دعوة لحماية دولية وفتح لجنة تحقيق في المجازر السورية
في ظل الأوضاع الإنسانية المأساوية التي تشهدها سوريا، طالب رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر، العلامة الشيخ غزال غزال، بتوفير حماية دولية للمدنيين الأبرياء، وفتح لجنة تحقيق دولية مستقلة في المجازر التي يتعرض لها المدنيون في الساحل السوري. وقال الشيخ غزال إن ما يحدث في سوريا ليس مجرد صراع سياسي، بل هو قضية إنسانية بحتة تتطلب تدخل المجتمع الدولي لحماية النفس البشرية، بغض النظر عن العرق أو الدين أو القومية.
في تصريحاته الأخيرة، أكد الشيخ غزال غزال أن ما يجري من قتل وتنكيل بالأبرياء يتجاوز الحدود السياسية، وأن الدم العلوي ليس رخيصا ولا يمكن التلاعب به أو التهاون فيه. وأضاف أن ما يرتكب من عمليات قتل جماعي، خطف، وتنكيل بالأجساد – سواء كانت تحت تهديد الموت أو حتى بعد القتل – يجب أن يلقى إدانة من المجتمع الدولي، وطالب بفتح لجنة تحقيق دولية مستقلة لفحص ما يحدث بشكل دقيق.
وأشار غزال إلى أن هذا النوع من الجرائم، الذي يمتد ليشمل كافة شرائح المجتمع السوري، لا يمكن السكوت عليه أو النظر إليه كجزء من الصراع الداخلي، بل هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان. “ما يحدث ليس شأنا سياسيا، بل هو مسألة إنسانية بحتة”، بحسب تعبيره.
تحت عنوان “تسليط الضوء على المجازر”، أكد الشيخ غزال على أن الآلاف من المدنيين لا يزالون معتقلين أو مجهولي المصير في المنطقة، بينما تتعرض مجتمعات بأكملها، خاصة من الطائفة العلوية، لهجوم ممنهج. كما أضاف أن محاربة أبناء الطائفة العلوية اقتصرت على قمع لقمة عيشهم وتجاهل حقوقهم لمجرد اختلافهم عن الفكر الإرهابي المتطرف الذي يهدد البلاد.
وكان الشيخ غزال قد صرح في بداية كلمته قائلا: “واقعنا أعظم من أن تصفه الكلمات. لا يمكن للاتهامات بالخيانة أو مغادرة البلاد أن تمحو واقع المصائب التي نعاني منها. رغم أننا لم نخن ولم نغادر، فإن ذلك لن يغير من حقيقة أن الدم العلوي ليس رخيصا أو يباع أو يشترى أو يساوم عليه”.
في سياق آخر، أكدت مصادر حقوقية مستقلة وقوع العديد من المجازر في منطقة الساحل السوري التي يقطنها عدد كبير من العلويين، حيث وثقت مقتل 1383 مدنيا، غالبيتهم من الطائفة العلوية، جراء أعمال العنف التي اجتاحت المنطقة اعتبارا من السادس من مارس 2025. وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن معظم الضحايا قضوا في عمليات إعدام على يد قوات الأمن ومجموعات رديفة لها، في محاولة لإخماد تمرد مزعوم من قبل “فلول” نظام الرئيس بشار الأسد.
وكانت هذه المجازر قد بدأت في السادس من مارس، حين شنت قوات الأمن حملة انتقامية إثر هجمات شنها مسلحون من الطائفة العلوية ضد قوات وزارة الداخلية والدفاع السورية. وفي غضون أيام قليلة، تكشفت الأحداث عن تصعيد دامي تضمن مجزرة طائفية شملت أكثر من 40 حادثة قتل ميداني، وراح ضحيتها نحو 973 مواطنا سوريا، بينهم نساء وأطفال. وأظهرت التحقيقات أن هذه العمليات تركزت بشكل رئيسي في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة.
تواصلت أعمال العنف بعد بداية الأحداث، حيث أفاد المرصد السوري في الحادي عشر من مارس 2025 بارتفاع عدد المجازر إلى 47 مجزرة، ليصل عدد الضحايا إلى 1225 شهيدا مدنيا. كما أكد التقرير أن أغلب هذه المجازر كانت في مناطق اللاذقية وطرطوس وحماة، بينما شهدت حمص والعديد من المناطق الأخرى عمليات قتل مروعة.
في مواجهة هذه الأحداث المأساوية، شدد الشيخ غزال على رفضه التام للاتهامات التي تطال الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ بالانتماء إلى “فلول النظام”، مؤكدا أن دفاعه عن هؤلاء الأشخاص ليس موقفا طائفيا أو سياسيا، بل هو موقف ضمير وإنسانية ومسؤولية دينية ووطنية.
كما أضاف أن الطائفة العلوية، على الرغم من كونها جزءا من الشعب السوري، قد تعرضت لتهميش كبير من قبل العديد من الأطراف، مشيرا إلى أن هذه المجازر لا تخص الطائفة العلوية فحسب، بل تمس جميع شرائح الشعب السوري من الأكراد والدروز والمسيحيين وغيرهم ممن يدعون إلى السلام والتعايش المشترك.
وفي ختام كلمته، دعا الشيخ غزال المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل وتوفير الحماية الإنسانية للمدنيين في مناطق الساحل السوري، مطالبا بلجنة تحقيق دولية مستقلة لتوثيق الحقائق وكشف الفاعلين. كما شدد على أن هذا النوع من العنف لا يمكن أن يمر مرور الكرام، ويجب أن يحاسب مرتكبوه.
في ظل استمرار الأعمال الوحشية، يظل السؤال الأبرز: هل سيستجيب المجتمع الدولي لهذه الدعوات ويضع حدا لهذه المجازر الوحشية؟