية الأسبوع بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية والرد الصيني، بالإضافة إلى تراجع أسعار النفط”.
تأثير الانهيار على البورصات العربية الأخرى
لم تقتصر تداعيات الحرب التجارية على السوق السعودية فقط، بل امتدت لتطال باقي البورصات العربية، التي شهدت بدورها تراجعات حادة في جلسة الأحد.
بورصة الكويت
منيت بورصة الكويت بخسائر كبيرة، حيث أغلق مؤشر السوق الأول منخفضاً بنسبة 5.7% إلى 8106.1 نقاط.
وأغلقت الأسهم القيادية على انخفاض، ومنها سهم بيت التمويل الكويتي بواقع 5.5%، وبنك الكويت الوطني بنحو 7%، وبنك الخليج 5%، وبنك بوبيان 6.1%.
وقال رائد دياب، نائب رئيس أول قسم البحوث والاستراتيجيات في كامكو إنفست، إن السبب الرئيسي لهذا الهبوط هو الرسوم الجمركية الأمريكية والمخاوف المثارة عن تأثيرها غير المباشر على الكويت.
وأضاف دياب أن حالة الذعر هذه أوجدت رغبة في “التكييش” أو الإبقاء على السيولة لدى المتداولين لحين اتضاح الرؤية، واصفاً هذه الحالة “برد الفعل الطبيعي والمتوقع لحين وضوح الصورة”.
البورصة المصرية
تراجع مؤشر البورصة المصرية الرئيسي “إي جي إكس 30” بنسبة 3.34% إلى 30639.52 نقطة، ليفقد أكثر من 1000 نقطة.
وأعلنت إدارة البورصة المصرية إيقاف التداول على 11 سهماً لمدة 10 دقائق لتجاوزها نسبة الـ5% صعوداً أو هبوطاً خلال جلسة التداول.
بورصة قطر
تراجع مؤشر بورصة قطر بواقع 432.94 نقطة، أي بنسبة 4.23%، ليصل إلى مستوى 9800.01 نقطة، بضغط من سهم “صناعات قطر” الذي هوى بنسبة 8.2%.
وارتفعت في الجلسة أسهم شركة واحدة فقط، بينما انخفضت أسهم 52 شركة أخرى، وحافظت 3 شركات على سعر إغلاقها السابق. وبلغت رسملة السوق في نهاية جلسة التداول 575 ملياراً و413 مليوناً و173 ألفاً و853 ريالاً، مقابل 600 مليار و704 ملايين وألفين و913.641 ريالاً في الجلسة السابقة.
توقعات مستقبلية وتداعيات محتملة
يرى مراقبون أن التأثيرات المحتملة لسياسات ترامب التجارية لن تقتصر على فرض الرسوم فقط، بل قد تتسع لتشمل اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، وزيادة في أسعار المواد الخام، ما يعني أن التأثير سيكون عابراً للحدود ولن تستثنى منه أي دولة.
ورغم أن دول الخليج تخضع للحد الأدنى من الرسوم الجمركية (10%) مقارنة بالرسوم المفروضة على الصين واليابان وبعض الدول الأوروبية (30-41%)، إلا أن المخاوف من تأثير هذه الرسوم على الاقتصاد العالمي وبالتالي على الطلب على النفط تسبب قلقاً كبيراً للمستثمرين في المنطقة.