حذرت منظمة العفو الدولية، في تقريرها السنوي الصادر يوم الثلاثاء 29 أبريل/نيسان 2025، من تصاعد أزمة حقوق الإنسان على مستوى العالم، مشيرة إلى أن ما وصفته بـ”تأثير ترامب” ساهم بشكل كبير في تسريع التوجهات القمعية، وتقويض مكتسبات حقوقية تمتد لعقود، وسط تزايد القوانين والممارسات الاستبدادية حول العالم.
تصاعد الاستبداد وتقويض الحريات
أشار التقرير إلى أن العام الماضي شهد انتشارا مروعا للقمع ضد المعارضين، وتراجعا مقلقا في حرية التعبير والتجمع السلمي، وسط محاولات ممنهجة من قادة دول لتكريس سلطاتهم وتهميش المؤسسات الديمقراطية. وشددت المنظمة على أن “تأثير ترامب” لم يكن معزولا، بل أطلق موجة دعم لقادة استبداديين حول العالم سعوا إلى إسكات الأصوات الناقدة، وتقليص مساحة العمل المدني، وتجريم الدفاع عن حقوق الإنسان.
انتقادات شديدة للولايات المتحدة وإدارة ترامب
اتهمت المنظمة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أول مئة يوم من ولايته الثانية، بشن هجوم شامل على الحقوق الأساسية، من خلال تقويض مؤسسات دولية رئيسية، وسحب التمويل عن برامج إنسانية وصحية، وتعطيل إجراءات العدالة الدولية. وشددت الأمينة العامة للمنظمة، أنياس كالامار، على أن هذا التوجه “أطلق يد القوى المناهضة لحقوق الإنسان، وساهم في مفاقمة أزمات قائمة في مناطق الصراع والاضطهاد”.
النزاعات المسلحة والإفلات من العقاب
سلط التقرير الضوء على تصاعد جرائم الحرب والإبادة الجماعية في مناطق عدة، من بينها غزة، السودان، أوكرانيا، وميانمار. ووجه انتقادات لاذعة إلى المجتمع الدولي بسبب “تقاعسه في التصدي للانتهاكات، وسماحه للإفلات من العقاب”، وخص بالذكر موقف القوى الكبرى من الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة وجرائم الحرب الروسية في أوكرانيا.
أزمة المناخ والتفاوتات العالمية
ربطت العفو الدولية بين أزمة المناخ وحقوق الإنسان، معتبرة أن فشل قادة العالم، وخصوصا في الدول الصناعية الكبرى، في اتخاذ خطوات حاسمة تجاه الحد من الانبعاثات يعد تهديدا مباشرا لحياة الأجيال القادمة. وانتقدت المنظمة بشدة انسحاب إدارة ترامب من اتفاق باريس للمناخ، ودعمها العلني لصناعات الوقود الأحفوري، وعرقلتها جهود التمويل المناخي العادل للدول النامية.
التكنولوجيا والرقابة
اتهم التقرير عددا من الحكومات، بدعم من شركات التكنولوجيا الكبرى، باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي والمراقبة لتكريس القمع، وتحقيق أرباح على حساب الحقوق الرقمية. وانتقد تقارب إدارة ترامب مع “مليارديرات التكنولوجيا”، مما ساهم في نشر الكراهية، والمعلومات المضللة، وتفكيك الضوابط الأخلاقية لشركات التواصل الاجتماعي.
أمل في مقاومة الشعوب
رغم الصورة القاتمة، أكد التقرير أن مقاومة الشعوب والحركات المدنية حول العالم لا تزال صامدة. وأشاد بتجارب مثل إقالة رئيس كوريا الجنوبية بعد احتجاجات شعبية، والجهود القانونية الدولية، كمذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين وروسيين، ودعوات دول الجنوب لتعزيز العدالة الدولية.
دعوة عاجلة للعمل
اختتمت كالامار التقرير بدعوة عاجلة إلى الحكومات والمجتمع المدني للوقوف في وجه المد الاستبدادي، ودعم المؤسسات الدولية التي تكافح الإفلات من العقاب، محذرة من أن “السكوت عن الانهيارات المتلاحقة في النظام الحقوقي العالمي قد يدخل البشرية في عصر جديد من الفوضى والظلم”.










