كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن الضربات الجوية المكثفة التي شنتها الولايات المتحدة ضد جماعة الحوثي في اليمن قد تمهد الطريق لتدخل بري محتمل ضد الميليشيا المدعومة من إيران، عبر قوات يمنية محلية مدعومة أمريكيا، في تحول استراتيجي لافت ضمن حملة الضغط العسكري المستمرة منذ أشهر.
وبحسب التقرير، فإن القوات اليمنية الحكومية بدأت تستشعر “فرصة ثمينة” لاستعادة أراض سيطر عليها الحوثيون منذ قرابة عقد، مستغلة الضعف العسكري الذي لحق بالميليشيا جراء الحملة الجوية الأمريكية التي انطلقت رسميا في 15 مارس/آذار الماضي.
خطة للسيطرة على الحديدة… وواشنطن منفتحة
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين يمنيين وأمريكيين أن هناك خطة مرتقبة لشن عملية برية على طول الساحل الغربي لليمن، وتحديدا نحو ميناء الحديدة الاستراتيجي، الذي يعتبر أحد الشرايين الاقتصادية الأهم للحوثيين، ومنطلقا لهجماتهم البحرية ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وأكدت المصادر أن متعاقدين أمنيين أمريكيين يقدمون حاليا استشارات عسكرية ميدانية للقوات اليمنية بشأن هذه العملية، دون مشاركة مباشرة للجيش الأمريكي على الأرض.
من جانبها، أبدت الإدارة الأمريكية انفتاحها على دعم أي عملية برية تقودها قوات محلية، في حين أكدت أنها لم تتخذ قرارا نهائيا بعد، مكتفية بدور الاستشارة والتنسيق، وفق ما نقله التقرير عن مسؤولين أمريكيين.
وقال برايان هيوز، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، إن “أمن البحر الأحمر يقع في نهاية المطاف على عاتق شركائنا في المنطقة”، مشددا على أهمية التنسيق للحفاظ على أمن وسلامة الملاحة الدولية في تلك المنطقة الحيوية.
تحذير حوثي من “جحيم” أمريكي
في المقابل، جاءت ردود الحوثيين قوية وحادة، حيث حذر محمد علي الحوثي، القيادي البارز في الجماعة، من أن أي تدخل بري في اليمن “لن يحقق النجاح” وسيواجه بـ”جحيم وفشل ذريع”، في رسالة مباشرة إلى واشنطن عبر منصة “إكس”.
وأضاف الحوثي أن القصف الأمريكي المتواصل “لن يوقف الدعم والإسناد لغزة”، مؤكدا أن الخيارات العسكرية الأمريكية في اليمن أثبتت فشلها، وأن استمرار الهجمات يمثل استنزافا للولايات المتحدة.
غارات أمريكية بريطانية على مواقع الحوثيين بمدينة الحديدة
قصف أمريكي بريطاني على مواقع الحوثيين في صنعاء والحديدة
ترامب يعيد تصنيف الحوثيين “منظمة إرهابية” و اليمن يرحب بالقرار
أبعاد استراتيجية وارتباط بالصراع الإقليمي
ويرى مراقبون أن السيطرة المحتملة على ميناء الحديدة ستكون ضربة موجعة للحوثيين، لما تمثله من منفذ حيوي لتلقي الأسلحة الإيرانية، وشريان اقتصادي مهم. رغم نفي طهران الدائم لدعمها العسكري للحوثيين، إلا أن تقارير أممية توثق بشكل مستمر شحنات أسلحة مصدرها إيران تم اعتراضها في طريقها للجماعة.
تأتي هذه التطورات في وقت حساس تشهده المنطقة، إذ تتزامن مع مفاوضات أمريكية – إيرانية غير مباشرة بشأن البرنامج النووي الإيراني، حيث تسعى واشنطن إلى إدراج دعم طهران لوكلائها الإقليميين ضمن أجندة النقاش، دون أن يتم ذلك حتى الآن، بحسب ما أفادت به مصادر مطلعة للصحيفة.
تصعيد متواصل منذ نوفمبر
وتشهد المنطقة توترا غير مسبوق منذ نوفمبر 2023، عندما بدأ الحوثيون شن هجمات ضد سفن الشحن الدولية والمواقع الإسرائيلية، في إطار ما وصفوه بـ”الرد على العدوان على غزة”. وتسببت هذه الهجمات في اضطراب حركة التجارة عبر البحر الأحمر وخليج عدن، ما دفع الولايات المتحدة وبريطانيا إلى تدخل عسكري مباشر استهدف منشآت حوثية عسكرية.
ورغم تنفيذ أكثر من 350 غارة أمريكية، لا تزال الجماعة تحتفظ بقدرات هجومية جوية وبحرية، وتؤكد مواصلة عملياتها “حتى يتوقف العدوان على غزة”، بحسب بياناتها المتكررة.
نحو مرحلة جديدة من الصراع؟
ويبدو أن العملية البرية المرتقبة قد تشكل نقطة تحول في مسار الصراع، حيث تتجه الولايات المتحدة إلى تقليص اعتمادها على الضربات الجوية المكثفة، مع تمكين القوات اليمنية الحكومية من فرض السيطرة على الأرض، ما يمثل نهجا جديدا لتجنب “الحروب المفتوحة”، كما تسعى إدارة الرئيس ترامب لتسويقه داخليا وخارجيا.










