رفع العلم السوري الجديد في مقر الأمم المتحدة: لحظة تاريخية تتوج مرحلة جديدة
في لحظة تاريخية شهدها مقر الأمم المتحدة في نيويورك، رفع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني العلم السوري الجديد يوم الجمعة الموافق 25 أبريل 2025، في خطوة رمزية تمثل بداية مرحلة جديدة في تاريخ سوريا بعد أشهر من التغيير السياسي الذي شهدته البلاد. وصف الشيباني هذه اللحظة بأنها “تتويج لانتصار الشعب السوري” بعد 14 عاماً من النزاع، مطالباً المجتمع الدولي برفع العقوبات المفروضة على بلاده ودعم جهود إعادة الإعمار وعودة اللاجئين، وسط تطلعات رسمية نحو علاقات جديدة مع العالم.
مراسم رفع العلم ودلالاته الرمزية
وصل وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى مقر الأمم المتحدة في ولاية نيويورك الأميركية، للمشاركة في مراسم رفع العلم السوري الجديد، في أول زيارة رسمية لمسؤول سوري رفيع المستوى إلى الولايات المتحدة منذ التغيير السياسي الذي شهدته سوريا في ديسمبر الماضي.
وفي كلمة له خلال المراسم، أكد الشيباني أن “رفع العلم السوري في الأمم المتحدة خطوة ستعزز دور سوريا في المنظمات الدولية”، واصفاً هذه اللحظة بأنها “تفيض بالكرامة”.
وفي تصريحات لقناة الجزيرة من نيويورك، قال الشيباني: “هذه الخطوة انتظرها السوريون طيلة 14 سنة… هي تحيي ذاكرة الشعب السوري وتتوج انتصاره”، مضيفاً: “لم تكن يدي فقط التي رفعت هذا العلم بل كان هناك مليون شهيد سوري قد ساعدني برفع هذا العلم، ومليون نازح ولاجئ كان إلى جانبي، وكانت أصوات الأمهات وأمهات الشهداء والمفقودين”.
وأكد الشيباني في تغريدة على منصة “إكس”: “باسم الجمهورية العربية السورية، أقف اليوم في لحظة تاريخية تفيض بالكرامة، لأرفع علمنا السوري الجديد في هذا الصرح الأممي، للمرة الأولى بعد أن طوينا صفحة أليمة من تاريخنا”.
وأضاف: “هذا العلم الذي يرفرف اليوم في سماء الأمم المتحدة، لا يرمز فقط إلى دولة بل إلى إرادة شعب صمد وناضل ورفض الاستسلام وآمن بأن الحرية والعدالة ليستا رفاهية، بل حق يُنتزع”.
رمزية العلم السوري الجديد
يمتد العلم السوري الجديد على شكل مستطيل طوله يساوي ثلثي عرضه، ويتضمن ثلاثة مستطيلات متساوية يعلوها اللون الأخضر ويتوسطها اللون الأبيض ومن ثم الأسود في الأسفل، ويتوسطه ضمن المساحة البيضاء ثلاثة نجمات حمراء، وفقاً للمادة السادسة من الإعلان الدستوري السوري الصادر منتصف مارس الماضي.
وشكّل هذا العلم رمزاً للاحتجاجات الشعبية التي انطلقت ضد حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد في العام 2011، قبل أن يتحول ليصبح العلم الرسمي للدولة السورية الجديدة.
ويعود تاريخ استخدام هذا العلم في سوريا إلى ما قبل فترة الوحدة مع مصر في الجمهورية العربية المتحدة عام 1958.
مطالبات برفع العقوبات وانفتاح على المجتمع الدولي
استغل وزير الخارجية السوري هذه المناسبة للتأكيد على انفتاح بلاده على المجتمع الدولي، وتطلعها إلى معاملتها بالمثل ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها
وقال الشيباني: “سوريا تحتاج الآن إلى رفع العقوبات والمساعدة في إنعاش اقتصادها”، مضيفاً: “مع زوال سبب العقوبات، يجب رفعها وألا تبقى تستهدف حياة الشعب السوري”.
وأشار إلى أن “العقوبات هي العائق أمام إعادة اللاجئين، أمام استقرار الأمن، أمام الاستثمارات، وأمام إحياء البنية التحتية المدمرة”.
وأكد أن “السوريين في الداخل والخارج لديهم آمال في إعادة بناء بلدهم، والشعب السوري يستحق أن يعطى ثقة وهو محل لها”
وفي إشارة إلى علاقات سوريا الإقليمية، قال الشيباني: “يدنا ممدودة لدول الجوار والإقليم، وهناك كثير من المصالح المشتركة مع العراق الذي تجمعنا معه مخاطر مشتركة نأمل حلها عبر التعاون”.
موقف المجتمع الدولي من سوريا الجديدة
خففت بعض الأطراف الدولية، بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بعضاً من العقوبات المفروضة على سوريا منذ تولي الإدارة الجديدة مقاليد السلطة.
وكانت بريطانيا قد رفعت يوم الخميس العقوبات المفروضة على وزارتي الداخلية والدفاع إضافة إلى كيانات أخرى، في خطوة رحبت بها السلطة الجديدة في دمشق.
ومع ذلك، فإن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم تعترف رسمياً بعد بالحكومة السورية الحالية، كما أبقت واشنطن العقوبات سارية حتى الآن، على الرغم من أنها خففت بعض القيود مؤقتاً1. ولم يتضح بعد ما إذا كان مسؤولو إدارة الرئيس دونالد ترامب سيلتقون بالشيباني خلال زيارته الحالية.
وفد سوري في واشنطن ونيويورك
يُشار إلى أن وفداً من المسؤولين السوريين وصل إلى الولايات المتحدة هذا الأسبوع لحضور اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن، واجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك.
وضم الوفد السوري، بالإضافة إلى وزير الخارجية الشيباني، وزير المالية محمد يسر برنية، ومحافظ البنك المركزي عبد القادر حصرية.
وتمثل هذه الزيارة أول مشاركة لمسؤولين سوريين رفيعي المستوى في اجتماعات صندوق النقد الدولي منذ أكثر من 20 عاماً1. كما من المقرر أن يحضر الشيباني جلسة إحاطة في مجلس الأمن الدولي حول سوريا اليوم الجمعة.










