قررت نيابة أمن الدولة العليا إخلاء سبيل أحمد الطنطاوي بعد التحقيق معه في قضيتين جديدتين، وذلك قبل شهر تقريبًا من انتهاء مدة حبسه لمدة عام في قضية “التوكيلات الشعبية”. ويأتي هذا التطور وسط مخاوف من احتمالية ما يعرف بـ”التدوير”، وهي ممارسة تتمثل في فتح قضايا جديدة ضد المعتقلين مع اقتراب انتهاء مدة عقوبتهم الأصلية.
خلفية القضية الجديدة وتفاصيل التحقيق
أعلن المحامي الحقوقي خالد علي أن موكله أحمد الطنطاوي خضع للتحقيق أمام نيابة أمن الدولة العليا في قضيتين جديدتين هما القضية رقم 2468 لسنة 2023 والقضية رقم 2635 لسنة 2023 حصر أمن دولة.
ووجهت النيابة للطنطاوي تهمتي التحريض على ارتكاب عمل إرهابي باستخدام القوة والعنف والترويع بغرض الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع للخطر، بالإضافة إلى التحريض على الاشتراك في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه منع وتعطيل تنفيذ القوانين والتأثير على السلطات العامة في ممارسة أعمالها.
وأوضح خالد علي أن النيابة زعمت أن الطنطاوي دعا للمشاركة في تظاهرتين خرجتا بتاريخ 20 أكتوبر و27 أكتوبر 2023 تحت ستار “مناصرة القضية الفلسطينية”، وأنه تم استغلال هذه الأحداث في التحريض على ارتكاب الجرائم المذكورة.
وقد أنكر الطنطاوي التهم الموجهة إليه، وتمسك بكذب التحريات وتلفيقها، وبعد الاستماع إلى أقواله، قررت النيابة إخلاء سبيله على ذمة التحقيق في القضيتين.
وكان اتصال قد ورد إلى المحامي خالد علي في الخامسة والنصف مساءً يفيد بوجود الطنطاوي داخل مقر نيابة أمن الدولة، حيث طلب حضور محاميه نظرًا لبدء التحقيق معه في قضية جديدة.
وأشار علي إلى أن فريق الدفاع لم يجر إخطاره بوجود جلسة تحقيق مع الطنطاوي في القضية الجديدة، ولم يكن لديهم أي علم مسبق بها حتى لحظة انعقاد الجلسة.
خلفية قضية التوكيلات الشعبية وحكم الحبس
يأتي التحقيق الجديد مع الطنطاوي بينما يقضي حاليًا عقوبة الحبس لمدة عام صادرة بحقه، ومن المقرر أن تنتهي في 26 مايو 2025.
وكانت محكمة جنح المطرية قد قضت في فبراير 2024 بحبس أحمد الطنطاوي ومدير حملته محمد أبو الديار سنة مع إيقاف التنفيذ والغرامة 20 ألف جنيه، ومنعه من الترشح للانتخابات النيابية 5 سنوات.
وفي 27 مايو 2024، أيدت محكمة الاستئناف في المطرية حكم حبس الطنطاوي سنة بقضية “التوكيلات الشعبية”، وتم القبض عليه من داخل المحكمة لتنفيذ الحكم.
وقد شمل الحكم 21 آخرين من أعضاء حملته الانتخابية، الذين حُكم عليهم بالحبس سنة مع الشغل والنفاذ.
وتعود تفاصيل قضية “التوكيلات الشعبية” إلى قيام الطنطاوي بدعوة المواطنين الراغبين في تحرير توكيلات له لإتمام ترشحه رسميًا خلال الانتخابات الرئاسية إلى ملء نماذج يدوية، بعدما اشتكى من “تضييقات ممنهجة” ضد أنصاره ومؤيديه في جمع التوكيلات الشعبية في مكاتب الشهر العقاري.
وقد وجهت النيابة للطنطاوي ومدير حملته تهمة التحريض والمساعدة في جريمة “طبع وتداول أوراق العملية الانتخابية دون إذن من السلطة المختصة”.
مخاوف من “التدوير” وآثار الحكم السياسية
يثير ظهور الطنطاوي المفاجئ أمام النيابة في قضية جديدة مخاوف حقيقية من احتمالية تدويره، أي الزج به في قضية جديدة لضمان استمراره قيد الحبس رغم قرب انتهاء مدة العقوبة الأصلية المحكوم بها عليه.
وظاهرة تدوير المحبوسين أو الاعتقال المتجدد باتت أحد أساليب السلطات المصرية لقمع المعارضين السياسيين، الذين يحصلون على قرارات بإخلاء السبيل أو انتهاء فترة محكوميتهم، وهو إجراء استحدثته وتوسعت في تطبيقه خلال السنوات الأخيرة من أجل التحايل على القانون، وتفادي فترات الحبس الاحتياطي المطولة.
ويذكر أن الطنطاوي كان قد أعلن ترشحه في الانتخابات الرئاسية المصرية في 2023، لكنه عاد وأعلن انسحابه بسبب ما وصفه بعرقلة السلطات المصرية لحملته خلال مرحلة جمع التوقيعات اللازمة للترشح.
وكان الطنطاوي، البالغ 44 عامًا، قد جمع أكثر من 14 ألف توكيل، وكان عليه لاستكمال ملف ترشحه أن يجمع 25 ألف توكيل من مواطنين في 15 محافظة من محافظات البلاد الـ27، أو أن يحصل على 20 “تزكية” على الأقلّ من نواب في البرلمان.
الموقف الحقوقي من القضية
أدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي عضو فريق الدفاع عن المتهمين في القضية، قرار الإحالة بوصفه استمرارًا لتسييس مؤسسة القضاء واستخدام القانون كسلاح للقمع ضد المعارضين.
كما رفضت المفوضية المصرية للحقوق والحريات الحكم الصادر ضد الطنطاوي، واعتبرته رسالة تخويف.










