في الوقت الذي يشهد فيه الصومال استمرارا في محاربة حركة الشباب الإرهابية، يواجه الاتحاد الأفريقي أزمة تمويل حادة لبعثته لدعم الاستقرار في البلاد، الأمر الذي يهدد بحدوث انهيار أمني كامل في البلاد الواقعة في القرن الأفريقي. وفقا لتقديرات الميزانية الحالية، يحتاج الاتحاد الأفريقي إلى ما يقرب من مليار دولار للحفاظ على العمليات العسكرية في الصومال، بالإضافة إلى 96 مليون دولار لسداد المتأخرات المستحقة على مهمته السابقة، بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس).
تراكمت هذه الأزمة المالية نتيجة لتراجع الدعم من المانحين الرئيسيين الذين أبدوا ترددا في التزامهم بتقديم التمويل، وهو ما يفاقم الوضع في وقت حساس جدا، حيث تواجه البلاد تحديات أمنية كبيرة بسبب استمرار الهجمات من قبل حركة الشباب.
عجز التمويل وغياب الالتزام
في القمة الاستثنائية التي عقدت في عنتيبي، أوغندا، ناقش كبار المسؤولين والمانحين الدوليين الوضع الأمني في الصومال والسبل المحتملة لمواجهة الأزمة المالية المستمرة. وأكد السفير الأمريكي لدى أوغندا، ويليام دبليو بوب، أن الولايات المتحدة لن تدعم بعثة الاتحاد الأفريقي بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2719 أو بأي ترتيب هجيني آخر. هذا التصريح أثار تساؤلات حول مستقبل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، حيث لا يزال المانحون الرئيسيون مترددين في تقديم الدعم المالي المستدام.
في الوقت نفسه، تواجه بعثة الاتحاد الأفريقي الحالية – المعروفة باسم أوسوم – عجزا حادا في التمويل، حيث تحتاج إلى 15 مليون دولار شهريا لتغطية رواتب القوات المنتشرة في الصومال. ومن المثير للقلق أن الاتحاد الأفريقي لا يمتلك سوى 16.7 مليون دولار لهذا العام، معظمها من صندوق السلام التابع له، وهو يغطي 8.7 في المائة فقط من احتياجات الميزانية لعام 2025.
الديون المستحقة على بعثة أتميس السابقة
إضافة إلى تلك التحديات، لا يزال الاتحاد الأفريقي يواجه ديونا ضخمة تقدر بـ 96 مليون دولار من فترة بعثة أتميس السابقة (2022-2024). وقد أرجئ انسحاب هذه القوة نتيجة لتأخيرات مطولة، مما أدى إلى تراكم هذه المتأخرات.
مستقبل بعثة أوسوم في خطر
مع انطلاق مهمة أوسوم رسميا في الأول من يوليو 2025، أصبح الوقت حاسما للحصول على التمويل اللازم لاستمرار المهمة وضمان استقرار الصومال. وعلق الاتحاد الأفريقي آماله على نتائج التقرير الاستراتيجي المستقل لمكتب دعم الأمم المتحدة في الصومال (UNSOS)، الذي قد يكون أساسا لتفعيل القرار 2719 وتوفير التمويل اللازم.
كما يأمل الاتحاد الأفريقي في الحصول على دعم من مؤتمر المانحين المقرر عقده في الدوحة، قطر. ولكن، دون توفير التمويل الكافي، قد تجد بعثة أوسوم نفسها في أزمة حادة قد تعيق جهودها في محاربة حركة الشباب الإرهابية وضمان الاستقرار في الصومال.
دعوات لإيجاد حلول مالية مستدامة
في هذا السياق، دعا المسؤولون من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى تقاسم الأعباء المالية بين الدول المانحة الحالية والمانحين الجدد. كما دعا وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم المالي اللازم لمساعدة الصومال في مواجهة التهديدات الأمنية المستمرة، وتحديدا من حركة الشباب التي تنشط بشكل متزايد في مناطق عديدة من البلاد.
التحديات الأمنية في الصومال
لا يزال الأمن في الصومال يشكل التحدي الأكبر، حيث تواصل حركة الشباب هجماتها ضد الحكومة وقوات الاتحاد الأفريقي في العديد من المناطق، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في البلاد. في الأسابيع الأخيرة، كثفت الحركة هجماتها في منطقتي شبيلي الوسطى والسفلى، بالإضافة إلى إطلاق قذائف الهاون في العاصمة مقديشو، مما أكد أن الإرهاب لا يزال يشكل تهديدا كبيرا ليس فقط للصومال، بل للمنطقة بأسرها.










