في خطوة تصعيدية، أعلنت باكستان يوم الخميس تعليق تجارتها مع الهند، بالإضافة إلى تعليق عدد من الاتفاقيات الثنائية والمجال الجوي، ردا على ما اعتبرته “إجراءات عدوانية” من جانب نيودلهي.
وقد جاءت هذه القرارات بعد الهجوم الدموي الذي وقع في باهالغام، وهي منطقة سياحية شهيرة في كشمير الخاضعة لسيطرة الهند، والذي أسفر عن مقتل 26 شخصا على الأقل وإصابة 17 آخرين. الهجوم، الذي وقع على يد مسلحين مجهولين يعتقد أن جماعة “جبهة المقاومة” قد تبنت مسؤوليته، يعد من أكثر الهجمات دموية على المدنيين في المنطقة منذ عام 2000.
الإجراءات الهندية
بعد الهجوم، اتخذت الهند سلسلة من الإجراءات أحادية الجانب ضد باكستان، أبرزها تعليق معاهدة مياه نهر السند الموقعة في عام 1960 والتي شهدت تنازلات من الطرفين على مدار عقود، ونجحت في الحفاظ على استقرار الإمدادات المائية رغم الأزمات السياسية والحروب بين البلدين. كما كانت هناك دعوات هندية لتحميل باكستان مسؤولية الهجوم، وهو ما رفضته باكستان معتبرة تلك الاتهامات غير موثوقة.
رد باكستان
في ظل تصاعد الأوضاع، عقدت باكستان اجتماعا طارئا للجنة الأمن القومي برئاسة رئيس الوزراء شهباز شريف، الذي حضره كبار المسؤولين العسكريين والحكوميين.
وقد تم اتخاذ عدة قرارات انتقامية في هذا الاجتماع:
تعليق اتفاقية شيملا: أعلنت باكستان تعليق اتفاقية شيملا لعام 1972، التي نظمت العلاقات بين البلدين بعد حرب 1971.
إغلاق معبر واغا: قررت باكستان إغلاق معبر واغا الحدودي، وهو معبر رئيسي بين البلدين، وعلقت جميع عمليات العبور عبره، مع إعطاء مهلة للذين عبروا الحدود بالعودة قبل 30 أبريل 2025.
تعليق جميع الاتفاقيات الثنائية: شملت القرارات تعليق كافة الاتفاقيات الثنائية مع الهند بما في ذلك التجارة والاتفاقات المبرمة عبر باكستان مع دول أخرى.
إغلاق المجال الجوي: أعلنت باكستان إغلاق مجالها الجوي أمام جميع شركات الطيران الهندية أو التي تديرها الهند.
إجراءات دبلوماسية: تم اعتبار المستشارين العسكريين الهنود في باكستان “غير مرغوب فيهم” وأمرتهم مغادرة البلاد بحلول 30 أبريل 2025.
تعليق التأشيرات: علقت باكستان تأشيرات الدخول الهندية الممنوحة بموجب نظام إعفاء التأشيرات لرابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي (SVES)، باستثناء الحجاج السيخ.
الموقف الباكستاني من مياه نهر السند
أحد القرارات الحاسمة التي اتخذتها باكستان كان إدانة تعليق الهند لمعاهدة مياه نهر السند، معتبرة أن الاتفاقية هي اتفاقية دولية ملزمة لا تتضمن أي بند يسمح بتعليقها من جانب واحد. وأكد مجلس الأمن القومي الباكستاني أن المياه تعتبر “مصلحة وطنية حيوية” لباكستان وأن أي محاولة لوقف أو تحويل تدفق المياه ستعتبر بمثابة “عمل حربي” وسترد باكستان عليها بكل قوة.
ردود الفعل والتداعيات
باكستان كانت حازمة في ردها على ما وصفته بـ “السلوك المتهور وغير المسؤول” للهند، مشيرة إلى أن الهند تتجاهل القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة بشأن كشمير. كما ترفض باكستان محاولات الهند لتحميلها مسؤولية الهجوم على باهالغام، معتبرة هذه المحاولات غير منطقية وتشويها للواقع.
يعتبر هذا التصعيد بين البلدين خطوة كبيرة في تاريخ العلاقات الهندية الباكستانية المتوترة، ويحمل دلالات استراتيجية كبيرة بالنسبة للمنطقة. في حين أن الهند قد تسعى لاستخدام هذه الإجراءات لتحقيق أهداف سياسية داخليا، فإن باكستان أكدت أنها مستعدة لمواجهة أي تهديد لأمنها القومي.










