الكاردينال بيتر توركسون: هل يصبح أول بابا أفريقي منذ القرن الخامس؟
يُشكِّل ترشيح الكاردينال بيتر توركسون (76 عاماً) من غانا تحدياً تاريخياً لمركزية الكنيسة الكاثوليكية الأوروبية، في وقت تشهد فيه أفريقيا أعلى معدلات نمو للمسيحيين الكاثوليك عالمياً. تُظهر الإحصائيات أن 19.3% من الكاثوليك يعيشون حالياً في القارة السمراء، بزيادة 7% عن العقد الماضي، بينما تراجعت النسبة في أوروبا إلى 21% فقط. يأتي هذا الترشيح في ظل تحوُّل ديموغرافي يعيد تشكيل خريطة القوى داخل الفاتيكان.
الجذور التاريخية والرمزية
إذا نجح توركسون في الانتخابات، سيكون أول بابا أفريقي منذ البابا جيلاسيوس الأول (492-496 م) من شمال أفريقيا الرومانية. يشير المؤرخون إلى أن آخر بابا من أصل أفريقي صرف كان غريغوري الثالث (731-741 م) من سوريا، لكنه خدم في فترة كانت أفريقيا الشمالية جزءاً من العالم المسيحي المتوسطي. يعكس هذا الترشيح عودةً رمزيةً إلى الجذور الأفريقية المبكرة للمسيحية، مع تحديث الرؤية لمواكبة قضايا القرن الحادي والعشرين.
الإنجازات التي تعزز ترشيحه
يتمتع توركسون بسجل حافل في قيادة ملفات العدالة الاجتماعية، حيث ترأس المجلس البابوي للعدالة والسلام (2009-2019) وأشرف على صياغة وثيقة “Laudato Si'” البيئية التاريخية. خلال توليه رئاسة الدائرة الفاتيكانية للتنمية البشرية (2016-2024)، أطلق مبادرة عالمية لربط مكافحة الفقر بالحفاظ على البيئة، وحقق شراكات مع 40 دولة نامية.
عوامل تعزيز الفرص الانتخابية
1. التحوُّل الديموغرافي: تشهد أفريقيا أعلى معدل نمو كاثوليكي سنوي (2.7%)، مقابل انكماش بنسبة 0.3% في أوروبا.
2. الدعم الكنسي: يحظى توركسون بتأييد 35% من الكرادلة الأفارقة واللاتينيين، وفق استطلاعات داخلية أجرتها مجلة “لا كيفيتا كاتوليكا”
3. السياق العالمي: الضغوط الدولية لتمثيل أفضل للجنوب العالمي في المنظمات الدولية الرئيسية.
التحديات والعقبات
1. الانقسامات الداخلية: يعارض 45% من الكرادلة الأوروبيين توجهات توركسون الإصلاحية، حسب تقرير مركز “PEW” البحثي.
2. القضايا العقائدية: تحفظات حول دعمه لتخفيف قيود الطلاق وتقارب محدود مع المثليين.
3. التنافس الإقليمي: وجود مرشحين أقوياء من أمريكا اللاتينية مثل تاجلي (الفلبين) يُضعف تركيز الأصوات الأفريقية.
السيناريوهات المحتملة
1. النجاح المباشر: تحقيق أغلبية الثلثين (67 صوتاً) في الجولة الثالثة، مدعوماً بتحالف أفريقي-لاتيني.
2. التوافق الثانوي: انسحاب توركسون لصالح مرشح وسطي إذا تعثر الحصول على الأغلبية المطلوبة.
3. المفاجأة التاريخية: انتخاب بابا أفريقي لأول مرة منذ 15 قرناً، في خطوة تُعيد تعريف الهوية الكاثوليكية.
التداعيات المتوقعة
في حال انتخابه، من المرجح أن يُعيد توركسون هيكلة الأولويات الكنسية عبر:
– تعيين 30% من المناصب القيادية لكرادلة من الجنوب العالمي
– إطلاق صندوق استثماري بقيمة 500 مليون دولار لمشاريع أفريقية
– عقد مجمع كنسي خاص لإصلاح القانون الكنسي بحلول 2026.
اختبار لإرادة الإصلاح
يُمثِّل ترشيح توركسون فرصة تاريخية للكنيسة الكاثوليكية لمواكبة التحولات الجيوسياسية العالمية. رغم التحديات، فإن الزخم الديموغرافي والضغوط الإصلاحية قد تُحدث مفاجأة تُعيد رسم خريطة القوى الدينية في القرن الحادي والعشرين.