دعم طالبان لأسر الانتحاريين: سياسة وتأثيرات
منحت حكومة طالبان أولوية خاصة لدعم الانتحاريين وعائلاتهم، في خطوة تعكس التزام الجماعة العميق تجاه العناصر التي ساعدت في تعزيز قوتها خلال سنوات الحرب الطويلة ضد النظام الجمهوري والولايات المتحدة الأمريكية.
في مقابلة مع التلفزيون الوطني التابع لحركة طالبان، أعلن المتحدث الرسمي ذبيح الله مجاهد أن 12 مليار أفغاني (ما يعادل ميزانية وزارتين أو ثلاث وزارات) تخصص سنويًا لوزارة الشهداء والمعاقين، التي تدير الدعم المقدم لعائلات الانتحاريين. مجاهد أكد أن هذه الأموال تستخدم لدعم الأيتام وعائلات الشهداء، حيث يحصلون على تبرعات شهرية ورعاية اجتماعية مستمرة. وتعتبر هذه الفئة من العائلات أولوية بالنسبة للحركة، ويشمل ذلك أطفال الانتحاريين الذين تلقوا دعماً خاصاً بعد وفاة أفراد عائلاتهم في العمليات الانتحارية.
وقد أضاف مجاهد أن هذا الدعم يعد من أولويات زعيم الحركة، الملا هيبة الله أخوندزاده، الذي فقد ابنه عبد الرحمن خالد في هجوم انتحاري عام 2016 في ولاية هلمند. هذا الحادث الشخصي كان له تأثير كبير على أخوندزاده، مما جعل قضية دعم أسر الانتحاريين قضية محورية في سياسات الحركة. الملا هيبة الله أمر المسؤولين المحليين في الولايات المختلفة بتقديم الدعم اللازم لهذه الأسر.
ووفقًا لما ذكره مجاهد، إذا حصلت حركة طالبان على مزيد من الدعم المالي والمرافق المتاحة، فإن الدعم لأسر الانتحاريين سيتوسع بشكل أكبر. هذا التوسع يشمل تحسين الخدمات التي يتم تقديمها لهذه الأسر لضمان استمرار رعايتها بشكل مستدام. وتعمل الحركة على إبراز هذه المبادرات كجزء من دورها كحامية لقيم الجهاد، التي تعتبرها أحد الأسباب التي تبرر مثل هذه الهجمات.
على الرغم من الدعم الذي تقدمه الحركة لعائلات الانتحاريين، فإن طالبان لا تزال تسعى إلى إضفاء الشرعية على تاريخها في استخدام الانتحاريين. في هذا السياق، يتم نشر صور وشهادات تمجد أولئك الذين نفذوا الهجمات الانتحارية ضد المدنيين والعسكريين خلال فترة حكم الحكومة السابقة. يتم الاحتفال بقبور الانتحاريين وتزيينها بالشواهد لتكريم “فدائيي الحركة”.
رغم أن حركة طالبان تروج لجنودها الانتحاريين كأبطال، إلا أن المجتمع الأفغاني لا يزال يحمل ذكريات مريرة عن الهجمات التي طالت المدنيين. العديد من الأسر التي فقدت أحباءها في تلك الهجمات تعتبر هذه المحاولات بمثابة محاولة لتجاوز جراحهم. إن تمجيد الانتحاريين في هذه الحالة يعكس تعارضًا حادًا بين الحركة وعائلات ضحايا الهجمات.
في وقت لاحق، كشف سراج الدين حقاني، وزير الداخلية في حركة طالبان، عن أنه على مدار العقد الماضي، فقدت شبكة حقاني التي تعد أحد الأجنحة العسكرية البارزة في الحركة نحو 1150 من أفرادها في هجمات انتحارية. وبحسب تصريحات حقاني، يتم تكريم هؤلاء الانتحاريين بوصفهم “أبطال الوطن”، مما يعكس التكامل بين طالبان والانتحاريين كجزء من تاريخ الحركة.