في لحظة تاريخية مفصلية، حقق نادي أهلي جدة بطولة دوري أبطال آسيا للنخبة للمرة الأولى في تاريخه بعد فوزه على كاواساكي الياباني بهدفين دون رد في المباراة النهائية التي أقيمت على ملعب “الجوهرة المشعة” يوم السبت الموافق 3 مايو 2025.
هذا الإنجاز الاستثنائي يأتي بعد أقل من ثلاث سنوات من أحلك فترة في تاريخ “الراقي” عندما هبط للمرة الأولى في تاريخه إلى دوري الدرجة الأولى (دوري يلو)، ليسطر قصة كفاح وعودة قوية تعد من أندر قصص النجاح في تاريخ كرة القدم الآسيوية.
سقوط الملكي: صدمة الهبوط التاريخي
لم تتخيل جماهير الأهلي السعودي يومًا أن فريقها العريق الذي تأسس عام 1937 سيشهد هبوطًا إلى دوري الدرجة الأولى. فالنادي الذي يلقب بـ”الملكي” و”الراقي” يعد أحد أعرق الأندية السعودية ويمتلك سجلاً حافلاً بالإنجازات.
في يونيو 2022، عاشت الجماهير الأهلاوية لحظات من الصدمة والحزن عندما تعادل الفريق سلبيًا مع الشباب في المباراة الأخيرة من الدوري السعودي، ليودع دوري الكبار لأول مرة في تاريخه.
وانتشرت مقاطع فيديو لجماهير أهلي جدة وهي تبكي بحرقة في المدرجات، في مشهد لم يكن أحد يتخيل رؤيته يومًا.
لم تتوقف خسائر الأهلي عند الجانب الرياضي فقط، بل امتدت إلى الجوانب الاقتصادية. وعلى الرغم من نفي بعض المقربين من النادي لتقارير تحدثت عن خسارة الأهلي 100 مليون ريال من عقود الرعاية بسبب الهبوط، فإن التأثير الاقتصادي كان واضحًا.
ثورة غضب الجماهير وتحميل المسؤولية
دشنت جماهير الأهلي حملات غاضبة ضد إدارة النادي، وعلى رأسها الرئيس ماجد النفيعي والمدير التنفيذي موسى المحياني، وحملتهما مسؤولية هبوط الفريق. وصل الأمر إلى مطالبة الجماهير بمقاطعة قناة SSC عندما استضافت المحياني بعد أربعة أشهر فقط من الهبوط.
كانت ردة فعل الجماهير عنيفة، إذ اعتبرت أن الإدارة لم تتعامل بجدية كافية مع أزمات الفريق خلال الموسم، وأن القرارات الفنية والإدارية كانت خاطئة وتسببت في هذه النتيجة الكارثية. وفي محاولة لتهدئة الأوضاع، أعلن ماجد النفيعي نيته البقاء في منصبه بعد الهبوط، مؤكدًا أنه سيعمل على إصلاح السلبيات التي أدت إلى هذه النكسة.
رحلة العودة: التتويج بدوري يلو والصعود إلى روشن
بعد الصدمة الأولية، بدأت إدارة النادي في إعادة ترتيب الأوراق والتخطيط للعودة السريعة إلى دوري المحترفين. وتحت ضغط مستمر من الجماهير، قدمت إدارة ماجد النفيعي استقالتها، وتم تكليف وليد معاذ برئاسة النادي.
حملة الصعود الناجحة
في موسم 2022-2023، خاض الأهلي منافسات دوري يلو بعزيمة وإصرار على العودة، متسلحًا بتاريخه وجماهيره الوفية. وبالفعل، نجح الفريق في تصدر جدول الترتيب وتحقيق اللقب برصيد 72 نقطة، متفوقًا بفارق أربع نقاط عن الحزم صاحب المركز الثاني.
حقق “الراقي” 21 فوزًا و9 تعادلات وتلقى 4 هزائم فقط، ليضمن العودة إلى دوري روشن السعودي والتتويج بلقب دوري يلو للمرة الأولى في تاريخه. كانت تلك البطولة هي بداية مرحلة جديدة في تاريخ النادي، الذي عاد إلى “مكانه الطبيعي” بين الكبار.
المسيرة الآسيوية: الطريق إلى المجد القاري
لم تكن عودة الأهلي إلى دوري الكبار مجرد هدف بحد ذاته، بل كانت بداية لمشروع طموح يهدف إلى إعادة الفريق إلى مكانته القارية. وقد جاءت الفرصة في نسخة 2024-2025 من دوري أبطال آسيا للنخبة بنظامها الجديد.
مسيرة ناجحة في دور المجموعات والأدوار الإقصائية
بدأ الأهلي مشواره في دوري المجموعات لبطولة دوري أبطال آسيا للنخبة بشكل قوي، حيث نجح في حصد 22 نقطة ليحتل المركز الثاني في منطقة الغرب. وفي الأدوار الإقصائية، تخطى الريان القطري في دور الـ16 بمجموع 5-1، ثم فاز على بوريرام يونايتد التايلاندي في ربع النهائي بنتيجة 3-0
المفاجأة الكبرى كانت في نصف النهائي، حيث واجه الأهلي غريمه التقليدي الهلال، بطل النسخة السابقة، وتمكن من الفوز عليه بنتيجة 3-1. هذا الانتصار المدوي فتح الباب أمام الأهلي للوصول إلى المباراة النهائية لدوري أبطال آسيا للمرة الثالثة في تاريخه، بعدما كان قد خسر النهائي في مناسبتين سابقتين.
التتويج الآسيوي: لحظة المجد التاريخية
في الثالث من مايو 2025، توجه عشاق الأهلي إلى ملعب “الجوهرة المشعة” في جدة لمشاهدة فريقهم في نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة أمام كاواساكي فرونتال الياباني الذي كان يخوض النهائي للمرة الأولى في تاريخه أيضًا.
المباراة النهائية وطريق التتويج
اتسمت المباراة النهائية بسيطرة أهلاوية واضحة، حيث حاول الفريق منذ البداية فرض إيقاعه. وبعد عدة محاولات، نجح الأهلي في افتتاح التسجيل عبر غالينو في الدقيقة 35 بتسديدة صاروخية لولبية لا تصد ولا ترد، قبل أن يضيف فرانك كيسي الهدف الثاني من ضربة رأس بعد تمريرة من فيرمينو في الدقيقة 42.
في الشوط الثاني، حافظ الأهلي على تقدمه وأغلق المساحات أمام الفريق الياباني، لتنتهي المباراة بفوز الأهلي بهدفين دون رد، محققًا لقب دوري أبطال آسيا للنخبة للمرة الأولى في تاريخه.
احتفالات تاريخية وفرحة الجماهير
عمت الفرحة أرجاء مدينة جدة ومختلف أنحاء المملكة العربية السعودية بعد تتويج الأهلي، حيث خرجت الجماهير في مسيرات احتفالية، فيما تناقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مشاهد الفرحة العارمة. الإنجاز كان استثنائيًا ليس فقط لكونه الأول للنادي على المستوى القاري، بل لأنه جاء بعد أقل من ثلاث سنوات من أحلك أيام النادي عندما كان يلعب في دوري الدرجة الأولى.










