وزارة البترول المصرية تعلن استقرار أسعار الوقود لمدة 6 أشهر بعد رفعها في أبريل 2025
أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية تثبيت أسعار المنتجات البترولية لمدة ستة أشهر مقبلة عقب إقرار زيادة شملت مختلف أنواع الوقود في 11 أبريل 2025. وقد شملت هذه الزيادة جميع أنواع البنزين والسولار بقيمة جنيهين للتر، إضافة إلى رفع أسعار البوتاجاز والمازوت، وذلك في إطار سياسة الحكومة المصرية لتقليص الفجوة بين تكلفة المنتجات البترولية وسعر بيعها للمستهلكين.
وبرغم هذه الزيادة، أكدت الوزارة أن الدولة ما زالت تتحمل دعماً يقدر بنحو 366 مليون جنيه يومياً نتيجة الفجوة بين الأسعار المعلنة والتكلفة الفعلية، وهو ما يعادل 11 مليار جنيه شهرياً، وأن هذه الزيادة من المتوقع أن توفر نحو 35 مليار جنيه في ميزانية الدولة خلال العام المالي الحالي 2024-2025.
تفاصيل الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود
الأسعار الجديدة للمنتجات البترولية
أقرت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية زيادة في أسعار الوقود دخلت حيز التنفيذ اعتباراً من الساعة السادسة صباح يوم الجمعة الموافق 11 أبريل 2025. وشملت الزيادة جميع أنواع البنزين والسولار بقيمة موحدة بلغت جنيهين للتر، حيث ارتفع سعر لتر بنزين 95 من 17 إلى 19 جنيهاً، وبنزين 92 من 15.25 إلى 17.25 جنيهاً، وبنزين 80 من 13.75 إلى 15.75 جنيهاً، والسولار من 13.50 إلى 15.50 جنيهاً للتر.
كما شملت الزيادة أسعار المنتجات البترولية الأخرى، حيث ارتفع سعر طن المازوت المورد لباقي الصناعات من 9500 إلى 10500 جنيه، وأسطوانة البوتاجاز المنزلي (12.5 كغم) من 150 إلى 200 جنيه، وأسطوانة البوتاجاز التجاري من 300 إلى 400 جنيه. وارتفع أيضاً سعر طن الغاز الصب من 12000 إلى 16000 جنيه، والغاز المورد لقمائن الطوب من 190 إلى 210 جنيهات للمليون وحدة حرارية.
المنتجات التي تم تثبيت أسعارها
في المقابل، أكدت وزارة البترول في بيانها تثبيت أسعار بعض المنتجات البترولية، وتحديداً المازوت المورد لمحطات الكهرباء والصناعات الغذائية، إضافة إلى غاز تموين السيارات. ويأتي هذا القرار في إطار حرص الحكومة المصرية على استقرار تكاليف إنتاج الكهرباء والصناعات الغذائية، نظراً لحساسية هذه القطاعات وتأثيرها المباشر على المواطنين.
وقد أشارت الوزارة إلى أن تثبيت هذه الأسعار يأتي ضمن سياسة الدولة لتوجيه الدعم نحو القطاعات الأكثر تأثيراً في حياة المواطن المصري، خاصة مع الضغوط الاقتصادية الحالية.
إعلان استقرار الأسعار لستة أشهر مقبلة
أعلنت وزارة البترول المصرية أنه لن تتم دراسة تغيير الأسعار الحالية للمنتجات البترولية قبل مرور ستة أشهر مقبلة، أي في شهر أكتوبر المقبل. ويأتي هذا الإعلان لتطمين المواطنين والسوق بأن أسعار الوقود ستستقر خلال الفترة القادمة، مما يتيح للمستهلكين والشركات التخطيط بشكل أفضل لمصروفاتهم وميزانياتهم.
وتُعد هذه المرة الثانية التي ترفع فيها مصر أسعار الوقود خلال ستة أشهر، بعد الزيادة السابقة التي تم إقرارها في أكتوبر 2024، مما يشير إلى إلتزام الحكومة بمراجعة الأسعار بشكل دوري كل ستة أشهر.
أسباب زيادة أسعار الوقود
الفجوة بين التكلفة وسعر البيع
أوضحت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية أنه على الرغم من الزيادات السعرية الأخيرة في المنتجات البترولية، فإن الفجوة السعرية لا تزال قائمة بين التكلفة وسعر البيع نتيجة الزيادة الكبيرة في التكاليف والتي لم تستوعبها تلك الزيادات بعد. وقد كشف أحد المسؤولين الحكوميين أن تكلفة بيع لتر السولار والبنزين على الحكومة في الربع الثاني من العام المالي الجاري بلغت في المتوسط 20 جنيهاً للتر، وهو ما يعني أن الفارق بين التكلفة وسعر البيع لا يزال كبيراً حتى بعد الزيادة الأخيرة.
وتسعى الحكومة من خلال هذه الزيادة إلى تقليص هذه الفجوة تدريجياً في إطار سياستها لترشيد الدعم وتوجيهه لمستحقيه.
تأثير الأسعار العالمية وسعر الصرف
أشارت وزارة البترول إلى أنه على الرغم من انخفاض سعر خام برنت والأسعار العالمية خلال الفترة الأخيرة، إلا أن ذلك الانخفاض أدى إلى انخفاض طفيف بتكلفة لتر السولار تقدر بحوالي 40 قرشاً فقط، وبالتالي استمرار وجود فجوة بين سعر البيع والتكلفة. ويرجع هذا إلى تأثر التكلفة المحلية بعوامل أخرى إلى جانب الأسعار العالمية، أهمها سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، الذي بلغ 51.27 جنيهاً وفقاً للبنك المركزي المصري.
كما تؤثر التوترات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية على أسعار المنتجات البترولية، إضافة إلى تطورات تكاليف الإنتاج والنقل والاستيراد.
نسب استيراد المنتجات البترولية ودعم الدولة
أوضحت وزارة البترول أن مصر تستورد نسباً متفاوتة من احتياجاتها من المنتجات البترولية، حيث تستورد نحو 40% من كميات استهلاك السولار، و50% من كميات استهلاك البوتاجاز، إضافة إلى 25% من كميات استهلاك البنزين. وبذلك يبلغ الدعم اليومي الذي تتحمله الدولة نتيجة الفجوة بين الأسعار المعلنة والتكلفة الفعلية التي تتحملها لمنتجات البنزين المتنوعة والسولار والبوتاجاز حوالي 366 مليون جنيه يومياً، بما يعادل 11 مليار جنيه شهرياً.
وقد أشار مسؤول حكومي إلى أن دعم السولار وحده يتجاوز قيمته 300 مليون جنيه يومياً خلال النصف الأول من العام الجاري، حيث تستهلك مصر سنوياً 18 مليار لتر سولار، وتدعم الدولة كل لتر بنحو 5 جنيهات.
آلية تسعير الوقود في مصر
دور لجنة التسعير التلقائي
تعتمد مصر آلية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية منذ عام 2019، حيث تقوم لجنة متخصصة تضم ممثلين لوزارتي البترول والمالية بمراجعة أسعار الوقود ومن ثم إقرار تثبيتها أو تعديلها بالزيادة أو النقصان. وتستند هذه اللجنة في قراراتها إلى قياس مستوى الأسعار العالمية للبترول، وأسعار الصرف، وتكاليف النقل والتشغيل والإنتاج، وتجتمع بشكل ربع سنوي لمراجعة أسعار الوقود.
وتلتزم اللجنة بتحريك الأسعار ارتفاعاً أو انخفاضاً بنسبة لا تتجاوز 10% أو تثبيتها، استناداً إلى العوامل المذكورة.
العوامل المؤثرة في قرارات اللجنة
تعتمد لجنة تسعير الوقود في مصر في قراراتها بشأن زيادة أو خفض أو تثبيت الأسعار على ثلاثة عوامل رئيسية: متوسط أسعار خام برنت، وسعر صرف الدولار مقابل الجنيه، بالإضافة إلى معدل التضخم في قطاع النقل. وقد أوضح مدحت يوسف، نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للبترول السابق، أن سبب زيادة أسعار الوقود يرجع إلى تقليل الفجوة بين أسعار بيع المنتجات البترولية وتكاليف إنتاجها واستيرادها المرتفعة.
كما أكد أن دعم السولار يستحوذ على أكثر من 70% من دعم المنتجات البترولية السنوي، وهو ما يفرض تحريك سعره لمواجهة الزيادات القياسية في تكلفة هذا الدعم.
سياسة توجيه الدعم للمنتجات الأكثر استخداماً
أكدت وزارة البترول أن الدولة حريصة على توجيه الجزء الأكبر من الدعم إلى المنتجات الأكثر استخداماً بين المواطنين، وفي مقدمتها السولار والبوتاجاز وبنزين 80 و92، وذلك بهدف تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، خصوصاً محدودي ومتوسطي الدخل. ويأتي هذا في إطار سياسة الدولة لمراعاة البعد الاجتماعي وتخفيف الأعباء عن المواطنين، مع الحفاظ على استدامة منظومة الطاقة وتوفير المنتجات البترولية للسوق المحلي بصفة مستمرة.
ورغم ذلك، فإن الزيادات المتتالية في أسعار الوقود تؤثر على المواطنين، خاصة في ظل الزيادة الكبيرة التي شهدتها أسعار الوقود خلال السنوات الأخيرة.
تداعيات زيادة أسعار الوقود
التأثير على الموازنة العامة للدولة
تُقدر الحكومة المصرية أن الزيادة الجديدة في أسعار الوقود وأسطوانات البوتاجاز والبنزين والسولار ستؤدي إلى توفير نحو 35 مليار جنيه في موازنة الدولة خلال العام المالي الحالي 2025-2026. ويأتي هذا التوفير في وقت تسعى فيه الحكومة إلى ترشيد الإنفاق وزيادة موارد الدولة لمواجهة التحديات الاقتصادية، خاصة في ظل التزامات مصر تجاه صندوق النقد الدولي في إطار برنامج الدعم البالغ 8 مليارات دولار، والذي يقتضي خفض دعم الوقود.
وتُظهر هذه الأرقام حجم التحديات التي تواجهها الحكومة في موازنتها بين الاستدامة المالية والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.
تأثير الزيادة على أسعار النقل والسلع
تؤدي زيادة أسعار الوقود عادة إلى ارتفاع تكاليف النقل والتشغيل للعديد من القطاعات، مما ينعكس على أسعار السلع والخدمات بشكل عام، ويزيد من الأعباء على المواطنين. وقد أشار أحد التقارير إلى أن الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود أدت إلى زيادة تكلفة المواصلات، حيث ارتفعت تكلفة الذهاب والعودة من حدائق القبة إلى منطقة النزهة بالقاهرة من 30 جنيهاً إلى 40 جنيهاً.
ويعني هذا زيادة سنوية تقدر بحوالي 3600 جنيه في تكلفة المواصلات للفرد الواحد، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الأسر محدودة الدخل.
تاريخ زيادات أسعار الوقود في مصر
شهدت مصر زيادات متعددة في أسعار الوقود خلال السنوات الأخيرة، حيث تم تحريك الأسعار نحو 15 مرة منذ عام 2014. وبلغت نسبة الزيادة في أسعار الوقود خلال هذه الفترة مستويات قياسية، حيث وصلت إلى نحو 1600% لبنزين 80، ونحو 845% لبنزين 92، ونحو 1400% للسولار.
وتأتي هذه الزيادات في إطار سياسة الحكومة لرفع الدعم تدريجياً عن المنتجات البترولية، والتي تهدف إلى الوصول إلى مستويات استرداد التكلفة بحلول نهاية عام 2025، وفقاً لما أشار إليه أحد المصادر.
مستقبل أسعار الوقود في مصر
توقعات ما بعد فترة الاستقرار
مع إعلان وزارة البترول المصرية عن استقرار أسعار الوقود لمدة ستة أشهر مقبلة، فإن الاجتماع المقبل للجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية سيكون في شهر أكتوبر 2025. وقد يشهد هذا الاجتماع إقرار زيادة جديدة في أسعار الوقود، خاصة إذا استمرت الفجوة بين التكلفة وسعر البيع، وفي ظل تطورات الأسعار العالمية وسعر صرف الدولار مقابل الجنيه.
وتشير التوقعات إلى أن مصر قد تشهد زيادتين مرتقبتين في أسعار الوقود خلال عام 2025، وذلك في إطار خطة الحكومة لرفع الدعم بشكل كامل عن المحروقات بحلول نهاية العام.
استراتيجية الحكومة لدعم المنتجات البترولية
أكد المسؤولون المصريون أن الحكومة لن ترفع الدعم بشكل نهائي عن السولار، وستظل تدعمه حتى مع نهاية الفترة المحددة لرفع الدعم عن المواد البترولية، والتي من المتوقع أن تنتهي خلال النصف الأول من العام المالي المقبل. ويعكس هذا التوجه حرص الحكومة على التعامل بمرونة مع ملف دعم المنتجات البترولية، خاصة تلك التي لها تأثير مباشر على تكاليف المعيشة للمواطنين.
ومع ذلك، فإن استمرار الفجوة بين التكلفة وسعر البيع يشير إلى أن سياسة تقليص الدعم ستستمر، ولكن بشكل تدريجي يراعي البعد الاجتماعي.
التحديات المستقبلية وآثارها على المواطنين
يواجه المواطن المصري تحديات متزايدة مع استمرار سياسة رفع الدعم التدريجي عن المنتجات البترولية، خاصة مع عدم مواكبة الزيادات في الدخول للزيادات في الأسعار. وقد أشار أحد التقارير إلى أن زيادة أسعار الوقود بنسبة تتراوح بين 845% و1600% خلال 11 عاماً لم تقابلها زيادة مماثلة في دخول المواطنين، الذين لم تزد رواتبهم سوى 4-5 مرات خلال نفس الفترة.
ويطرح هذا التفاوت تساؤلات حول قدرة المواطنين على تحمل المزيد من الزيادات في أسعار الوقود مستقبلاً، وضرورة أن تصاحب سياسة رفع الدعم إجراءات اجتماعية داعمة للفئات الأكثر تضرراً.










