*جيمس قديت داك
حان الوقت للرئيس سلفا كير، وصهره بول ميل، ومن يدور في فلكهم، أن يتوقفوا فوراً عن إذكاء نيران الفوضى والانقسام في جنوب السودان.
أولاً: لا تحقيقات عبثية ضد الدكتور ريك مشار
نرفض بشكل قاطع ما يسمى بـ”التحقيقات” الجارية ضد النائب الأول للرئيس، الدكتور رياك مشار تينج-ضورغون، فالرجل لم يرتكب جريمة تستوجب محاكمته. بل هو أحد أبرز ضحايا الجرائم السياسية والانتهاكات التي وثقتها تقارير الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة منذ عام 2013، حيث تم تحديد الجناة المسؤولين عن المذابح التي استهدفت المدنيين من قبيلة النوير في العاصمة جوبا.
لقد نجا الدكتور مشار بأعجوبة من محاولتي اغتيال في عامي 2013 و2016، كانتا تهدفان لتصفيته جسدياً. وكان من المفترض أن يتم إنشاء محكمة هجينة وفقًا لاتفاقية السلام المُوقعة عام 2018 لمحاسبة المتورطين، إلا أن الرئيس كير لا يزال يماطل في تنفيذ هذا البند لأسباب لا تخفى على أحد.
ثانياً: لا لمحاكمات سياسية مفبركة
لا نقبل بالمحاولات المكشوفة لتحرياك ملف قضائي ضد الدكتور مشار بعد عطلة عيد الفصح أو في أي توقيت لاحق.
هذه القضية مسيسة بالكامل، وهي محاولة بائسة لإقصاء سياسي ممنهج.
القضاء في جنوب السودان يعاني من غياب الاستقلالية، إذ يتحكم فيه الجهاز التنفيذي بشكل مباشر. وقد كنتُ شخصياً شاهداً على ذلك في عام 2017، حين تلقي القاضي الذي ترأس محاكمتي في المحكمة العليا بجوبا تعليمات مباشرة عبر الهاتف من داخل القصر الجمهوري (J1).
كيف يمكن الوثوق بمؤسسة قضائية يظهر رئيسها علناً في فعاليات حزبية مرتديًا زي الحزب الحاكم (SPLM-IG)؟
هذا نموذج صارخ لتسييس القضاء وانهيار مبدأ الفصل بين السلطات.
ثالثاً: سلفاكير يريد تقاعداً مشتركاً لتقاسم الفشل
ما يسعى إليه الرئيس كير في العمق، هو إنهاء المسيرة السياسية للدكتور مشار بالتزامن مع تقاعده هو نفسه، في محاولة لتقاسم مسؤولية الفشل بعد عقدين من الحكم العقيم.
فبعد فشل ذريع في إدارة الدولة منذ عام 2005، يخشى كير من صعود الدكتور مشار، الذي يحمل مشروعاً إصلاحياً متكاملاً بإمكانه وضع البلاد على طريق الاستقرار والنهضة، بمجرد أن يُمنح الصلاحية التنفيذية الكاملة.
سلفاكير يعلم أن سنوات حكمه ستُدان تاريخياً عندما تُقارن بخمس سنوات فقط من حكم محتمل لرياك مشار. لذلك يسعى جاهداً إلى منعه من خوض الانتخابات المقبلة، مستخدماً محاكمات صورية لا تهدف إلا إلى إقصائه سياسياً.
وإذا كان الرئيس كير يخطط لتسليم زمام قيادة حزبه لصهره بول ميل، رغم ظهوره الباهت في أول مهمة رسمية له، فليكن ذلك شأناً حزبياً داخلياً لا علاقة لمشار به. فالدكتور مشار يملك مشروع دولة لم يتحقق بعد، وكل ما يحتاجه هو “القلم التنفيذي” ليبدأ عملية التصحيح الشامل.
رابعاً: انتهاكات صارخة لاتفاقية السلام
ما تقوم به السلطة الحاكمة من اعتقالات سياسية لقيادات المعارضة، واختطاف الدكتور مشار، وتغيير ممثلي المعارضة بمسؤولين موالين للحزب الحاكم، واستهداف مواقع قوات المعارضة، وقصف المدنيين في أعالي النيل، وتسليح مليشيات قبلية، والاستعانة بجيش أجنبي لاستئناف الحرب، كلها ممارسات تمثل انتهاكاً خطيراً لاتفاقية السلام الموقعة عام 2018.
تلك التصرفات لا تهدد فقط المكاسب السياسية التي تحققت، بل تدفع بالبلاد مجدداً إلى أتون الحرب وتُقوض جهود المصالحة الوطنية.
خامساً: الفرصة الأخيرة لاستعادة السلام
المطلوب الآن، وبإلحاح، أن يتخذ الرئيس كير خطوة شجاعة بإطلاق سراح الدكتور رياك مشار وجميع المعتقلين السياسيين والعسكريين، وإعادة عملية السلام إلى مسارها الصحيح.
الوطن أكبر من الحسابات السياسية الضيقة، وأخطر من أن يُترك رهينة في يد من يشعلون الفتنة لتمديد سلطتهم.
كفى عبثاً بالوطن، وكفى تأجيجاً لنيران الفتنة، يا سيادة الرئيس.
—
- الناطق الرسمي السابق باسم الحركة الشعبية في المعارضة (SPLM-IO)










