في لقطةٍ تكرر مشهدها منذ آلاف السنين على جدران مقابر الفراعنة، حيث الحمير تُجلد لتحمل أثقالاً فوق طاقتها، خرجت جيل بارتون الأسترالية من عيادتها البيطرية في أبو صير بالقاهرة لتنقذ حمارةً حُبلى من ضربات سوط صاحبها القاسية. لم تكن تعلم أن هذه الخطوة ستحولها من سائحة إلى بطلة لقضية معاناة 3 ملايين حصان وحمار عامل في مصر، وفقاً لتقديرات منظمات الرفق بالحيوان.
من أستراليا إلى الصحراء المصرية.. رحلة امرأة غيرت مصير حيوان
الشرارة: زيارتها الأولى لمصر عام 2013 مع زوجها وارن، حيث صُدمت برؤية أحصنة مُهزولة تُسخّر لجرّ عربات السياحة الأثرية.
القرار المصيري: بيع منزلهما في أستراليا عام 2014، والانتقال للعيش بشكل دائم بالقرب من المواقع الأثرية حيث تنتشر إساءة معاملة الحيوانات.
التأسيس: إنشاء منظمة “Egypt Equine Aid” التي تقدم الرعاية البيطرية المجانية وتُعيد تأهيل الحيوانات المُعذَّبة.
تفاصيل عملية الإنقاذ التي أثارت الجدل
في يومٍ تجاوزت فيه الحرارة 40 درجة مئوية، شاهدت جيل حمارةً عرجاءَ حُبلى تُجبر على سحب عربة محملة بالطوب، بينما تتدلى من ظهرها جروحٌ نازفة. وبعد مفاوضاتٍ مع المالك الذي هددها بالعنف، استطاعت إقناعه بتسليمها مقابل 500 جنيه مصري، وفقاً لشهادة زوجها وارن.
مسار العلاج:
الإسعافات الأولية: تنظيف الجروح المُتعفنة وإزالة الأحذية الحديدية المثبتة بشكل خاطئ.
المفاجأة الصادمة: فقدان الجنين بعد أيام بسبب الإجهاد الشديد.
النهاية السعيدة: منح الحمارة اسم “نورا” وإيوائها في مأوى المنظمة لتعيش كـ”متقاعدة” مدى الحياة.
تحديات تواجه المنقذة: بين الثقافة والقانون
معتقدات مجتمعية: اعتبار ضرب الحمير “وسيلة تربوية” مقبولة، خاصة بين سائقي العربات السياحية.
عقبات قانونية: عدم وجود تشريعات رادعة تُجرّم إساءة معاملة الحيوانات العاملة، ما يضطر المنظمة للتعامل مع الحالات عبر “المساومات المالية”.
إحصائيات صادمة: 70% من الحالات التي تستقبلها العيادة تعاني من جروح عميقة بسبب الأحذية المعدنية غير الملائمة.
في الختام.. رغم مرور 11 عاماً على عمل جيل وارن، ما تزال معركتهم ضد الإهمال المجتمعي مستمرة. قصة نورا ليست مجرد عملية إنقاذ، بل شهادة حية على صراعٍ بين قيم إنسانية حديثة وتاريخٍ طويل من الاستغلال، تُعيد فيه امرأة أجنبية كتابة علاقة مصر بحميرها – تلك التي بدأت على جدران مقابر الفراعنة.










