إغلاق المركز الثقافي الإسلامي في دبلن مؤقتًا بعد حادثة “غير مسبوقة ومثيرة للضيق”
أثار إغلاق أكبر مركز إسلامي في إيرلندا مخاوف واسعة في المجتمع المسلم، حيث تم إغلاق المركز الثقافي الإسلامي في منطقة كلونسكيج بدبلن مؤقتًا إثر حادثة وصفتها إدارة المركز بأنها “غير مسبوقة ومثيرة للضيق”. وفقًا للمعلومات المتاحة، وقعت الحادثة يوم السبت الماضي مما دفع إدارة المركز لاتخاذ قرار الإغلاق المؤقت حتى إجراء تحقيق كامل وتنفيذ إجراءات أمنية أكثر صرامة. وقد أطلق أفراد المجتمع المسلم عريضة احتجاج جمعت أكثر من 1900 توقيع حتى الآن، مطالبين بإعادة فتح المركز الذي يعتبر قلب النشاط الإسلامي في إيرلندا منذ 29 عامًا.
تفاصيل الحادثة وقرار الإغلاق
وفقًا للإشعار المنشور على بوابات المركز الثقافي الإسلامي في منطقة كلونسكيج جنوب دبلن، اتخذت إدارة المركز قرارًا بإغلاق الحرم مؤقتًا بعد حادثة وقعت يوم السبت الماضي. ووصف الإشعار الحادثة بأنها “غير مسبوقة ومثيرة للضيق” مما لم يترك للإدارة خيارًا سوى إغلاق المركز والمسجد أمام الجمهور بشكل مؤقت. وأوضح البيان أن “القرار تم اتخاذه مع أقصى قدر من الاهتمام بسلامة ورفاهية مجتمعنا، وخاصة أطفال المدرسة الوطنية الإسلامية”.
وصفت إدارة المركز هذه الخطوة بأنها “لحظة حزن عميق في تاريخ المسجد والمركز” الذي يعمل في إيرلندا منذ 29 عامًا. وتشير مصادر من شرطة الغاردا (الشرطة الإيرلندية) إلى وقوع مشاجرة خلال اجتماع في المركز الإسلامي الأسبوع الماضي، وأن الشرطة تم استدعاؤها وحضرت إلى مكان الحادث، لكن لم يتم إجراء أي اعتقالات.
ويفهم من المصادر أن سبب الإغلاق يعود إلى قضايا داخلية تتعلق بمجلس إدارة المركز. ولم تنجح محاولات وسائل الإعلام للاتصال بالمركز الثقافي الإسلامي الإيرلندي (ICCI) للحصول على تعليق بشأن الموضوع.
تضارب في المعلومات حول تدخل الشرطة
هناك تضارب في المعلومات حول مدى تدخل شرطة الغاردا في الحادثة. ففي حين تشير بعض المصادر إلى أن الشرطة تم استدعاؤها وحضرت إلى مكان الحادث، ذكر موقع Gript أن متحدثًا باسم الغاردا صرح بأن “شرطة الغاردا غير متورطة في أي مسألة في الموقع المذكور”. ويشير هذا التناقض في المعلومات إلى عدم وضوح كامل تفاصيل الحادثة حتى الآن.
كما ظهر مقطع فيديو على موقع YouTube يُزعم أنه يُظهر شجارًا بين أشخاص في مسجد كلونسكيج في دبلن، مما يضيف المزيد من التكهنات حول طبيعة الحادثة التي أدت إلى إغلاق المركز.
رد فعل المجتمع المسلم والعريضة الاحتجاجية
أثار قرار إغلاق المركز الثقافي الإسلامي ردود فعل قوية من المجتمع المسلم في إيرلندا. فقد تم تنظيم عريضة على موقع change.org بعنوان “أنقذوا مسجدنا ICCI من الإغلاق” تطالب بإعادة فتح المركز. وبدأت العريضة يوم الثلاثاء وجمعت أكثر من 1900 توقيع حتى الآن، مما يعكس القلق العميق لدى أفراد المجتمع المسلم بشأن إغلاق أكبر مكان للعبادة للمسلمين في إيرلندا.
وتشير العريضة إلى أن أعضاء المجتمع “قلقون للغاية ويعارضون بشدة الإغلاق المقترح للمركز الثقافي الإسلامي في إيرلندا (ICCI)”، مؤكدة أن “إغلاق ICCI لن يعطل الحياة الروحية والاجتماعية لأبناء رعيته فحسب، بل سيجرح أيضًا بعمق النسيج متعدد الثقافات لمجتمعنا الأوسع. في وقت تكون فيه الوحدة والتفاهم والشمول أكثر أهمية من أي وقت مضى، فإن إغلاق ICCI سيرسل رسالة انقسام وإقصاء”.
كما تضمنت العريضة دعوة إلى “حوار شفاف ومفتوح مع قادة وممثلي المجتمع” للتوصل إلى حل يضمن استمرار عمل المركز الذي يمثل أهمية كبيرة للمجتمع المسلم في إيرلندا.
أهمية المركز الثقافي الإسلامي للمجتمع المسلم في إيرلندا
يعتبر المركز الثقافي الإسلامي في كلونسكيج من أهم المراكز الإسلامية في إيرلندا، حيث يخدم غالبية السكان المسلمين البالغ عددهم أكثر من 80,000 شخص. ويضم المركز مسجدًا ومدرسة إسلامية وطنية، إضافة إلى مرافق ثقافية واجتماعية أخرى تخدم المجتمع المسلم في البلاد.
ويقوم المركز بتنظيم احتفالات كبيرة للمسلمين، مثل احتفالات شهر رمضان وعيد الفطر، كما استضاف عدة زيارات وخدمات رفيعة المستوى على مدار 29 عامًا من تاريخه. وبالتالي، فإن إغلاقه حتى بشكل مؤقت يمثل تحديًا كبيرًا للمجتمع المسلم، خاصة مع قرب حلول شهر رمضان المبارك الذي يعتبر من أهم المناسبات الدينية للمسلمين.
في سياق متصل، ومع تزايد المخاوف الأمنية في المساجد والمراكز الإسلامية حول العالم، كانت هناك سابقة في عام 2017 عندما عززت المؤسسة الإسلامية في إيرلندا، الواقعة في شارع ساوث سيركولار في دبلن، إجراءاتها الأمنية خلال شهر رمضان بعد تلقيها مكالمات هاتفية مسيئة عقب هجوم مانشستر. وفي ذلك الوقت، أصدرت مفوضة الغاردا نويرين أوسوليفان توجيهًا لضباط التنوع في الغاردا بحضور المساجد المحلية يوم الجمعة، يوم الصلاة الإسلامي، و”توفير الطمأنينة” للمجتمع المسلم.
التداعيات المحتملة والخطوات المستقبلية
وفقًا للإشعار المنشور على بوابات المركز، فإن الحرم سيظل مغلقًا “حتى يتم إجراء تحقيق كامل وتنفيذ بروتوكولات قوية للسلامة والأمن”. ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كان المركز الإسلامي سيعاد فتحه لصلاة الجمعة القادمة، وهي أهم صلاة أسبوعية للمسلمين.
تثير هذه الحادثة تساؤلات حول الإجراءات الأمنية في المراكز الدينية والثقافية بشكل عام، وكيفية التعامل مع النزاعات الداخلية التي قد تنشأ في هذه المؤسسات. كما تسلط الضوء على أهمية وجود آليات فعالة لحل النزاعات وضمان سلامة المصلين والزوار، خاصة في ظل وجود مدرسة للأطفال داخل حرم المركز.
ومن المتوقع أن تستمر المطالبات من المجتمع المسلم بإعادة فتح المركز في أقرب وقت ممكن، خاصة مع اقتراب المناسبات الدينية المهمة التي يحتاج فيها المسلمون إلى أماكن للعبادة والتجمع.
يمثل إغلاق المركز الثقافي الإسلامي في دبلن تحديًا كبيرًا للمجتمع المسلم في إيرلندا، ويسلط الضوء على أهمية هذه المراكز في الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية للأقليات الدينية. ورغم أن التفاصيل الكاملة للحادثة التي أدت إلى الإغلاق لا تزال غير واضحة تمامًا، إلا أن رد فعل المجتمع المسلم يعكس القلق العميق بشأن مستقبل أكبر مركز إسلامي في البلاد.
تبقى الأنظار متجهة نحو نتائج التحقيق وما إذا كانت إدارة المركز ستتمكن من تنفيذ البروتوكولات الأمنية اللازمة لإعادة فتح المركز في وقت قريب. كما يُنتظر أن تثمر الدعوات إلى الحوار الشفاف والمفتوح بين قيادة المركز وممثلي المجتمع المسلم عن حلول تضمن استمرار هذا الصرح الإسلامي الهام في أداء دوره الديني والثقافي والاجتماعي في إيرلندا.










