شهدت مناطق ريف دمشق، لا سيما أشرفية صحنايا وجرمانا، خلال اليومين الماضيين، هجمات دامية اتُّهمت فيها قوات تابعة لسلطة أحمد الشرع بارتكاب “مجازر” بحق المدنيين من أبناء الطائفة الدرزية، ما فجّر موجة غضب عارمة في أوساط الدروز، قابلها تحرك عاجل من قيادات الطائفة للمطالبة بتدخل دولي لحماية السكان.
وأصدر شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز، حكمت الهجري، بيانًا شديد اللهجة طالب فيه بـ”عون دولي سريع ومباشر”، مؤكدًا أن “طلب الحماية الدولية حق مشروع لشعب قضت عليه المجازر”.
وأضاف: “لم نعد نثق بهيئة تدعي أنها حكومة، لأن الحكومة لا تقتل شعبها”، في إشارة واضحة إلى فقدان الثقة بالحكومة السورية الحالية برئاسة أحمد الشرع.
الهجري وصف ما يحدث بـ”القتل الجماعي الممنهج”، مطالبًا بتدخل فوري للقوات الدولية لحفظ السلم ووقف ما سماه بـ”الجرائم الواضحة والموثقة”، والتي لا تحتاج إلى لجان تحقيق، في إشارة إلى بطء أو تواطؤ السلطات المحلية في محاسبة المتورطين.

وفي تطور لافت، أصدر الزعيم الدرزي حسن الأطرش (أبو يحيى) بيانًا حادًا طالب فيه بفك الحصار المفروض على أشرفية صحنايا وفتح طريق دمشق ـ السويداء خلال ست ساعات، ملوّحًا بطلب الحماية الدولية من أي جهة تستطيع حماية أبناء الطائفة.
وقال الأطرش في تسجيل مصوّر إن “يد الغدر التي بدأت في الساحل امتدت اليوم إلى الطائفة الدرزية”، متهمًا أطرافًا متطرفة داخل السلطة باستهداف السلم الأهلي في البلاد.
في الأثناء، عُقد اجتماع عاجل في أشرفية صحنايا، ضمّ وفدًا من مشايخ السويداء وممثلي الحكومة السورية، بحضور ثلاثة محافظين، انتهى دون اتفاقات ملزمة، سوى بعض التفاهمات العامة، من بينها وقف إطلاق النار، وتشكيل لجنة مشتركة لبحث تداعيات الأحداث. إلا أن مشايخ الطائفة أكدوا أن بنود الاجتماع “غير ملزمة” وأن الاعتداءات مستمرة حتى لحظة مغادرتهم.
شيخ العقل يوسف جربوع شكك في الرواية الرسمية التي تحدثت عن هجوم من “عصابات خارجة عن القانون” تسبّب بمقتل 35 عنصر أمن، وأكد أن التصعيد بدأ باستهداف مناطق درزية بوضوح، من جرمانا إلى الأشرفية وصولًا إلى السويداء، مضيفًا أن الحكومة تطالب بتسليم شخصيات من “رجال الكرامة”، بينما المتورطون الحقيقيون في القتل لا يواجهون أي مساءلة.

قائد حركة رجال الكرامة، الشيخ يحيى الحجار، رفض تسليم أي من رجاله، مشددًا على أن الهجمات استندت إلى “تسجيل صوتي مفبرك”، وأن القوات الأمنية ارتكبت تجاوزات بحق المدنيين، شملت النهب والاعتقال العشوائي.
وفيما كانت المفاوضات جارية في ريف دمشق، وردت أنباء عن هجوم جديد على قرية الصورة الكبيرة في السويداء، ما زاد من توتر المجتمعين، وسط تأكيدات من الوفد الدرزي بأن الحكومة “لا تسيطر على ما يجري ميدانيًا”، وأن هناك خللًا كبيرًا في القرار العسكري.
زيارة وفد مشايخ السويداء إلى ريف دمشق جاءت بعد اجتماع طارئ في مقام عين الزمان صباح اليوم، وتُعد محاولة مباشرة لوقف نزيف الدم واحتواء الفتنة، إلا أن الوفد عاد إلى السويداء محمّلًا بمزيد من الهواجس بعد فشل المفاوضات وورود أخبار عن استمرار الانتهاكات.










