هزت فضيحة مدوية أوساط النخبة السياسية التركية، بعد أن فجر رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، أوزغور أوزل، قنبلة سياسية خلال اجتماع كتلة حزبه البرلمانية، كاشفا عن شبكة علاقات مشبوهة تربط مسؤولين أتراك نافذين برجل المافيا الراحل خليل فاليالي، الذي اغتيل في قبرص عام 2022.
المافيا تصور السياسيين: الجنس والقمار مقابل الولاء
تشير التحقيقات إلى أن فاليالي، الذي كان يدير إمبراطورية من الكازينوهات والفنادق الفاخرة في الشطر التركي من جزيرة قبرص، اعتاد على استضافة شخصيات سياسية وأمنية رفيعة المستوى، حيث كان يتم تصويرهم خلال ممارستهم أنشطة مشبوهة تتضمن لعب القمار والانفراد بفتيات في غرف الفنادق.
ووفق الصحافي الاستقصائي التركي، جوهري غوفان، فقد استخدم فاليالي هذه المقاطع كأداة ضغط لضمان حماية مصالحه داخل تركيا وخارجها، فيما ظل ميناؤه الخاص في قبرص يعمل دون رقابة، بدعم غير مباشر من القوات التركية المنتشرة في الجزيرة.
تسريبات تهدد النخبة: أبناء مسؤولين في الواجهة
وبحسب المعلومات التي كشفها أوزل، فإن مقاطع الفيديو المسربة تطال نجل وزير الخارجية التركي الحالي هاكان فيدان، وأيضا نجل رئيس الوزراء ورئيس البرلمان الأسبق بن علي يلدرم. وقد حاولت أجهزة الدولة احتواء الفضيحة عبر إرسال أكرم سيريم، السفير التركي السابق في قبرص، لاسترجاع تلك الأشرطة الحساسة، والتي يقال إن عددها يتراوح بين 45 و50.
سيريم، وهو نجل أحد المقربين من الرئيس رجب طيب أردوغان، سلم 40 شريطا إلى جهاز الاستخبارات الوطنية (MIT)، لكنه احتفظ بخمسة أشرطة، ما أدى لاحقا إلى عزله من منصبه بعد ضغوط من أعلى المستويات.
المافيا والسلطة: علاقات مشبوهة تتسلل إلى الدولة
جميل أونال، المدير المالي السابق لفاليالي، قدم من هولندا شهادات صادمة بعد اعتقاله لـ16 شهرا، كاشفا عن شبكة غسيل أموال تورط فيها سياسيون وعسكريون أتراك، تلقوا رشاوى لضمان استمرار أنشطة الشبكة المافيوية العابرة للحدود.
ويكشف غوفان أن تسريب هذه الفيديوهات ليس فقط مسألة فضائح أخلاقية، بل دليل على صراع داخلي محتدم داخل أجهزة الدولة، حيث يتواجه جناح فيدان و”رجال أردوغان القدامى” مع تيارات جديدة تسعى إلى كسر القبضة القديمة على السلطة.
معركة قضائية مؤجلة؟
رغم حجم المعلومات المتداولة، لم يتحرك الادعاء العام التركي حتى اللحظة، مما دفع أوزل للمطالبة بـ”مدع عام شجاع” يتجرأ على فتح هذه الملفات الحساسة، مؤكدا أن حجم الفساد “يعادل حجم جزيرة قبرص نفسها”.
وفيما تتصاعد الدعوات داخل المعارضة لفتح تحقيق قضائي مستقل، يرى مراقبون أن ما يجري هو صراع نفوذ لا أكثر، قد ينتهي بتسويات تحت الطاولة بدل المحاسبة الحقيقية، في بلد تخاض فيه معارك السلطة داخل ظلال أجهزة الدولة لا في أروقة البرلمان.










