قالت مجلة تايم الأمريكية في تحليل نشرته يوم 11 أبريل/نيسان، إن دبلوماسية الرئيس دونالد ترامب تجاه إيران قد تحمل فرصا حقيقية للنجاح، رغم التوترات التاريخية بين واشنطن وطهران، وانعدام الثقة المتجذر بين الجانبين. وكتب المقال تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي للحكم الرشيد، مركز الأبحاث الذي يدعو إلى سياسة خارجية أمريكية تقوم على ضبط النفس والدبلوماسية.
دوافع متبادلة تدفع نحو الاتفاق
يؤكد المقال أن لدى كل من الولايات المتحدة وإيران حوافز قوية للجلوس إلى طاولة المفاوضات. فعلى الجانب الأمريكي، يدرك ترامب أن أي صراع عسكري جديد في الشرق الأوسط قد يفقده الدعم الشعبي، خاصة مع وعوده السابقة بالانسحاب من الحروب الخارجية وإعادة القوات الأمريكية إلى البلاد.
من ناحية أخرى، تعاني إيران من أزمة اقتصادية خانقة دفعتها إلى السعي لتخفيف العقوبات، لاسيما مع احتمال إعادة القوى الأوروبية فرض العقوبات الأممية قبل أكتوبر/تشرين الأول، بموجب بنود الاتفاق النووي لعام 2015. ويرى المقال أن الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، الذي انتخب على أساس وعود بإعادة التفاوض مع الغرب، يقف أمام اختبار صعب لتنفيذ برنامجه السياسي والاقتصادي.
ترامب وإسرائيل: استقلال نسبي عن الموقف التقليدي
أحد العناصر البارزة التي يطرحها المقال هو أن ترامب لا يبدو ملتزما كليا بالموقف الإسرائيلي المتشدد تجاه إيران. فعلى الرغم من التحالف الوثيق مع إسرائيل، لم يظهر ترامب استعدادا لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران كما دعت تل أبيب مرارا.
ويستشهد المقال بردود فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي دعا مؤخرا إلى “اتفاق نووي على طريقة ليبيا” أي نزع شامل للقدرات النووية الإيرانية تحت إشراف أمريكي مباشر. ومع ذلك، لم يتلق الوفد الإسرائيلي في زيارته الأخيرة لواشنطن أي ضمانات بأن ترامب سيتبنى هذا النهج، ما يعكس نزعة لدى ترامب لاتخاذ مسار تفاوضي أكثر استقلالية.
مركز القدس للأمن يكشف 5 استراتيجيات إسرائيلية لإسقاط النظام في إيران
القنبلة النووية الإيرانية: هل يوجه ترامب ضربة استباقية لإيران؟
التفاوض أو الحرب؟ إيران تواجه خيارين كارثيين
استعداد إيراني لتفاهم مباشر
يبرز المقال نقطة أخرى لافتة، وهي أن طهران باتت ترى في ترامب شخصية يمكن التوصل معها إلى اتفاق جدي. ويقول بارسي إن الإيرانيين يعتقدون أن ترامب مستعد فعلا لتخفيف العقوبات بشكل ملموس مقابل تقييد البرنامج النووي، في حين أن إدارة بايدن، بحسب وصف مسؤول إيراني، “لم تكن تملك الإرادة السياسية لفعل الشيء نفسه”.
وذهب المقال أبعد من ذلك بالإشارة إلى تحول في الموقف الإيراني الداخلي، حيث لم تعد هناك حساسية سابقة من التعامل المباشر مع الولايات المتحدة، حتى بين بعض المتشددين، ما قد يفتح المجال لتغييرات أعمق في السياسة الإيرانية إذا تم التوصل إلى اتفاق ناجح.
عقبات كبيرة… ولكن الفرصة قائمة
رغم ما سبق، يشدد بارسي على أن الطريق إلى اتفاق لا يزال محفوفا بالتحديات. إذ لا تزال هناك فجوة عميقة في الثقة، خصوصا بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، وأمره باغتيال الجنرال قاسم سليماني في 2020، وهو ما زاد من صعوبة المفاوضات.
يختتم تريتا بارسي مقاله بنبرة من التفاؤل الحذر، قائلا: “رغم كل التعقيدات، فإن الآفاق أمام الدبلوماسية لم تكن واعدة كما هي اليوم”، مشيرا إلى أن تلاقي المصالح وتغير الحسابات الداخلية لدى الطرفين قد يمنح هذه الجولة من المفاوضات زخما فريدا.










