في خطوة رمزية لافتة على المستويين الديني والسياسي، أدى وفد من اليهود السوريين المقيمين في الولايات المتحدة، صباح الثلاثاء، صلاة جماعية داخل كنيس الإفرنج في الحي اليهودي بالمدينة القديمة في دمشق، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وتأتي هذه الزيارة في إطار سلسلة تحركات تشهدها العاصمة السورية منذ إسقاط نظام بشار الأسد.
ضم الوفد شخصيات بارزة من الجالية اليهودية السورية، من بينهم الحاخام هنري حمرا، نجل آخر حاخام رسمي في سوريا، يوسف حمرا، الذي غادر البلاد في أوائل التسعينيات. وقد ترأس حمرا الابن الصلاة، بحضور أعضاء من الجالية، بينهم فيكتور كميل، أحد المقيمين في بروكلين.

هدف الزيارة: ترميم العلاقة مع الجذور
قال كميل للوكالة: “نريد تجهيز الكنيس والمجتمع هنا لاستقبال الزوار، ونأمل أن تتحسن الأوضاع، ليفكر المزيد من الناس بالعودة أو على الأقل المجيء كسياح”. وأضاف: “نحن يهود سوريون فخورون، وسيحب أولادنا هذا التراث والتاريخ”.
تزامنت هذه الزيارة مع إحياء ذكرى وفاة الحاخام حاييم فيتال، أحد أبرز رموز التصوف اليهودي، المدفون في مقبرة اليهود في دمشق. وجاء إحياء الذكرى بعد أيام من حادثة اقتحام مجهولين للمقبرة وإحداث تخريب قرب مرقد الحاخام فيتال.

أعمال تخريب وإدانات
رئيس الطائفة اليهودية في سوريا، بخور شمنطوب، أفاد بأن المجهولين “حفروا بجانب القبر بحثا عن الآثار”، مؤكدا أن السلطات السورية وعدت بفتح تحقيق. وقد أدان تحالف الحاخامات في الدول الإسلامية الحادثة، داعيا الحكومة السورية إلى حماية المواقع الدينية اليهودية بشكل عاجل.
فيكتور كميل أشار إلى أن الوفد لا يعرف “ما إذا كان الهدف من الحادث هو تدنيس القبر أو نقل رفات الحاخام”، مؤكدا أن “المكان سيبقى مهما لنا إلى الأبد”.

السياق السياسي: سوريا الجديدة
الزيارة تندرج ضمن مناخ سياسي جديد في البلاد بعد إطاحة نظام بشار الأسد، مع وعد من الحكومة الانتقالية برئاسة أحمد الشرع بإشراك جميع الطوائف، بما فيها الجالية اليهودية، في صياغة مستقبل سوريا.
في هذا السياق، التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بوفد من الجالية اليهودية السورية في نيويورك، حيث جرى بحث “أهمية تعزيز جسور التواصل والتفاهم”، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية.

خلفية تاريخية
يذكر أن اليهود عاشوا في سوريا منذ ما قبل الميلاد، وتمتعوا بحرية دينية خلال العقود الماضية، لكن نظام حافظ الأسد قيد حركتهم، ومنعهم من السفر حتى عام 1992. ومع فتح الباب للهجرة، انخفض عدد اليهود في سوريا من 5000 إلى أقل من عشرة أفراد، معظمهم من المسنين في دمشق.
كما تعرضت معابد يهودية، مثل كنيس جوبر الشهير، للتدمير خلال الحرب السورية.










