ترامب: المفاوضات الأمريكية-الإيرانية تسير بشكل جيد ومحادثات جديدة قريباً
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأحد 13 أبريل 2025 أن المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووي الإيراني “تسير بشكل جيد”، وذلك بعد يوم واحد من انعقاد الجولة الأولى من المفاوضات غير المباشرة في سلطنة عُمان. وتمثل هذه المحادثات تطوراً دبلوماسياً مهماً بين البلدين بعد سنوات من التوتر المتصاعد، حيث اتفق الطرفان على مواصلة المفاوضات في جولة ثانية يوم السبت المقبل. وتأتي هذه التطورات في ظل مهلة من شهرين حددها ترامب للتوصل إلى اتفاق، مع تلويحه بخيارات عسكرية في حال فشل الدبلوماسية، فيما تشير مصادر إلى استعداد الرئيس الأمريكي لتقديم تنازلات معينة من أجل إبرام الاتفاق.
تصريحات ترامب حول المفاوضات الإيرانية
في أول تعليق له على المحادثات التي جرت في مسقط، صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للصحفيين من على متن الطائرة الرئاسية قائلاً: “المحادثات مع إيران تسير بشكل جيد.. لا شيء أهم من انجاز الاتفاق، لذلك لا أحب الحديث عنها”. وأضاف ترامب: “أعتقد أنها تمضي على نحو جيد. لا شيء يهم حتى تنتهي (المحادثات)، لذلك لا أحبّذ الحديث عنها. لكنها تمضي على ما يرام، اعتقد أن الأمور مع إيران تسير على نحو جيد للغاية”.
وتأتي تصريحات ترامب المتفائلة في وقت حرج من العلاقات الأمريكية-الإيرانية، حيث يسعى الرئيس الأمريكي للتوصل إلى اتفاق سريع يمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. وفي الوقت نفسه، تحدث ترامب أيضاً عن مفاوضات أخرى بين روسيا وأوكرانيا، مشيراً إلى أنها “قد تسير على ما يرام” وأن هناك “أنباءً سارة كثيرة” سيتم الإعلان عنها قريباً حول بعض النزاعات في الخارج.
خلفية التهديدات والمهلة
كان ترامب قد حدد مهلة شهرين للتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، وذلك عبر رسالة أرسلها في أوائل مارس الماضي إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. وقد هدد الرئيس الأمريكي بفرض عقوبات إضافية على إيران، وحتى بشن ضربات عسكرية غير مسبوقة إذا رفضت التوقيع على الاتفاق.
هذه التهديدات قابلتها تحذيرات إيرانية من تأثير التصعيد العسكري، حيث أكد مستشار المرشد الإيراني علي شمخاني أن ذلك قد يؤدي إلى ردود فعل مثل إخراج مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ونقل اليورانيوم المخصب إلى أماكن آمنة.
تفاصيل المفاوضات في سلطنة عُمان
استضافت العاصمة العُمانية مسقط يوم السبت 12 أبريل 2025 الجولة الأولى من المحادثات غير المباشرة بين وفد إيراني برئاسة وزير الخارجية عباس عراقجي، وآخر أمريكي برئاسة مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بوساطة وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي.
وعلى الرغم من أن المفاوضات كانت غير مباشرة في البداية، إلا أن المصادر تشير إلى أن عراقجي وويتكوف التقيا وجهاً لوجه لفترة وجيزة. ووفقاً للبيت الأبيض، فإن “التواصل المباشر” الذي أجراه ويتكوف مع الوفد الإيراني يمثل “خطوة إلى الأمام نحو تحقيق نتيجة تعود بالنفع على الطرفين”.
وصف البيت الأبيض جولة المفاوضات بأنها “إيجابية وبنّاءة إلى حد كبير”، مضيفاً أنّ “ويتكوف أكّد لعراقجي أنّه تلقى تعليماتٍ من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب لحلّ الخلافات بالحوار والدبلوماسية إن أمكن ذلك”.
استعداد ترامب لتقديم تنازلات
وفقاً لما نشره موقع “أكسيوس” الإخباري الأمريكي، فإن ترامب “مستعد لتقديم تنازلات” من أجل التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي. ونقل الموقع عن مسؤول في الإدارة الأمريكية قوله: “السؤال الرئيسي الذي نريد إجابة عليه من الإيرانيين، هو ما إذا كانت لديهم الإرادة السياسية لإجراء نقاش جاد، حتى لا نضطر للجوء إلى البديل الآخر”.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز“، لم يطلب ويتكوف من إيران خلال المحادثات التخلي عن برنامج تخصيب اليورانيوم، وهو ما يمثل تغييراً في الموقف الأمريكي مقارنة بالتصريحات السابقة.
الموقف الإيراني من المفاوضات
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، انتهاء الجولة الأولى من المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، وقالت إن “المحادثات جرت في أجواء إيجابية على أساس مبدأ الاحترام المتبادل”. كما أكدت أن “طهران وواشنطن اتفقتا على مواصلة المحادثات خلال الأسبوع المقبل”.
وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للتلفزيون الإيراني: “أعتقد أننا قريبون للغاية من التوصل إلى أساس للمفاوضات، وإذا تمكنا من التوصل إلى هذا الأساس الأسبوع المقبل فإننا سنكون قد قطعنا شوطا طويلا وسنكون قادرين على بدء مناقشات حقيقية بناء على ذلك”.
مواقف إيران بشأن الاتفاق النووي
أشار عراقجي إلى أن الجانب الأمريكي أبدى رغبته في التوصل إلى اتفاق “في أقرب وقت ممكن”، لكنه أضاف أن ذلك “لن يكون سهلاً وسيتطلب استعداداً من الجانبين”. كما أكد أن المحادثات، وهي الأولى بين إيران وإدارة ترامب الثانية، جرت في “أجواء بناءة وهادئة وإيجابية”.
وأضاف عراقجي: “اتفق الطرفان على مواصلة المحادثات. ربما السبت المقبل. ترغب إيران والجانب الأمريكي في إبرام اتفاق في المدى القصير. لا نريد محادثات من أجل المحادثات”. كما أوضح أنهم لا يريدون “مفاوضات عقيمة، ومناقشات من أجل المناقشات، وإضاعة للوقت ومفاوضات تستمر إلى ما لا نهاية”.
وفقاً لصحيفة “وول ستريت جورنال“، فإن طهران مستعدة للعودة إلى مستويات التخصيب المحددة في الاتفاق النووي لعام 2015، بشرط استيفاء واشنطن لشروط معينة.
ردود الفعل الدولية والإقليمية
وصف الدبلوماسي الروسي الكبير ميخائيل أوليانوف، الممثل الدائم لروسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا، نتائج المحادثات الأمريكية الإيرانية بأنها “مشجعة”. وكتب أوليانوف على تطبيق “تليغرام”: “في ختام اجتماع اليوم في عُمان، وصف كل من الإيرانيين والأمريكيين المحادثات التي جرت بأنها إيجابية وبناءة”.
من جانبه، أشار وزير الخارجية العماني إلى أن المناقشات تمت في “أجواء ودية”، موضحاً أن الهدف منها هو التوصل إلى اتفاق “عادل وملزم”.
خلفية العلاقات الأمريكية-الإيرانية
تأتي هذه المفاوضات بعد سنوات من التوتر في العلاقات الأمريكية-الإيرانية، خاصة منذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018. في ذلك الوقت، وصف ترامب الاتفاق بأنه “كارثي” وقال إنه منح الأموال لنظام يدعم الإرهاب.
وتعتبر هذه المحادثات هي الأعلى مستوى منذ ذلك الحين، وتأتي في وقت يسعى فيه ترامب لإبرام اتفاق جديد يمنع إيران من تطوير سلاح نووي.
الخطوات المقبلة والتوقعات
اتفق الطرفان على مواصلة المحادثات، حيث من المقرر عقد الجولة الثانية يوم السبت 19 أبريل 2025. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن المفاوضات ستركز على وضع الأسس لمناقشات أكثر تفصيلاً حول البرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات عن طهران.
وبينما يسعى كلا الطرفين للتوصل إلى اتفاق في المدى القصير، فإن التحديات والخلافات بينهما تظل كبيرة، خاصة في ظل انعدام الثقة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق السابق. ومع ذلك، فإن التصريحات الإيجابية والتقارير عن استعداد ترامب لتقديم تنازلات تشير إلى وجود فرصة حقيقية للتوصل إلى تسوية.
التداعيات المحتملة
تشكل المفاوضات الأمريكية-الإيرانية في مسقط تطوراً مهماً في العلاقات بين البلدين، وتفتح باب الأمل في إمكانية تخفيف التوترات في الشرق الأوسط. التصريحات الإيجابية من كلا الجانبين، إلى جانب الاتفاق على مواصلة المحادثات، تشير إلى وجود إرادة سياسية للتوصل إلى حل دبلوماسي.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة يتعين التغلب عليها، بما في ذلك الخلافات حول نطاق وطبيعة البرنامج النووي الإيراني، ورفع العقوبات الأمريكية، وآليات التحقق والتفتيش. كما أن التوقيت الضيق – مع مهلة الشهرين التي حددها ترامب – يضيف ضغطاً إضافياً على المفاوضين.
إن نجاح هذه المفاوضات سيكون له تأثير كبير على الاستقرار الإقليمي والدولي، بينما قد يؤدي فشلها إلى تصعيد خطير قد يشمل خيارات عسكرية. وعليه، فإن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار العلاقات الأمريكية-الإيرانية والأمن في منطقة الشرق الأوسط.