في ظل أزمة اقتصادية خانقة وتزايد الضغوط على المواطنين، تعلن الحكومة عن ارتفاعات كبيرة في بعض الرسوم تحت لافتة “دعم التنمية الاقتصادية”. أحدث تلك الزيادات جاءت عبر قفزة ملحوظة في إيرادات رسم تنمية السيارات المحلية خلال الربع الأول من عام 2025. وبينما تروج الجهات الرسمية لهذه الزيادات بوصفها دعماً للصناعة، تثار تساؤلات مشروعة حول انعكاسها الحقيقي على الأرض، ومدى تحميلها المواطنين أعباءً إضافية في وقت بالغ الصعوبة.
أظهرت بيانات نشرتها جريدة “البورصة” أن إيرادات رسم تنمية السيارات المحلية في مصر قفزت بنسبة 97.4% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025 مقارنة بنفس الفترة من عام 2024، وهو ما اعتبره البعض مؤشراً على نجاح الحكومة في تحقيق عوائد مالية إضافية، بينما رآه آخرون دليلاً على تصاعد أعباء الرسوم المفروضة على المستهلكين دون تحسين ملموس في قطاع التصنيع المحلي.
تُفرض رسوم تنمية الموارد المالية للدولة على السيارات ضمن مجموعة من الضرائب والرسوم الأخرى، وتختلف قيمتها حسب فئات السيارات وقدراتها المحركية. وتبرر الحكومة فرض هذه الرسوم بأنها تهدف إلى تحفيز الإنتاج المحلي للسيارات وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يدعم الميزان التجاري ويخلق فرص عمل جديدة.
إلا أن خبراء اقتصاد ومحللين يرون أن الزيادة الحادة في الرسوم، في غياب تحسن حقيقي في الطاقة الإنتاجية أو وجود صناعات سيارات محلية قوية تنافس عالمياً، قد تتحول إلى عبء إضافي على المستهلكين. ويشير هؤلاء إلى أن أغلب هذه الإيرادات تذهب لتعزيز موازنة الدولة بدلاً من استثمارها بشكل مباشر في تحسين البنية التحتية للصناعة المحلية.
في السياق ذاته، أعرب عدد من وكلاء السيارات وتجار السوق المصري عن قلقهم من تأثير الزيادات المتتالية في الرسوم على الطلب، خاصة مع ارتفاع أسعار السيارات بالفعل بفعل التضخم وتراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار. ووفقاً لتقارير رسمية، شهدت أسعار السيارات في مصر زيادات تجاوزت 30% خلال عام 2024 وحده، مما قلص من حجم المبيعات وأدى إلى تراجع الإقبال على الشراء.
كما أبدى مواطنون استياءهم من السياسات المالية التي لا تميز بين تحقيق أهداف تنموية حقيقية وتحميل المواطنين أعباء إضافية. وقال أحدهم: “لا نرى سيارات محلية تنافس عالمياً، ولا تراجعاً في الأسعار، بل نرى زيادات مستمرة تحت أسماء مختلفة”، مضيفاً أن العبء في النهاية يقع على كاهل المستهلك العادي.
من جانب آخر، تؤكد الحكومة أنها بصدد إطلاق مبادرات لدعم تصنيع السيارات الكهربائية والهجينة محلياً خلال السنوات المقبلة، مع وعود بتقديم حوافز للاستثمار في هذا القطاع. لكن مراقبين يرون أن نتائج هذه السياسات لن تظهر إلا على المدى البعيد، بينما يظل المستهلك يتحمل في المدى القصير أعباء الرسوم المرتفعة.
في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال قائماً: هل ترتفع الرسوم فعلاً لدعم التنمية الصناعية المنشودة، أم أن واقع السوق يشير إلى أن الغاية الأساسية هي تعزيز الإيرادات الحكومية على حساب القوة الشرائية للمواطنين؟











