في أبريل 2025، كشف الأمن الأردني عن شبكة معقدة من التحركات الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين، التي تتراوح دوافعها بين العوامل الداخلية والضغوط الإقليمية. هذا التقرير يتناول الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تصاعد التوتر بين جماعة الإخوان والنظام الأردني، مع تحليل معمق للسياقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شكلت خلفية هذه الأحداث.
الدور الإيراني في تقوية الجماعات المتطرفة
كشفت التحقيقات الأمنية في الأردن عن تلقي بعض العناصر من الخلايا المسلحة تدريبات في معسكرات تابعة لفيلق القدس الإيراني في لبنان. إضافة إلى ذلك، أكدت مصادر في الأجهزة الأمنية الأردنية أن إيران استثمرت ما يزيد عن 2 مليون دولار بين 2021 و2025 لدعم هذه الشبكات المسلحة.
تفيد المعلومات أن عناصر من الخلايا المسلحة في الأردن قد تلقوا تدريبات متقدمة في معسكرات تابعة لفيلق القدس الإيراني، وهو الجناح العسكري للحرس الثوري الإيراني، وذلك بهدف تعزيز قدراتهم على تنفيذ عمليات معقدة في الأردن والمنطقة بشكل عام. كما كشفت التحقيقات أن هذه الخلايا كانت تحصل على تمويلات مالية عبر شركات وهمية، مما يعقد جهود مراقبة وتحقيق مصادر التمويل المشبوهة.
هذا التمويل الإيراني يهدف إلى تسهيل عمليات تهريب الأسلحة وتمويل الخلايا المسلحة التي تعمل على تقويض استقرار الأردن، وهو ما يعكس وجود دعم إيراني مباشر لهذه الأنشطة.
تفجير المواد المتفجرة في ماركا الجنوبية
في يونيو 2024، تمكنت قوات الأمن الأردنية من تفجير مواد متفجرة عثر عليها في منطقة ماركا الجنوبية بالعاصمة عمان، في واحدة من أخطر العمليات التي استهدفت المملكة. وجاء هذا التفجير في أعقاب كشف مخطط إرهابي في مايو 2024 كان يستهدف الأمن الأردني، وهو ما دفع السلطات إلى تكثيف جهودها لمواجهة التهديدات المتصاعدة.
بحسب التحقيقات الأولية، قام أفراد من الخلايا المسلحة بتخزين كميات كبيرة من المواد المتفجرة داخل منزل في منطقة ماركا. وعلى إثر ذلك، تم تنفيذ عملية تفجير ناجحة بواسطة خبراء المتفجرات من سلاح الهندسة الملكي، حيث تم تفجير المواد في الموقع مع اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة، بما في ذلك عزل وإخلاء المنطقة بالكامل دون أن تسجل إصابات.
وقد أكدت مديرية الأمن العام الأردني أن التحقيقات ما زالت جارية، وأنها ستنشر تفاصيل القضية حال الانتهاء منها. في الوقت ذاته، حذرت السلطات من أن هناك تهديدات أمنية مستمرة، خاصة في ظل محاولات ميليشيات موالية لإيران تهريب أسلحة عبر الحدود السورية والعراقية.
ومن خلال التحقيقات الأمنية، تبين أن إيران، من خلال ميليشياتها المنتشرة في سوريا والعراق، كانت قد أرسلت أسلحة إلى خلية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن. ويعتقد أن الهدف من هذا الدعم هو مساعدة المعارضين للنظام الملكي الأردني لتنفيذ عمليات تخريبية ضد الدولة الأردنية.
في مارس 2024، تم إحباط مؤامرة تهريب أسلحة إلى الخلية، حيث ألقت الأجهزة الأمنية الأردنية القبض على مجموعة من الأفراد المشتبه بهم، الذين كانوا من أصول فلسطينية، وكان لديهم ارتباطات مع الجناح العسكري لحركة حماس. وكشفت مصادر أمنية أن الأسلحة أرسلت عبر ميليشيات مدعومة من إيران، بما في ذلك فصائل متمركزة في سوريا، وتم ضبط هذه الأسلحة في عملية استخبارية معقدة.
دور حماس كوسيط بين إيران والإخوان الأردنيين
أظهرت التحقيقات أن حركة حماس لعبت دورا رئيسيا كوسيط بين جماعة الإخوان المسلمين في الأردن وبين إيران. فقد استغلت حماس الأنفاق الحدودية بين غزة والأردن لتهريب الأسلحة الخفيفة، كما تبين من اعترافات المتهمين الذين أقروا بتلقي تعليمات مباشرة من قيادات حماس في لبنان لتنفيذ عمليات ضد أهداف داخل الأردن.
كما أشارت التحقيقات إلى أن الهيمنة المتزايدة للأعضاء من أصول فلسطينية في جماعة الإخوان الأردنيين قد ساهمت في تغيير أولويات الجماعة. حيث أصبح التركيز الأكبر على دعم القضية الفلسطينية كوسيلة لتعزيز شرعيتهم الشعبية، وهو ما يشير إلى توجهات أيديولوجية متزايدة تهدد استقرار المملكة في حال استمرت هذه الأنشطة.
الاقتصاد كأداة لتنفيذ المخططات
من جهة أخرى، استغل التنظيم حالة الفقر والبطالة المرتفعة في الأردن (التي تجاوزت 37% في 2024) لتجنيد المزيد من الأعضاء الجدد. وبحسب التحقيقات، قام التنظيم بتقديم مبالغ مالية تصل إلى 500 دينار شهريا للمشاركين في الأنشطة المسلحة. كما اعتمدت الجماعة على تحويلات مالية عبر جمعيات خيرية وهمية، حيث تم رصد نحو 4.3 مليون دولار تم تحويلها من دول مثل قطر وتركيا بين 2022 و2025.
في عام 2020، اتخذت المحكمة الأردنية قرارا بحل جماعة الإخوان المسلمين، ما دفع العديد من عناصرها إلى التحول إلى العمل السري. وفقا لمصادر أمنية، تحولت 40% من الأعضاء السابقين إلى أنشطة غير قانونية، مستغلين الشبكات الخيرية التي أنشأتها الجماعة لجمع الأموال وتمويل العمليات.
في مايو 2024، أغلقت السلطات الأردنية قناة “اليرموك” التابعة لجبهة العمل الإسلامي بسبب عدم امتثالها لقوانين الإعلام الأردني. وكانت هذه الخطوة تأتي بعد تقارير تشير إلى أن القناة كانت تحرض على الاضطرابات في الشوارع الأردنية.