أعلن الجيش الإسرائيلي يوم السبت الموافق 3 مايو 2025 عن انتشار قواته في جنوب سوريا، مؤكداً استعداده لمنع دخول أي “قوات معادية” إلى مناطق الدروز في سوريا المعروفين بـ بني معروف.
يأتي هذا التصعيد العسكري في أعقاب اشتباكات طائفية دامية شهدتها مناطق قرب دمشق، أسفرت عن مقتل أكثر من مئة شخص خلال اليومين الماضيين، غالبيتهم من الدروز.
كما أعلن الجيش الإسرائيلي عن إجلاء خمسة مواطنين سوريين من الطائفة الدرزية لتلقي العلاج في مستشفيات إسرائيلية، في خطوة تعكس تدخلاً مباشراً في الشأن السوري تحت ذريعة حماية الأقلية الدرزية، وسط تنديد دولي واسع بهذه التحركات العسكرية.
تفاصيل الانتشار العسكري الإسرائيلي وأهدافه المعلنة
أصدر الجيش الإسرائيلي بياناً مقتضباً أعلن فيه أن قواته “منتشرة في جنوب سوريا”، مؤكداً أنها على “أتم أهبة الاستعداد لمنع دخول القوات المعادية إلى مناطق القرى الدرزية”.
وأضاف البيان أن الجيش “يواصل متابعة التطورات مع الحفاظ على الجاهزية للدفاع ولمختلف السيناريوهات”. لم يوضح البيان عدد الجنود أو الآليات التي تمركزت في المنطقة، كما لم يحدد السقف الزمني لإنهاء هذا الانتشار أو ما إذا كان يمثل انتشاراً جديداً.
وفي تطور لافت، كشف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر منصة إكس أن وحدات من الجيش قامت بإجلاء “خمسة مواطنين سوريين من أبناء الطائفة الدرزية لتلقي العلاج الطبي داخل إسرائيل” وأوضح أن المصابين تم نقلهم إلى المركز الطبي زيف في مدينة صفد بعد إصابتهم داخل الأراضي السورية.
وقال مسؤول درزي في محافظة السويداء إنه “لم يكن هناك أي انتشار لجنود إسرائيليين” في المحافظة، مشيراً إلى أن الوجود العسكري الإسرائيلي “يقتصر، على ما يبدو، على محافظة القنيطرة” القريبة من مرتفعات الجولان المحتلة، حيث “أقام الجيش مواقع” عقب إطاحة حكم بشار الأسد في ديسمبر الماضي.
اشتباكات طائفية دامية في سوريا
يأتي هذا التصعيد الإسرائيلي في أعقاب اشتباكات دامية ذات طابع طائفي بين مسلحين دروز وعناصر أمنية ومقاتلين مرتبطين بالسلطات السورية.
فقد أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل أكثر من مئة شخص خلال يومين من الاشتباكات، بينهم 30 عنصراً من قوات الأمن، و21 مسلحاً درزياً، و10 مدنيين، بالإضافة إلى 40 مسلحاً درزياً قتلوا في محافظة السويداء، 35 منهم جراء “كمين” على طريق السويداء-دمشق.
بدأت الاشتباكات في منطقتي جرمانا وصحنايا قرب دمشق، وامتدت إلى مناطق أخرى جنوب البلاد.
وبحسب مصادر محلية، اندلعت المواجهات المسلحة بين مجموعات من أبناء الطائفة الدرزية وقوات الأمن السوري في أشرفية صحنايا مساء يوم الثلاثاء، عقب هجوم استهدف حاجزاً لقوات الأمن العام، أسفر عن مقتل 11 عنصراً.
وأشارت تقارير إلى أن الاشتباكات الطائفية جاءت على خلفية تسجيل صوتي مسيء للنبي محمد، اشتبه مسلحون من الطائفة السنية في أن أحد أفراد الأقلية الدرزية هو من سجله.
كما تداولت وسائل إعلام مقاطع فيديو لمجموعات من الدروز في الجولان السوري المحتل وهم يعبرون الشريط الحدودي متوجهين إلى الجانب السوري، على خلفية الأحداث في مناطق الدروز بريف دمشق.
غارات إسرائيلية
شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية أكثر من 20 غارة استهدفت مراكز عسكرية في أنحاء متفرقة من سوريا ليل الجمعة-السبت، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي وصف هذه الغارات بـ”العنيفة”، واستهدفت الغارات محافظات حماة ودرعا والعاصمة دمشق، بما في ذلك منطقة قريبة من القصر الرئاسي.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن غاراته استهدفت “موقعاً عسكرياً، ومدفعية مضادة للطائرات، وبنية تحتية لإطلاق صواريخ أرض-جو”.
وجاءت هذه الضربات عقب اجتماع أمني إسرائيلي عقده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع وزير دفاعه يسرائيل كاتس، خلص إلى توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية البرية في سوريا، وإعلان المنطقة المعروفة باسم “المنطقة الدرزية” كمنطقة أمنية إسرائيلية
وقال نتنياهو في بيان مشترك مع وزير الدفاع كاتس إن الضربة “رسالة واضحة للنظام السوري: لن نسمح للقوات (السورية) بالانتشار جنوبي دمشق أو بأي تهديد للدروز”.
وسبق أن حذر كاتس يوم الخميس من أن إسرائيل سترد بقوة “إذا استؤنفت الهجمات على الدروز وفشل النظام السوري في منعها”.
خلفية عن الطائفة الدرزية في سوريا وأهميتها الإقليمية
يعيش معظم الدروز في سوريا في جبل الدروز، وهي منطقة جبلية في جنوب غرب البلاد، والتي يسكنها أكثر من 90% من الدروز السوريين موزعين على نحو 120 قرية. كما توجد مجتمعات درزية بارزة في ضاحية جرمانا بدمشق وعلى المنحدرات الجنوبية الشرقية لجبل الشيخ وفي مرتفعات الجولان.
وفقًا للإحصاءات المتاحة، بلغت أعداد الدروز في سوريا نحو 700,000 نسمة عام 2010، يعيش معظمهم في محافظة السويداء (نحو 375,000 نسمة، يشكل الدروز نحو 90% منهم)، ونحو 250,000 في دمشق وضواحيها، إضافة إلى تجمعات أخرى في مناطق متفرقة.
لعب الدروز تاريخياً دوراً أكثر أهمية في السياسة السورية مقارنة بعددهم الصغير نسبياً، وكانوا قوة فاعلة في النضال القومي ضد الاستعمار الفرنسي، خاصة تحت قيادة سلطان باشا الأطرش. وشهدت المناطق الدرزية في السنوات الأخيرة هجمات من قبل جماعات متطرفة، منها هجوم نفذه تنظيم داعش على مدينة السويداء عام 2018 أسفر عن مقتل 258 شخصاً.
تداعيات التدخل الإسرائيلي ومخاوف من تصعيد إقليمي
يحذر مراقبون من أن التصعيد العسكري الإسرائيلي في سوريا قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني والأمني في المنطقة، خاصة في ظل استمرار النزاع الداخلي في سوريا ومحاولات القيادة الجديدة بسط سيطرتها على البلاد. ويؤكدون أن أي تدخل خارجي قد يزيد من تعقيد الأزمة ويعرقل جهود التوصل إلى حل سياسي شامل.
أكدت القيادة الدرزية في سوريا رفضها للتدخلات الخارجية، مشددة على أن “سوريا هي وطننا، ولا نحتاج إلى حماية من أحد. وأشار أحد زعماء الطائفة الدرزية، الشيخ ليث البلعوس، إلى أن أهالي السويداء قادرون على حماية محافظتهم كجزء من قوات الأمن الداخلي السورية، رافضًا أي محاولات لتقسيم البلاد أو فرض وصاية خارجية.










