شركة أمنية بريطانية تربط بين شحنة وقود صواريخ وانفجار ميناء بندر عباس الإيراني
كشفت شركة “أمبراي” البريطانية المتخصصة في إدارة المخاطر البحرية عن صلة محتملة بين شحنة من الوقود الصلب المُستخدم في الصواريخ الباليستية والانفجار الهائل الذي ضرب ميناء شهيد رجائي في بندر عباس الإيراني يوم 26 أبريل 2025، مما أسفر عن مقتل 14 شخصًا وإصابة أكثر من 750 آخرين. جاء هذا الإعلان في تقرير للشركة نُشر الأحد، استنادًا إلى تحليل بيانات الشحنات البحرية وتحذيرات سابقة بشأن التخزين غير الآمن للمواد الكيميائية بالميناء.
تفاصيل الانفجار والتحليلات الأولية
اندلع الحادث عند الساعة 12:10 بالتوقيت المحلي، حيث تسبب حريق في مستودع للحاويات بمنطقة الرصيف في سلسلة انفجارات عنيفة. أظهرت لقطات مراقبة نشرتها وكالة “مهر” الإيرانية نشوب حريق أولي تلاها انفجار ضخم نتج عنه عمود دخان أسود ارتفع لارتفاعات شاهقة، مع تطاير الحطام على مسافة 3 كيلومترات. أكدت صور الأقمار الاصطناعية حدوث أضرار هيكلية في 12 مبنى بالميناء، بينها انهيار كامل لمستودعين.
الصلة المحتملة بشحنة وقود الصواريخ
أشارت تحليلات “أمبراي” إلى أن الميناء استقبل في مارس 2025 شحنة من “كلورات الصوديوم” على متن السفينتين الإيرانيتين “جيران” و”جولبون”، وهي مادة كيميائية تُستخدم في تصنيع الوقود الصلب للصواريخ الباليستية. تبلغ كمية الشحنة الواردة 16 ألف طن، تكفي لتصنيع وقود 250 صاروخًا من طراز “فاتح 110” أو “خيبر شكان”. لُوحظ أن الحاويات المشتبه بها ظلت مخزنة في منطقة مكشوفة بالميناء لمدة 28 يومًا دون اتخاذ إجراءات أمنية كافية.
السياق الأمني والتحذيرات المسبقة
كشف تقرير سابق لهيئة إدارة الأزمات الإيرانية عن تحذيرات مُتكررة وجهتها للسلطات المينائية في فبراير 2025 بشأن سوء تخزين المواد الخطرة، حيث سُجلت 4 مخالفات تتعلق بتخزين مواد قابلة للاشتعال بالقرب من مناطق التحميل. وأظهرت وثائق مسربة نشرتها “أمبراي” أن الحاويات المنكوبة كانت تحمل ملصقات تحذيرية تشير إلى محتواها الكيميائي، دون وجود إجراءات فصل كافية عن الحاويات الأخرى.
الردود الرسمية والتحقيقات الجارية
نفت الهيئة الوطنية الإيرانية لتكرير النفط أي صلة للانفجار بمنشآت النفط، مؤكدة أن الحادث وقع في منطقة الحاويات التجارية. من جانبه، أعلن الرئيس الإيراني مسعود بيشكيان تشكيل لجنة تحقيق برئاسة وزير الداخلية إسكندر مومني، مع وعد بنشر النتائج خلال 72 ساعة. لكن مسؤولين محليين اعترفوا بشكل غير رسمي بوجود “إهمال في تطبيق بروتوكولات السلامة”.
التداعيات الجيوسياسية والانعكاسات الأمنية
يتزامن الحادث مع جولة مفاوضات ثالثة بين إيران والولايات المتحدة حول الملف النووي في عُمان، حيث أثارت التقارير تساؤلات حول جدوى التعاون الأمني. كما أثارت الشحنة المُثيرة للجدل مخاوف دولية، خاصة بعد أن كشفت “الفاينانشيال تايمز” في يناير 2025 عن صفقة سرية بين إيران والصين لتوريد 50 ألف طن من المواد الدافعة للصواريخ.
ردود الفعل الدولية والمخاوف الإقليمية
دعت الولايات المتحدة إلى تحقيق دولي مستقل في الحادث، بينما طالبت إسرائيل باجتماع طارئ لوكالة الطاقة الذرية لمراقبة الأنشطة النووية الإيرانية. من جهة أخرى، حذر خبراء أمنيون في مركز “راند” من احتمال استخدام إيران الحادث كذريعة لتسريع برنامجها الصاروخي، في ظل نقص الوقود الصلب الذي تعاني منه بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة على مخازن الصواريخ.
الآثار الاقتصادية وإجراءات التعافي
أعلنت سلطات الميناء تعليق العمليات لمدة 72 ساعة، مع تحويل السفن إلى ميناء تشابهار البديل. وتشير تقديرات أولية إلى خسائر مادية تتجاوز 200 مليون دولار، بما في ذلك تدمير 12 رافعة بحرية و40 حاوية بضائع. كما أغلقت السلطات المدارس والمؤسسات الحكومية في بندر عباس لمدة 48 ساعة بسبب تلوث الهواء الناجم عن انبعاثات كيميائية خطيرة.
مستقبل إدارة الموانئ
أكد خبراء في منظمة الصحة العالمية على ضرورة اعتماد معايير “الموانئ الذكية” التي تستخدم أجهزة استشعار لرصد المواد الخطرة، مشيرين إلى تشابه الحادث مع انفجار ميناء بيروت 2020. فيما بدأت إيران مفاوضات مع شركات روسية لتركيب أنظمة إطفاء أوتوماتيكية في الموانئ الرئيسية، وفقًا لتصريحات مسؤول في هيئة الموانئ الإيرانية











