الفيلق الخامس يحل نفسه: تسليم مقدرات اللواء الثامن بقيادة أحمد العودة لوزارة الدفاع السورية
في تطور غير مسبوق يعيد تشكيل المشهد العسكري في الجنوب السوري، أعلن اللواء الثامن (الفيلق الخامس سابقاً) بقيادة أحمد العودة يوم الأحد 13 أبريل 2025 حل نفسه رسمياً وتسليم جميع مقدراته العسكرية والبشرية لوزارة الدفاع السورية، في خطوة تاريخية تعكس تحولاً كبيراً في المشهد الأمني بمحافظة درعا. وتضمن القرار تكليف النقيب محمد القادري بالتنسيق المباشر مع الجهات المعنية لإتمام عملية الانتقال والتسليم بسلاسة.
خلفية وتأسيس اللواء الثامن
تشكّل اللواء الثامن عام 2018 كجزء من الفيلق الخامس التابع للجيش السوري السابق، بعد مفاوضات مباشرة بين أحمد العودة وروسيا ونظام الأسد المخلوع. وكان يعتبر أحد أكبر التكتلات العسكرية في محافظة درعا وأبرزها في المشهد الميداني، حيث اتخذ من مدينة بصرى الشام معقلاً رئيسياً له.
كان أحمد العودة، الموصوف بـ”رجل روسيا في الجنوب”، قد انضم إلى صفوف الجيش السوري الحر في درعا منذ اندلاع الثورة السورية كقائد لإحدى الكتائب المعارضة. وأصبح لاحقاً قائداً للواء الثامن، المنبثق عن فصيل “قوات شباب السنة” الذي تأسس عام 2012.
أحداث بصرى الشام والتوتر الأمني
سبق قرار حل اللواء الثامن سلسلة من الأحداث والتوترات الأمنية في مدينة بصرى الشام، بدأت في 11 أبريل 2025 عندما قام اللواء بحملة اعتقالات ترافقت مع إطلاق نار وفرض حظر تجوال في عدد من الأحياء.
وكانت نقطة التحول الرئيسية هي مقتل القيادي بلال الدروبي الذي انضم مؤخراً إلى وزارة الدفاع وكان يستقطب عناصر من اللواء للانضمام إليها، مما أثار غضباً شعبياً واسعاً وخروج مظاهرات تطالب بمحاسبة المتورطين في قتله.
دوافع قرار الحل وآليات التنفيذ
شدد البيان الصادر عن اللواء أن قرار الحل يأتي “انطلاقاً من تعزيز الوحدة الوطنية وتعزيز الأمن والاستقرار، والالتزام بسيادة الدولة وسلطتها”. وتم تكليف النقيب محمد القادري بالتنسيق المباشر مع الجهات المعنية في وزارة الدفاع، لتنفيذ عملية التسليم التي تشمل المقرات العسكرية والسجون والحواجز ومخازن السلاح والآليات.
وضمن عملية التسليم، تم بالفعل تحويل 14 سجيناً من سجون اللواء إلى مراكز الأمن العام في محافظة درعا، وتسليم اثنين من المتورطين في قضية مقتل الدروبي.
السياق السياسي والتحولات في سوريا
يأتي هذا القرار في سياق التغييرات السياسية والعسكرية التي تشهدها سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، وتولي أحمد الشرع، قائد هيئة تحرير الشام سابقاً، رئاسة الفترة الانتقالية التي تستمر لمدة 5 سنوات.
وكان أحمد العودة قد رفض سابقاً الانصياع لقرارات وزارة الدفاع بحل جميع الفصائل ودمجها تحت مظلتها، مطالباً بضمانات محددة ومتمسكاً بإدارة منطقة نفوذه في درعا، مما جعله من آخر قادة الفصائل المسلحة الذين يقبلون بالاندماج في المؤسسة العسكرية الرسمية.
تداعيات الحل وآفاق المستقبل
يرى خبراء عسكريون أن حل اللواء الثامن يشكل خطوة محورية في إعادة ضبط الوضع الأمني في الجنوب السوري، وتعزيز سلطة الدولة المركزية في المنطقة، وخطوة باتجاه إنهاء حالة الانفلات الأمني التي كانت سائدة.
ويبقى السؤال الأبرز حول مصير أحمد العودة والقادة الآخرين الذين لم يتطرق البيان إلى مستقبلهم، ومدى نجاح عملية دمج عناصر اللواء في وزارة الدفاع، وتأثير ذلك على استقرار محافظة درعا والجنوب السوري بشكل عام.