حزب الله يرحّل المئات من قياداته إلى أمريكا اللاتينية وأفريقيا: استراتيجية الانتشار والبقاء
كشفت تقارير إعلامية حديثة عن قيام حزب الله اللبناني بترحيل المئات من قياداته الميدانية وعائلاتهم إلى دول في أمريكا اللاتينية وأفريقيا خلال الأسابيع الأخيرة. وفقاً لمصادر دبلوماسية، تم نقل نحو 400 قيادي من الفئة الوسطى وعائلاتهم، توزعوا بين عدة دول أبرزها فنزويلا وكولومبيا والبرازيل والإكوادور، بينما فضّل بعضهم الاستقرار في مناطق بغرب أفريقيا.
خلفية عملية الترحيل وتفاصيلها
نقلت قناة الحدث عن مصدر دبلوماسي لاتيني أن حزب الله رحّل 400 قائد ميداني مع عائلاتهم إلى فنزويلا وكولومبيا والبرازيل والإكوادور مؤخراً. وتؤكد المعلومات أن هذه القيادات تنتمي للفئة الوسطى في الحزب وليست من القيادات العليا، التي يُرجح أن يكون مصيرها إما البقاء في لبنان أو الانتقال إلى إيران أو العراق.
وكشف علي حمادة، مستشار قناة الحدث لشؤون الشرق الأوسط، أن “ترحيل قيادات حزب الله وعائلاتهم إلى أميركا اللاتينية سيتم بسرية وحذر وعلى دفعات خوفاً على حياتهم”، مشيراً إلى أنه “جرى توزيع 200 منهم على 4 دول حتى الآن”.
أسباب ودلالات الانتقال
يرى مراقبون أن عملية الترحيل تعكس تحولاً استراتيجياً في سياسة حزب الله بعد الضربات القوية التي تلقاها خلال المواجهات الأخيرة مع إسرائيل، والتي أدت إلى مقتل زعيمه التاريخي حسن نصر الله وقيادات بارزة أخرى.
وتتزامن عملية الترحيل مع تسليم الحزب أغلبية أسلحته ومخازنه جنوب نهر الليطاني إلى الجيش اللبناني، وفق اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل الذي دخل حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
حزب الله في أمريكا اللاتينية: تاريخ من النفوذ والتمويل
أرسى حزب الله عبر السنوات حضوراً قوياً ومتعدد الأوجه في أمريكا اللاتينية، يشمل شبكات تمويل متنوعة وعلاقات وثيقة مع جاليات لبنانية وشيعية منتشرة في دول المنطقة.
تعتبر المنطقة التي تلتقي فيها الأرجنتين والبرازيل وباراغواي (المعروفة بمنطقة الحدود الثلاثية) مركزاً رئيسياً لأنشطة حزب الله. وتشير التقارير إلى تورط الحزب في التهريب وغسل الأموال وجمع التبرعات من خلال مشاريع مختلفة، مشروعة وغير مشروعة.
وجود حزب الله في أفريقيا: الشتات اللبناني والنفوذ الشيعي
يحظى حزب الله بنفوذ كبير في عدة دول أفريقية، خاصة في غرب القارة، وعلى رأسها ساحل العاج والكونغو الديمقراطية ونيجيريا وأفريقيا الوسطى. ففي ساحل العاج، التي تعد المركز الرئيسي لجمع التبرعات للحزب داخل أفريقيا، توجد أكبر جالية لبنانية في غرب أفريقيا مكونة من أكثر من 100,000 مغترب.
استفاد الحزب من النشاط التجاري الكبير للجاليات اللبنانية في غرب وجنوب القارة، ووفقاً لتقارير وزارة الخزانة الأمريكية، تشارك شبكات حزب الله في أفريقيا في عمليات غسيل أموال وتجارة الماس والذهب وتهريب المخدرات.
مستقبل حزب الله بعد عملية الترحيل
تمثل عملية ترحيل المئات من قيادات حزب الله إلى أمريكا اللاتينية وأفريقيا تحولاً استراتيجياً في سياسة الحزب ومؤشراً على مرحلة جديدة في تاريخه بعد الضربات التي تلقاها مؤخراً.
يواجه حزب الله تحديات كبيرة بعد مقتل قيادته التاريخية وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي يتضمن تفكيك قوته العسكرية جنوب نهر الليطاني. ويبدو أن نقل القيادات الميدانية إلى الخارج هو جزء من استراتيجية للحفاظ على الحزب وإعادة تموضعه في ظل هذه الظروف.
قد تشير عملية الترحيل إلى تحول في أولويات الحزب وتركيزه على تعزيز شبكاته الخارجية وتأمين مصادر تمويله بعيداً عن لبنان والشرق الأوسط، خاصة مع تراجع الدعم الإيراني بسبب العقوبات الاقتصادية الدولية.
مستقبل حزب الله
يمثل ترحيل المئات من قيادات حزب الله وعائلاتهم إلى أمريكا اللاتينية وأفريقيا تطوراً مهماً يعكس تحولات جوهرية في استراتيجية الحزب وواقعه بعد المواجهات الأخيرة مع إسرائيل. وفي ظل تراجع قوته العسكرية في لبنان وفقدانه لقيادات بارزة، يبدو أن الحزب يسعى للحفاظ على وجوده من خلال الاستفادة من شبكاته الخارجية التي بناها على مدى عقود في أمريكا اللاتينية وأفريقيا.
تظل الأسئلة مفتوحة حول مستقبل هذه القيادات في الخارج ومدى قدرتها على الحفاظ على تماسك الحزب وتأمين مصادر تمويله في ظل الضغوط الدولية المتزايدة التي تستهدف نشاطاته.










