تعود وصفة الخصخصة إلى الواجهة مرة أخرى كحل سحري تقدمه الحكومة المصرية لأزمات الاقتصاد المتلاحقة، حيث أعلنت عن خطة طموحة لبيع 10 شركات مملوكة للدولة خلال العام المقبل 2025، سواء لمستثمرين استراتيجيين أو عبر طرحها في البورصة. لكن هذه الخطوة التي تروج لها الحكومة كـ”إصلاح اقتصادي” تثير العديد من التساؤلات حول جدواها الحقيقية وشروط تطبيقها.
تفاصيل الخطة:
تشمل الخطة التي أعلنها مجلس الوزراء بيع حصص في شركات كبرى تعمل في قطاعات حيوية تشمل الصناعة والطاقة والنقل والخدمات المالية. وتأتي هذه الخطوة ضمن برنامج أوسع لزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد إلى 65% بحلول نهاية العقد الحالي، وفقاً لتصريحات رسمية.
لكن مصادر مطلعة في وزارة المالية كشفت أن القائمة الأولية تضم شركات بعضها يحقق أرباحاً سنوية كبيرة، مما يثير تساؤلات حول دوافع البيع الحقيقية. وتشير التقديرات الأولية إلى أن الصفقات قد تدر على الخزينة العامة ما لا يقل عن 5 مليارات دولار.
تحذيرات الخبراء:
من جهته، يحذر الدكتور خالد الشناوي، الخبير الاقتصادي، من أن “الخصخصة في مصر تحولت إلى مجرد بيع أصول لسد عجز الموازنة دون رؤية استراتيجية”. ويضيف في حديث أن “تجربة العقدين الماضيين أثبتت أن العديد من الشركات التي بيعت إما أغلقت أو تم تهريب أرباحها للخارج”.
مخاوف العمال:
يعبر العمال عن مخاوفهم من فقدان ضمانات عملهم. يقول م.ع عامل بأحد المصانع المدرجة ل”المنشر”: “نخشى أن نكون ضحية هذه الصفقات كما حدث لزملائنا في شركات سبق خصخصتها”.
شروط غامضة:
رغم تأكيدات الحكومة بأنها ستضع شروطاً صارمة لحماية حقوق العمال والضمانات الاجتماعية، إلا أن النقابات العمالية تشتكي من عدم إشراكها في صياغة هذه الشروط. كما ينتقد خبراء القانون عدم وضوح آليات الرقابة على تنفيذ التزامات المشترين.
تجارب سابقة:
تستحضر الذاكرة المصرية تجارب مريرة لخصخصة بعض الشركات في تسعينيات القرن الماضي، حيث تحولت العديد منها إلى مجرد أراضٍ عقارية بعد بيع ممتلكاتها، كما في حالات “شركة النصر للسيارات” و”شركة مصر حلوان للغزل والنسيج”.
رد الحكومة:
في رد رسمي، أكد مصدر مسؤول بوزارة قطاع الأعمال العام أن “كل الصفقات ستتم في ظل شفافية كاملة وبعد تقييم دولي دقيق”، مشيراً إلى أن “الهدف ليس مجرد البيع وإنما إدخال تكنولوجيا وخبرات جديدة”.
المستثمرون المحتملون:
تشير معلومات إلى أن هناك اتصالات مبدئية مع صناديق استثمار خليجية وشركات أوروبية كبرى، لكن بعض المحللين يشككون في قدرة السوق الحالية على جذب مستثمرين جادين في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة.
سيناريوهات متوقعة:
يطرح الاقتصاديون ثلاثة سيناريوهات محتملة:
1- نجاح الصفقات بجذب استثمارات نوعية
2- فشل معظمها كما حدث في موجات سابقة
3- تحولها إلى صفقات داخلية للمقربين من السلطة
بينما تصر الحكومة على أن هذه الخطوة تمثل “خلاصاً اقتصادياً”، يرى مراقبون أنها قد تكون مجرد مسكن مؤقت لأزمات أعمق، في ظل غياب رؤية شاملة للإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري. والسؤال الذي ينتظر الإجابة: هل ستثبت خصخصة 2025 أنها مختلفة عن سابقاتها، أم ستكون مجرد حلقة جديدة في سلسلة طويلة من بيع الممتلكات العامة؟











