في عالمٍ تتقاطع فيه القوى الكبرى وتتمايز التحالفات، تأتي اللحظات التاريخية لتغيّر مجرى الأحداث وتكشف عن أبعاد جديدة للأرض التي كنا نظنها ثابتة. اليوم، ومع توقيع اتفاق دبلوماسي بين سوريا وكوريا الجنوبية، ينقش في سجل التاريخ لقاءٌ بين “حفيد الأمويين” و”حفيد الساموراي” – لقاء يجسد تطورًا هائلًا، ليس فقط على صعيد العلاقات بين البلدين، بل أيضًا على مستوى التحولات السياسية الكبرى التي يشهدها العالم.
إنها لحظة لا تقتصر على توقيع أوراق تفاهم بل هي خطوة نحو إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية وفتح أبواب جديدة نحو المستقبل. اتفاقيةٌ تُعيد النظر في تحالفات الماضي، وتعيد رسم الخرائط التي اعتقدنا أنها لا تتغير، حيث يُعلَن عن انطلاقة دبلوماسية جديدة، قد تكون أكثر تأثيرًا من أي وقت مضى.
في خطوة تاريخية تعكس تحولاً في السياسة السورية، استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني، وفداً رفيع المستوى من جمهورية كوريا الجنوبية برئاسة وزير الخارجية، السيد تشو تاي يول، في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها منذ 22 عاماً. هذه الزيارة تمثل بداية جديدة في العلاقات بين دمشق وسيول بعد سنوات من التوتر والقطيعة.
وفي مشهدٍ يعكس التغيرات الجذرية في العلاقات الدولية، وقع وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، الذي يعتبر “حفيد الأمويين” في نظر الكثيرين نظراً لأصوله التاريخية العميقة، مع نظيره الكوري الجنوبي، تشو تاي يول، اتفاقية رسمية لإقامة علاقات دبلوماسية بين الجمهورية العربية السورية وجمهورية كوريا الجنوبية. وهو ما يمثل تحولاً دراماتيكياً في السياسة الخارجية السورية، بعد سنوات من التوترات الإقليمية والدولية.
الوزير الكوري الجنوبي أكد في تصريحاته أن هذه الخطوة تأتي استجابةً لرغبة الحكومة السورية في بناء علاقات ثنائية مع كوريا الجنوبية، مشيراً إلى أن سيول ستسعى لدعم سوريا في مجالات متعددة، أبرزها إعادة الإعمار والتعاون الاقتصادي. كما أضاف أن الحكومة الكورية الجنوبية ملتزمة بمبدأ الانفتاح الدبلوماسي، وأن هذه الاتفاقية تفتح الباب لعلاقات مستقبلية مزدهرة.
الخطوة تأتي بعد إعلان كوريا الجنوبية الشهر الفائت عن التوصل إلى اتفاق مبدئي لإقامة علاقات دبلوماسية مع سوريا، وهو ما يُعتبر علامة فارقة في تحول موقف سيول تجاه دمشق. وأوضحت الحكومة الكورية أن هذه الخطوة تأتي استجابةً لرغبة الحكومة السورية في فتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية مع سيول، في سياق الانفتاح الدبلوماسي الذي تسعى سوريا إلى تحقيقه. كما شددت كوريا الجنوبية على التزامها بمبدأ الانفتاح الدبلوماسي، وأكدت أنها تهدف إلى تعزيز الروابط الاقتصادية مع سوريا، لا سيما في مجالات التجارة والتكنولوجيا.
من جهة أخرى، تبرز هذه الخطوة كجزء من استراتيجية الحكومة السورية الجديدة التي تسعى إلى تقليل العلاقات مع الدول التي كانت على علاقة وثيقة بنظام الأسد السابق، وخاصة تلك التي كانت تتعامل بشكل موازٍ مع كوريا الشمالية، التي كانت تعتبر الحليف الأيديولوجي لنظام دمشق منذ عام 1966. هذه التغيرات تشير إلى رغبة سوريا في تجاوز عقود من العزلة السياسية وفتح صفحة جديدة في علاقاتها الدولية.
ويُعَبر هذا الاتفاق عن بداية مرحلة جديدة في السياسة الخارجية السورية، التي تسعى لتجاوز سنوات العزلة والانفتاح على دول كانت في وقتٍ ما بعيدة عن دائرة اهتمام دمشق. كما يعكس رغبة سوريا في إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية مع دول شرق آسيا لتعزيز التعاون في مجالات التجارة والتنمية التكنولوجية.
يُتوقع أن يكون لهذا الاتفاق تأثير كبير على العلاقات المستقبلية بين البلدين، خاصةً في مجالات التعاون الاقتصادي والتنمية. خطوة تعكس بداية جديدة لسوريا على الساحة الدولية، بعد أن كانت محاصرة في دوامة الصراعات الداخلية والعزلة الدولية.