فرانسيس مايكل – صحفي وكاتب
تتسارع وتيرة التوترات بين اليوم والآخر بعيدا عن أنظار رئيس الحركة الشعبية في المعارضة الدكتور رياك مشار، الذي عزل تماما عن الاتصال مع قياداته في جوبا أو الخارج، ضمن مخطط الحكومة بقيادة سلفاكير، لحل الخلافات السياسية.
هذه العزلة عن القيادات أصبح تهدد مستقبل الحركة الشعبية في المعارضة بالانقسام على خلفية الاتهامات المتبادلة بين قيادات الحركة، ما بين مجموعة تتهم الآخر بالإطاحة برياك مشار، ومجموعة تقول إنها تريد إنقاذ الوضع، لكن استخدام “لغة هم متمردون ونحن مع الحكومة” شافي جدا للنظر على المستقبل.
قرار أويت ناثانيل بتعليق عضوية 4 قيادات أبرزهم استيفن فار، “بتهم التخطيط للإطاح برياك مشار”، كشف عن حقيقة الصراع الداخلي بين قيادات الحركة في غياب (مشار)، وكان واضحا عن تكهنات حدوث انقسام للحركة. حيث اتهامات التآمر والإطاحة، وردود القيادات المعلقة عضويتهم، تظهر عمق الخلافات داخل الحركة.
تصريحات استيفن فار، بعقد مؤتمر استثنائي لفك الارتباط، لم تأتي من الفراغ، لكن نتيجة للوضع التي تعيشها الحركة في الداخل، ومؤشر واضح عن ما هو قادم “انقسام الحركة إلى مجموعتين” وهي “مجموعة مع الحكومة لمواصلة تنفيذ السلام، ومجموعة أخرى تناضل من أجل عودة مشار إلى الساحة السياسية”، لكن التساؤلات عديدة والحلول ضعيفة.
كان لوضع رياك مشار قيد الإقامة الجبرية، تأثير كبير، حيث أضعف موقفه القيادي، وخلق فراغا في السلطة، هذا الفراغ تستغله الحكومة بقيادة سلفاكير لتنفيذ مخططاته، كما ليس أمام قيادات مشار الذين تحت الضغط بجوبا، إلا الرضوخ وتمريرات الأجندات لإنقاذ أنفسهم أولاً، قبل أن تعلن مجموعة سلفاكير انتصارها في اللعبة السياسية، لكن هل هذا تعني نهاية الحركة بقيادة مشار؟ الإجابة في سلة الحكومة بقيادة سلفاكير.
من ضمن الأسباب التي تسرع وتيرة الانقسام هو عدم قدرة مشار على التواصل والتأثير المباشر على الأحداث، حيث النفوذ داخل حركته، وأصبح تستغل هذا الفراغ القيادي، للصعود عوضا عن حل الخلافات السياسية مع شريكة السلطة “مجموعة سلفاكير”، ووصل إلى مرحلة الاتهامات بالتآمر والإطاحة.
من منطلق هذا يبدو أن ليس هناك مخرج آخر للحركة خلاف الانقسام إلى مجموعتين، وهذا الانقسام بطبع الحال تهدد مستقبل اتفاقية السلام المنشطة، ويزيد احتمالية العودة إلى الصراع لا يمكن التكهن بنتائجه، ويحتاج للحكمة لتجنبه أيضا.
النقطة المهمة إذا حدث الانقسام هو أن موقف حركة رياك مشار، ستكون ضعيفة أمام “مجموعة سلفاكير”، من حيث التفاوض، لحل الخلافات السياسية والعودة إلى مسار السلام، خاصة بعد أن أظهر سلفاكير، عدم رغبته الكامل بالعمل مع مشار، والانفراد بالسلطة مع قيادات لا تعارض أفكاره ومشاريعه في إدارة البلاد بالرجل الواحد.
متابعة الأحداث السياسية داخل الحركة الشعبية في المعارضة، من المرجح أن تنقسم الحركة حتماً إلى فصيلين متنافسين، مما يزيد حالة عدم الاستقرار الداخلي، وتشتيت أفكار القيادة ما بين إيجاد حلول مع سلفاكير، أم مواجهة القيادات المنشقة والتي ستعمل لمصالحها بدلاً عن مصالحة الحركة وتولي زمام الأمور “الصعود إلى القمة”.
حاليا فكل من يتابع الأحداث، فإن التطورات السياسية والأمنية في جنوب السودان، تشير إلى مستقبل قاتم لحركة مشار، بين صمود قياداتها أمام موجة التغيير التي تشنه الحكومة بقيادة سلفاكير، وصراع قيادات الحركة المنشقة التي تنظر في نفسها أنها البديل للقائد المعزول داخليا وعن العالم الخارجي. أما الرئيس سلفاكير، فقد أغلق النوافذ كلها عن مشار، والمجتمع الإقليمي والدولي بتضييق الخناق. ولكن من الذي سيبحث عن المخرج في نهاية الأمر، سلفاكير أم رياك مشار؟










