اعتقالات قسرية واتهامات طائفية: تفاصيل حبس 20 مصرياً بينهم مسيحيون بتهمة الانتماء لـ”الإخوان”
شهدت الساحة المصرية تصاعداً ملحوظاً في وتيرة الاعتقالات التعسفية التي تطال نشطاء ومعارضين، حيث أصدرت نيابة أمن الدولة العليا مؤخراً قراراً بحبس 20 مواطناً بينهم شابان مسيحيان، بعد اختفاء قسري استمر لعدة أشهر. جاءت هذه الإجراءات ضمن سياق عام من الانتهاكات الحقوقية التي توثقها منظمات دولية، حيث تشير التقارير إلى استخدام السلطات المصرية لآلية “الإخفاء القسري” كأداة منهجية لقمع الأصوات المعارضة، مع تركيز ملحوظ على استهداف الأقليات الدينية في بعض الحالات.
خلفية تاريخية: نمط متكرر من الانتهاكات
تعود جذور أزمة الاعتقالات السياسية في مصر إلى عقود مضت، لكنها شهدت تصاعداً ملحوظاً منذ عام 2013. تشير وثائق “هيومن رايتس ووتش” إلى أن السلطات المصرية اعتقلت أكثر من 60 ألف شخص بين 2013 و2023 لأسباب سياسية، مع تسجيل 3000 حالة إخفاء قسري خلال الفترة نفسها. تطورت الآليات القمعية لتصبح أكثر تعقيداً، حيث أدخلت السلطات في عام 2022 نظام “تجديد الحبس الاحتياطي عبر الفيديو” الذي يُستخدم لإطالة فترات الاعتقال دون ضمانات قانونية.
تفاصيل الحالة الأخيرة: أبعاد طائفية ومخالفات إجرائية
ضمت قائمة المعتقلين الـ20 التي أعلنتها النيابة في أبريل 2025 اسمي أنطونيوس يوسف نجيب ومينا يوسف نجيب، وهما شابان من الأقلية المسيحية التي تشكل 10% من السكان. وجهت النيابة للمجموعة تهماً نمطية تشمل “الانضمام لجماعة إرهابية” و”نشر أخبار كاذبة”، في إشارة ضمنية لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة. تجدر الإشارة إلى أن التقارير الحقوقية سجلت 44 هجوماً على كنائس مسيحية خلال عام 2013 وحده، مع تصاعد الخطاب الطائفي من بعض الجماعات الإسلامية.
الإطار القانوني: فجوة بين النصوص والتطبيق
على الرغم من توقيع مصر على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري عام 2007، فإن المادة 54 من الدستور المصري تنص صراحةً على ضرورة عرض الموقوفين على القضاء خلال 24 ساعة. لكن الواقع يشير إلى انتهاك منهجي لهذه المادة، حيث تصل فترات الاختفاء القسري في بعض الحالات إلى أكثر من عام. تظهر الإحصائيات أن 78% من حالات الإخفاء القسري المسجلة بين 2020 و2025 لم تعرض على النيابة خلال المهلة القانونية
ردود الفعل الدولية: ضغوط محدودة التأثير
أصدرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان في مارس 2025 بياناً أدانت فيه “الاستخدام المنهجي لآليات القمع القضائي” في مصر، مشيرةً إلى أن 60% من السجناء السياسيين يعانون من ظروف احتجاز غير إنسانية. من جهتها، حثّت الولايات المتحدة مصر على “احترام حقوق الأقليات الدينية” في تقريرها السنوي عن الحريات الدينية الدولية، لكن دون إعلان عقوبات ملموسة. تعكس هذه المواقف التناقض بين الخطاب الدولي والمصالح الجيوسياسية في المنطقة.










