في الوقت الذي ييتم الاحتفال فيه بعيد العمال حول العالم، اختار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الإعلان عن توقيعه على قانون العمل الجديد خلال احتفالية بشركة السويس للصلب، واصفاً إياه بـ”النقلة النوعية” في مسيرة الحقوق العمالية. لكن هل يُترجم هذا القانون فعلاً إلى تحسينات ملموسة للعمال، أم أنه مجرد خطاب إعلامي يهدف إلى تلميع صورة النظام وسط أزمات اقتصادية طاحنة؟
وعود بحقوق العمال وواقع مرير
رغم التأكيدات الرئاسية على أن القانون الجديد “يضمن مكتسبات للعمال” و”يعزز الأمن الوظيفي”، إلا أن الواقع يُظهر تناقضاً صارخاً:
- ارتفاع معدلات الفقر إلى أكثر من 35% وفقاً لتقديرات دولية، مع تآكل القدرة الشرائية بسبب التضخم المُتفشي.
- تفشي البطالة بين الشباب، خاصة خريجي الجامعات، حيث تُشير إحصاءات غير رسمية إلى أن نسبة البطالة بينهم تتجاوز 25%.
- انتهاك حقوق العمال في العديد من المصانع والقطاعات، مع تقارير عن منع النقابات المستقلة وقمع الاحتجاجات.
سؤال يطرح نفسه:كيف يُصدّق النظام على قوانين تُنظّر للحماية بينما تقمع السلطات أي إضراب أو مطالبة بزيادة الأجود؟
العمالة المنزلية.. تنظير بلا ضمانات
تأتي توجيهات السيسي بـ”تنظيم العمالة المنزلية” في سياق يُثير الشكوك، إذ أن العمالة غير المنتظمة – التي تشمل ملايين المصريين – تعاني من انعدام التأمينات الصحية أو المعاشات. واللافت أن النظام لم يُشر إلى آليات واضحة لحماية هذه الفئة، بل اكتفى بالحديث عن “حوار مجتمعي” يُخشى أن يكون شكلياً، كما حدث مع حوارات سابقة انتهت بتهميش الآراء المعارضة.
مبادرة تنمية الشباب.. حلول ترقيعية لأزمة هيكلية
إعلان السيسي عن “مبادرة قومية لتدريب الشباب” يُعتبر تكراراً لخطابات سابقة لم تُحدث فرقاً، حيث فشلت برامج مماثلة في السنوات الماضية في خلق فرص عمل حقيقية. الأسوأ أن الاقتصاد المصري يعاني من انكماش حاد، مع هروب الاستثمارات الأجنبية وتراجع السياحة، مما يجعل وعود التوظيف مجرد سراب.
النظام والقضاء: تعطيل مستحقات العمال
عندما دعا السيسي إلى “تسريع الفصل في القضايا العمالية”، تجاهل حقيقة أن القضاء المصري نفسه يعاني من سياسة التأجيل والتأخير المُمنهج، خاصة في قضايا الفصل التعسفي أو المطالبة بالحد الأدنى للأجور. بل إن عشرات العمال ما زالوا يُحاكمون أمام المحاكم العسكرية بسبب احتجاجاتهم!
خطاب إصلاحي أم دعاية سياسية؟
في النهاية، يبدو الإعلان عن قانون العمل الجديد جزءاً من حملة دعائية لنظام يُحاول إقناع العالم بأنه يُصلح، بينما يستمر في:
- خنق الحريات النقابية.
- تجاهل مطالب رفع الأجود بما يتناسب مع الغلاء.
- إدارة الاقتصاد بشكل فاشل أدى إلى انهيار العملة وارتفاع الديون.
حتى يُثبت النظام جدواه، يجب أن تتحول النصوص القانونية إلى أفعال، وأن تتوقف ملاحقة النشطاء العماليين، وأن يشعر المواطن البسيط بأنه قادر على العيش بكرامة.. وهذا ما لم يحدث حتى الآن!










