وصول طائرة C-5M Super Galaxy الأمريكية محملة بنظام “ثاد” الدفاعي إلى قاعدة نيفاتيم الإسرائيلية
وصلت طائرة نقل عسكرية أمريكية عملاقة من طراز C-5M Super Galaxy إلى قاعدة نيفاتيم الجوية في جنوب إسرائيل يوم السبت الموافق 5 أبريل 2025، حاملةً معدات دفاع صاروخي متطورة تشمل نظام “ثاد” (THAAD) ونظام باتريوت. هذه الخطوة تأتي في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والمخاوف المتزايدة بشأن البرنامج النووي الإيراني والتهديدات الصاروخية من الجماعات المدعومة من إيران في المنطقة، مما يعكس تعزيزاً للتعاون العسكري الأمريكي-الإسرائيلي في مجال الدفاع الجوي.
تفاصيل عملية النقل العسكري الأمريكية
هبطت طائرة C-5M Super Galaxy، إحدى أكبر طائرات النقل العسكري في العالم، في قاعدة نيفاتيم الجوية جنوب إسرائيل بالقرب من المنطقة التي تم فيها نشر نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي THAAD (Terminal High Altitude Area Defense) في صحراء النقب. وفقاً لتتبع الرحلات الجوية، أقلعت الطائرة من قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا، وعادت إلى نقطة انطلاقها بعد إتمام مهمتها.
تشير التقارير الإعلامية، وتحديداً قناة العربية، إلى أن الطائرة الأمريكية سلمت بطاريتي صواريخ باتريوت من طراز MIM-104 ونظام ثاد إضافي لتعزيز القدرات الدفاعية الإسرائيلية. هذه الخطوة تختلف عن عمليات النقل السابقة التي استخدمت فيها طائرات من طراز C-17، حيث تم اختيار طائرة C-5M Super Galaxy هذه المرة نظراً لقدرتها الفائقة على حمل معدات ثقيلة ومعقدة.
مواصفات طائرة C-5M Super Galaxy وقدراتها
تعتبر طائرة C-5M Super Galaxy تحفة هندسية عسكرية مصممة لنقل أثقل وأكثر المعدات العسكرية حساسية عبر مسافات شاسعة. صنعتها شركة لوكهيد مارتن، يبلغ طول هذه الناقلة الاستراتيجية 247 قدماً مع امتداد جناحين يصل إلى 223 قدماً تقريباً.
تعمل الطائرة بأربعة محركات من طراز General Electric TF39، تم تحديثها في نسخة C-5M إلى محركات F138-GE-100 الأكثر كفاءة، وتنتج قوة دفع مشتركة تتجاوز 200,000 رطل، مما يمكن الطائرة من حمل حمولة قصوى تبلغ حوالي 281,000 رطل – أي ما يعادل أكثر من 120 طناً.
تتميز الطائرة بمقصورة شحن ضخمة تبلغ أبعادها 121 قدماً طولاً و19 قدماً عرضاً و13.5 قدماً ارتفاعاً، مما يتيح لها استيعاب مجموعة متنوعة من المعدات العسكرية الثقيلة بدءاً من الدبابات والمروحيات وصولاً إلى مكونات الدفاع الصاروخي الحساسة. والميزة الفريدة للطائرة C-5M هي قدرتها على التحميل والتفريغ من المقدمة والذيل، مما يسهل عملية نقل المعدات الضخمة.
نظام “ثاد” الدفاعي: القدرات والمواصفات
يعد نظام “ثاد” (THAAD)، واختصاره يعني “الدفاع الجوي للمناطق عالية الارتفاع”، من أكثر منظومات الدفاع الجوي تطوراً في العالم. يستخدم هذا النظام لضمان أعلى مستوى من الحماية للقواعد الحساسة الأمريكية، واقتصر نشره على عدد محدود من الدول من بينها إسرائيل.
خصائص نظام ثاد وقدراته
نظام ثاد هو نظام دفاع صاروخي جوي للمناطق عالية الارتفاع، قابل للتنقل، مصمم لاعتراض الصواريخ الباليستية أثناء مرحلتها النهائية. يشتمل النظام على رادار وصاروخ اعتراضي أحادي المرحلة قادر على إصابة الهدف وتدميره، لردع الصواريخ الباليستية داخل الغلاف الجوي أو خارجه.
بدأت الولايات المتحدة في تطوير هذا النظام عام 1992، ودخل أول نموذج أولي منه مرحلة الاختبار في أبريل 1995، ثم دخل مرحلة تطوير الهندسة والتصنيع في يونيو 2000. دخلت أولى بطاريات النظام الخدمة رسمياً عام 2008، وأصبح منذ ذلك الحين أحد المكونات الرئيسية لنظام الدفاع ضد الصواريخ الباليستية الأمريكي.
المكونات الرئيسية للنظام
يتضمن نظام ثاد أربعة مكونات رئيسية:
- الصاروخ الاعتراضي: يبلغ طوله 6.2 متر، وقطره 0.4 متر، ويزن 662 كيلوجراماً عند الإطلاق. يتألف من معزز أحادي المرحلة يعمل بالوقود الصلب ومركبة حركية تعمل بالوقود السائل. تصل سرعة صواريخ ثاد إلى 8 أضعاف سرعة الصوت وتعتمد أسلوب التصادم لاعتراض الصواريخ.
- مركبة الإطلاق: تعتمد على شاحنة تكتيكية ثقيلة ذات 4 محاور وقابلة للتحرك الموسع. يحمل كل قاذف ما يصل إلى 8 صواريخ اعتراضية، يتم وضعها في عبوات إطلاق بطول 6.6 متر ووزن 1044 كيلوجرام.
- الرادار: يستخدم نظام ثاد رادار المراقبة الراداري القابل للنقل “AN/TPY-2” لاكتشاف وتتبع الصواريخ المعادية على مسافة تتراوح بين 870 إلى 3000 كيلومتر.
- نظام التحكم في إطلاق النار: يوفر القيادة والسيطرة وإدارة المعركة، ويسمح بالتواصل مع مجموعة من الدفاعات الصاروخية الأمريكية الأخرى.
تشتمل بطارية ثاد النموذجية على 6 قاذفات، مع 8 صواريخ اعتراضية لكل قاذفة، ويستغرق إعادة تحميل كل قاذفة ما يصل إلى 30 دقيقة. يوفر نظام ثاد الدفاع للأهداف على مسافة تتراوح بين 150 و200 كيلومتر، وعلى عكس أنظمة الدفاع الصاروخي الأخرى، يمكنه اعتراض الأهداف داخل الغلاف الجوي وخارجه.
الأهمية الاستراتيجية لنشر نظام ثاد في إسرائيل
تعزيز منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية
تهدف الولايات المتحدة من خلال نشر منظومة ثاد إلى تعزيز الدفاعات الإسرائيلية المكونة من عدة طبقات والتي تشمل منظومات السهم ومقلاع داوود والقبة الحديدية، بالإضافة إلى تعزيز الدفاعات الأمريكية في المنطقة.
هذا النظام سيسمح من خلال نظام واسع للقيادة والسيطرة وإدارة المعركة، بالتواصل مع مجموعة من الدفاعات الصاروخية الأمريكية، بما في ذلك أنظمة Aegis التي توجد عادة على متن سفن البحرية الأمريكية وأنظمة الدفاع الصاروخي باتريوت المصممة لاعتراض الأهداف قصيرة المدى.
الدلالات السياسية والعسكرية
يشير قرار إرسال منظومة ثاد إلى إسرائيل إلى أن أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية قد واجهت تحديات في التصدي لبعض الصواريخ المتطورة، خاصة بعد الهجمات الإيرانية الأخيرة التي وصلت فيها صواريخ إلى مواقع حساسة مثل قاعدة نيفاتيم الجوية ومنصة إنتاج الغاز بالقرب من مدينة عسقلان.
كما أن إقدام إسرائيل على طلب هذه المنظومة وموافقة الولايات المتحدة عليه قد يكون علامة على أن مخزونات إسرائيل من الصواريخ الاعتراضية من طراز السهم ومقلاع داوود قد استنفدت بشكل كبير أو تضررت منصات إطلاقها بسبب الهجمات الصاروخية السابقة.
تأثير نشر نظام ثاد على التوازن الاستراتيجي في المنطقة
محدودية النظام رغم تطوره
على الرغم من تطور نظام ثاد، هناك عدة عوامل تحد من تأثيره المطلق على توازن القوى في المنطقة. أولاً، يعتبر هذا النظام من بين الأكثر تطوراً حول العالم، لكنه لم يُختبر بشكل كامل في ميادين المعارك الفعلية للحكم عليه بشكل نهائي.
ثانياً، نظام ثاد مكلف للغاية، ويتطلب طاقماً مدرباً تدريباً عالياً، كما أن الولايات المتحدة لا تمتلك سوى 7 بطاريات، مما يشير إلى أن الإمدادات من القذائف الاعتراضية محدودة عالمياً، فهي باهظة الثمن ولا يمكن إنتاجها بالسرعة التي قد تكون هناك حاجة إليها في مختلف مواقع نشر هذا النظام.
ثالثاً، هذا النظام لن يعمل منفرداً، بل سيعمل إلى جانب الدفاعات الإسرائيلية والدفاعات الأخرى للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. في الحد الأدنى، يمكن للنظام إطلاق 48 صاروخاً اعتراضياً وفي الحد الأقصى 72 صاروخاً اعتراضياً قبل إعادة تذخيره، مما يعني أن فعاليته ستعتمد على نوعية وعدد الصواريخ المستخدمة في أي هجوم محتمل.
التوقيت والسياق الإقليمي
جاء إرسال نظام ثاد في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية، خاصة بعد تبادل الضربات بين إسرائيل وإيران وحلفائها في المنطقة. هذه الخطوة تؤكد عمق التعاون العسكري الأمريكي-الإسرائيلي وتعكس قلق الولايات المتحدة المتزايد بشأن تصعيد الصراع في الشرق الأوسط.
يمكن النظر إلى هذه العملية كرسالة ردع إيرانية، ولكن في الوقت نفسه، قد تزيد من حدة التوتر وتدفع إيران وحلفاءها إلى تطوير أنظمة صاروخية أكثر تقدماً لمواجهة هذه الدفاعات الجديدة.