الاستخبارات الهندية تحذّر من هجمات إرهابية جديدة في جامو وكشمير وسط تصاعد التوتّرات مع باكستان
في ظلّ تصاعد غير مسبوق للتوترات بين الهند وباكستان، حذّرت مصادر استخباراتية هندية من مخاطر حدوث هجمات إرهابية جديدة في إقليم جامو وكشمير المتنازع عليه. جاءت هذه التحذيرات في أعقاب الهجوم الدامي الذي استهدف سياحاً في منطقة باهالجام أواخر أبريل/نيسان 2025، مما أدّى إلى مقتل 26 شخصاً وإصابة العشرات. وتشير تحليلات أمنية إلى أن الجماعات المسلّحة المدعومة من باكستان تُعدّ لموجة عنف جديدة تهدف إلى زعزعة الاستقرار في الإقليم، وفقاً لتقارير استخباراتية هندية.
الهجوم الإرهابي الأخير وتداعياته الأمنية
شكّل هجوم باهالجام نقطة تحوّل في ديناميكيات الصراع الكشميري، حيث استهدف المسلّحون مجموعة من السياح الهنود في منطقة تُعتبر مقصداً سياحياً آمناً نسبياً. وأظهرت التحقيقات الأولية أن الهجوم نُفّذ بأسلحة متطوّرة وخطّة محكمة، مع وجود أدلة رقمية تربط المنفّذين بشبكات إرهابية مقرّها باكستان. وقد ردّت القوات الهندية بعمليات تمشيط واسعة في الغابات المحيطة، ودمرت منازل مشتبه بهم مرتبطين بجماعة “لشكر طيبة” المحظورة.
الروابط الباكستانية المزعومة
اتهمت الهند جهاز الاستخبارات الباكستاني (ISI) بالوقوف خلف الهجوم، مشيرة إلى تشابهه مع هجمات سابقة مثل اعتداءات مومباي 2008. وكشفت وثائق استخباراتية عن تورّط خلايا نائمة في تدريب وتجهيز العناصر المنفّذة، مع استخدام غرف تحكّم عن بعد لتوجيه العمليات. من جانبها، نفت باكستان هذه الاتهامات ووصفتها بـ”المسرحية السياسية”، مؤكّدة تقديمها الدعم “المعنوي والدبلوماسي” فقط للقضية الكشميرية.
التصعيد العسكري على الحدود
شهد خط السيطرة الفاصل بين القسمين الهندي والباكستاني من كشمير تبادلاً لإطلاق النار في 25 أبريل/نيسان 2025، في تصعيدٍ يُعتبر الأشدّ منذ أشهر. وأفادت مصادر عسكرية هندية بأن القوات الباكستانية بدأت بإطلاق نار من أسلحة خفيفة، ما دفع الهند للردّ “بفاعلية” دون تسجيل إصابات. يأتي هذا في سياق تعزيز الجيش الهندي وجوده الأمني بوادي كشمير، مع نشر طائرات مسيّرة للمراقبة ووحدات خاصة لمكافحة الإرهاب.
الإجراءات العقابية الهندية
ردّاً على الهجوم، أعلنت نيودلهي حزمة إجراءات تصعيدية شملت:
- تعليق العمل بمعاهدة تقاسم مياه نهر السند الموقّعة عام 1960
- إغلاق المعبر الحدودي الرئيسي في أتاري-واجا
- طرد 25 دبلوماسياً باكستانياً
- تخفيض عدد موظفي البعثات الدبلوماسية.
كما أقرّ البرلمان الباكستاني بالإجماع قراراً يحذّر من أي “مغامرة عسكرية هندية”، مؤكّداً الاستعداد للردّ القوي على انتهاكات السيادة.
السياق التاريخي للصراع
يعود جذر الأزمة إلى عام 1947 مع تقسيم شبه القارة الهندية، حيث تدّعي كل من الهند وباكستان أحقية السيطرة على جامو وكشمير بأكملها. شهد الإقليم انتفاضة مسلحة عام 1989 ضد الحكم الهندي، تحوّلت بمرور الوقت إلى حركة انفصالية مدعومة من باكستان وفقاً للرواية الهندية. وتُعتبر “عملية توباك” التي أطلقتها الاستخبارات الباكستانية عام 1988 أحد العوامل المحورية في تأجيج التمرّد، حيث تمّ من خلالها تدريب وتسليح الجماعات المتمردة.
تحوّلات ديموغرافية وسياسية
زادت حدّة التوترات بعد إقدام الهند عام 2019 على إلغاء الحكم الذاتي الخاص بالإقليم، وقسّمته إلى منطقتين اتحاديتين. سمحت هذه الخطوة بتوطين غير الكشميريين في المنطقة، مما أثار مخاوف من تغيير ديموغرافي يقلب موازين الأغلبية المسلمة. وقد عبّرت جماعة “مقاومة كشمير” -التي تبنت هجوم باهالجام- عن معارضتها لهذه السياسة في بيانها الرسمية.
السيناريوهات المستقبلية المحتملة
تُرجّح التحليلات الأمنية ثلاثة مسارات رئيسية للتطوّرات القادمة:
- تصعيد عسكري محدود: مع استمرار الاشتباكات الحدودية واستهداف مواقع عسكرية
- حرب غير تقليدية: عبر دعم الجماعات المسلحة لضرب أهداف اقتصادية وسياحية
- تدخّل دولي: بوساطة من الأمم المتحدة أو القوى الكبرى لاحتواء الأزمة
في الوقت نفسه، حذّرت الأمم المتحدة من مخاطر “الانزلاق إلى هاوية الحرب”، داعية الطرفين إلى ضبط النفس واحترام اتفاقية وقف إطلاق النار لعام 2003.
كشمير على صفيح ساخن
تشكّل التطوّرات الأخيرة اختباراً حاسماً لاستراتيجية الهند الأمنية في الإقليم، خاصة مع تصاعد الانتقادات الداخلية حول فشل الأجهزة الأمنية في منع الهجوم. من جهة أخرى، تُواجه باكستان ضغوطاً دولية متزايدة للحدّ من دعم الجماعات المسلحة، في وقتٍ تتصاعد فيه الأصوات المنادية بحلّ سياسي يُرضي طموحات الشعب الكشميري. يبقى السؤال الأكبر: هل ستنجح الأطراف المعنية في تجنّب السيناريو الكارثي لمواجهة نووية محتملة؟










