قرار جديد من البنتاغون بشأن القوات الأمريكية في سوريا
شهدت الأسابيع الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في الحديث عن خطط أمريكية لخفض الوجود العسكري في سوريا، حيث أشارت تقارير متعددة إلى أن البنتاغون يدرس تقليص عدد القوات من 2000 جندي إلى نحو النصف خلال الأشهر المقبلة.
تأتي هذه الخطوة في إطار مراجعة شاملة للانتشار العسكري الأمريكي العالمي، والتي تهدف إلى إعادة توزيع القوات بما يتماشى مع الأولويات الاستراتيجية الجديدة، لا سيما في ظل التركيز المتزايد على مواجهة التحديات الصينية.
ورغم عدم الإعلان الرسمي عن تفاصيل نهائية، فإن التسريبات تشير إلى أن الخطة قد تشمل الحفاظ على وجود محدود لمراقبة السجون التي تحتجز آلاف المقاتلين السابقين في تنظيم “داعش”، بالتعاون مع القوات الكردية.
التطورات منذ 2014
بدأ الوجود العسكري الأمريكي في سوريا عام 2014 كجزء من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش”، حيث دعمت واشنطن “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بهدف استعادة المناطق التي سيطر عليها التنظيم.
وعلى الرغم من الإعلان المتكرر عن هزيمة “داعش” عام 2019، استمر التواجد الأمريكي بحجة منع عودة التنظيم وتأمين السجون التي تحتوي على آلاف المقاتلين وعائلاتهم.
التقلبات في سياسة الانسحاب
شهدت سياسة الانسحاب الأمريكي من سوريا تقلبات منذ عهد ترامب، الذي أعلن عام 2019 عن سحب القوات، إلا أن الضغوط الداخلية والخوف من فراغ أمني أدت إلى إعادة الانتشار.
وفي ديسمبر 2024، كشف البنتاغون عن وجود نحو 2000 جندي أمريكي في سوريا، ضِعف العدد المُعلن سابقًا، ما أثار تساؤلات حول الاستراتيجية طويلة المدى.
تفاصيل خطط التخفيض الحالية
الهيكلية المقترحة للانسحاب
وفقًا لمسؤولين أمريكيين، فإن الخطة الحالية تهدف إلى دمج القواعد العسكرية وتقليل عدد الجنود إلى ما بين 800 و1000 جندي.
و سيتركز البقاء المحدود على دعم “قسد” في إدارة السجون التي تحتوي على 10 آلاف معتقل من “داعش”، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات استخباراتية ضد خلايا التنظيم المتبقية.
وتشير التسريبات إلى أن الانسحاب قد يتم على مراحل خلال 30 إلى 90 يومًا، مع تركيز على سحب المعدات الثقيلة أولًا. ويرتبط هذا التوقيت بالرغبة في تجنب تكرار سيناريو الفوضى التي صاحبت الانسحاب من أفغانستان عام 2021، حيث يُشدد المسؤولون على أهمية التنسيق مع الحلفاء الإقليميين مثل العراق والأكراد.
الدوافع الكامنة وراء الخطوة
تعكس خطط التخفيض تغييرًا في الأولويات الاستراتيجية لإدارة ترامب، التي تركز على تقليل التكاليف المالية والبشرية للوجود العسكري الخارجي، والتحول نحو مواجهة الصين في المحيط الهادئ.
كما أن الضغوط السياسية الداخلية، خاصة من التيار الانعزالي داخل الحزب الجمهوري، تلعب دورًا في تسريع هذه الخطوة.
ورغم أن البنتاغون يُصر على أن المهمة الأساسية تظل مكافحة “داعش”، فإن تقارير استخباراتية تشير إلى تراجع القدرات العسكرية للتنظيم، مما يقلل من المبرر الاستراتيجي للبقاء بكثافة.
ومع ذلك، يحذر بعض الخبراء من أن الانسحاب الجزئي قد يُعطي فرصة لعودة التنظيم، خاصة في ظل عدم استقرار الأوضاع السياسية في سوريا.
الموقف الكردي والمخاوف من التخلي
أعربت القيادات الكردية عن قلقها من أن يؤدي الانسحاب الأمريكي إلى تقويض مكاسبها الأمنية، خاصة مع تصاعد التوترات مع الحكومة السورية وتركيا.
وتخشى “قسد” من أن تُترك وحدها في مواجهة التهديدات المتعددة، بما في ذلك الهجمات المحتملة من قبل الفصائل الموالية لإيران أو تركيا.
الضغوط الإسرائيلية والتركية
كشفت تقارير إعلامية أن إسرائيل ضغطت على واشنطن لتأجيل الانسحاب، خشية من توسع النفوذ الإيراني في الفراغ الأمني.
ومن جهتها، تركيا – التي تعتبر “قسد” فرعًا لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيًا – تُشجع على الانسحاب الأمريكي كخطوة نحو تعزيز نفوذها في شمال سوريا.
التحديات والمخاطر المحتملة
إدارة السجون وانتشار الإرهاب
يُعتبر ملف السجون أحد أكبر التحديات، حيث تحتجز “قسد” نحو 10 آلاف معتقل من “داعش” في ظروف إنسانية صعبة.
وحذرت الأمم المتحدة من أن أي إهمال في حراسة هذه السجون قد يؤدي إلى هروب المقاتلين وانبعاث التنظيم من جديد.
التوترات مع الحلفاء المحليين
قد يؤدي انسحاب القوات الأمريكية إلى تفاقم الخلافات بين الفصائل السورية، خاصة مع تصاعد المنافسة بين “قسد” والقوات الموالية للنظام السوري على السيطرة على المناطق الشرقية الغنية بالنفط.
كما أن عدم وجود ضمانات سياسية للأكراد يزيد من مخاطر اندلاع مواجهات مسلحة.