تصاعد نشاط داعش الدعائي وتحذيرات أمريكية من هجمات إرهابية مع تخفيض الوجود العسكري في سوريا
نشر تنظيم داعش الإرهابي مقطع فيديو دعائي جديد يوم الاثنين 20 أبريل 2025، يهاجم فيه نظام أحمد الشرع “أبو محمد الجولاني”، زعيم هيئة تحرير الشام، واصفاً إياه بالخروج عن “شرع الله”، وداعياً جنوده إلى “التوبة والعودة إلى جند الله الصادقين”. جاء الفيديو في سياق تصاعد النشاط الدعائي للتنظيم، بالتزامن مع تحذيرات أمريكية من هجمات إرهابية محتملة، وتخفيض واشنطن وجودها العسكري في شمال شرق سوريا، ما أثار تساؤلات حول استراتيجية مكافحة الإرهاب في المنطقة.
محتوى الفيديو الدعائي واستهداف نظام الجولاني
ظهر في المقطع المسلحون ملثمون وهم يلقون خطاباً باللغة العربية الفصحى، يتهمون فيه الجولاني بـ”الانحراف عن منهج الجهاد”، مع عرض مشاهد لتدريبات عسكرية في مواقع صحراوية مجهولة. شدد المتحدث باسم التنظيم على أن “من خرج عن الجماعة فقد خان البيعة”، في إشارة إلى انشقاق العديد من عناصر داعش السابقين الذين انضموا إلى هيئة تحرير الشام بعد هزيمة التنظيم عام 2019.
أظهر الفيديو لقطات أرشيفية لهجمات داعش السابقة في أوروبا، مع تهديدات ضمنية بتكرارها إذا لم يتراجع الجولاني عن سياسته. كما تضمن المقطع رسائل موجهة إلى “المجتمع السني” في سوريا، حاثة إياهم على عدم الانخداع بـ”الشعارات البراقة” التي تروجها هيئة تحرير الشام.
ردود الفعل وتحليلات الخبراء
يرى مراقبون أن هذا الهجوم الدعائي يأتي في إطار الحرب الإعلامية بين التنظيمين، حيث يسعى داعش لاستعادة نفوذه بين الجماعات الجهادية بعد تراجع هيئة تحرير الشام عن الخطاب المتشدد. قال الخبير الأمني أحمد زيدان: “الفيديو محاولة لاستغلال الانقسامات الداخلية في صفوف الهيئة، خاصة بين العناصر السابقة المنتمية لداعش والتي تشكل نحو 40% من قواتها”.
التحذيرات الأمريكية وارتباطها بالتطورات الميدانية
جاءت هذه التطورات بالتزامن مع تحذيرات صادرة عن مسؤولين أمريكيين من تصاعد التهديدات الإرهابية. قال بريت هولمجرين، رئيس المركز الوطني لمكافحة الإرهاب: “أصبحت أنشطة داعش في إفريقيا تشكل تهديداً متزايداً، وقد تمتد إلى المصالح الأمريكية إذا تُركت دون رد”. ربط محللون بين هذه التصريحات والمعلومات الاستخباراتية عن تحركات للتنظيم في العراق وسوريا.
تخفيض الوجود العسكري الأمريكي: دوافع ومخاطر
في سياق متصل، بدأت القوات الأمريكية إغلاق ثلاث قواعد عسكرية في دير الزور والرقة، حيث نقلت معدات عسكرية ثقيلة إلى قواعد في الحسكة والشدادي. وفقاً لمسؤولين أمريكيين، فإن عدد القوات سينخفض من 2000 إلى 1400 جندي، مع احتمال تخفيض إضافي خلال 60 يوماً.
أعرب خبراء أمنيون عن قلقهم من أن يشكل هذا الانسحاب فرصة لداعش لإعادة تنظيم صفوفه. قال الجنرال المتقاعد جون آلين: “المنطقة تشهد فراغاً أمنياً مع تقلص الدور الأمريكي وصعوبة تعويضه من قبل القوى المحلية”، مشيراً إلى أن 60% من المسلحين السابقين في داعش ما زالوا نشطين في الظل.
مخاطر عودة الانتماءات الداعشية
تشير تقارير ميدانية إلى أن 35% من مقاتلي هيئة تحرير الشام هم من العناصر السابقة في داعش، حيث أظهر استطلاع أجرته منظمة “جسور للدراسات” أن 22% منهم قد يعيدون الانضمام للتنظيم إذا توفرت الظروف يعزو الخبراء هذا الاحتمال إلى عوامل منها:
- استياء بعض العناصر من سياسات الجولاني التصالحية مع الأقليات
- تزايد الدعاية السلفية الجهادية في المساجد الخاضعة للهيئة
- الوضع الاقتصادي المتدهور في المناطق الخاضعة للإدارة الجديدة
سياسات الجولاني وتأثيرها على الأمن الداخلي
على الرغم من تحول خطاب الجولاني نحو الاعتدال النسبي، إلا أن سياسته في السماح للدعاة السلفيين بالعمل بحرية في المساجد أثارت انتقادات. قال الناشط الحقوقي عمر العبد الله: “هناك 1200 مسجد في مناطق الهيئة أصبحت منابر للخطاب المتطرف دون رقابة”، محذراً من استخدامها كأداة لتجنيد الشباب.
المشهد الإقليمي والدولي: تحديات متشابكة
في ظل هذه التطورات، تواجه الإدارة الأمريكية الجديدة ضغوطاً لمراجعة استراتيجيتها. أشارت مصادر في البنتاغون إلى خطة لتكثيف الضربات الجوية باستخدام الطائرات المسيرة، بينما يعارض الكونغرس تمويل عمليات برية جديدة. من جهة أخرى، تحاول روسيا وإيران ملء الفراغ عبر تعزيز التعاون مع القوات المحلية.
مستقبل مكافحة الإرهاب: سيناريوهات محتملة
يطرح الخبراء ثلاثة سيناريوهات رئيسية:
- استعادة داعش لنشاطه في المناطق الحدودية بين سوريا والعراق
- تصاعد الهجمات الانتقامية ضد المصالح الغربية
- تفكك هيئة تحرير الشام بسبب الانقسامات الداخلية
في الختام، تشكل الأحداث الأخيرة تحدياً مركباً للمجتمع الدولي، يتطلب تعاوناً أمنياً موسعاً ومراجعة شاملة لاستراتيجيات مواجهة التطرف، مع الحفاظ على التوازنات السياسية الهشة في المنطقة.










