اللوتري الأمريكي: حلم الهجرة يصطدم بمواقف ترامب
أُعلنت رسمياً نتائج برنامج الهجرة العشوائية الأمريكي (اللوتري) للعام 2026 في 3 مايو 2025، وسط ترقب ملايين المتقدمين من مختلف أنحاء العالم الذين يرون في هذا البرنامج فرصة ذهبية للهجرة إلى الولايات المتحدة. لكن هذا الحلم يواجه تحديات كبيرة مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، الذي أظهر عداءً واضحاً تجاه البرنامج منذ فترة رئاسته الأولى، ووعد بإلغائه كجزء من إصلاحات الهجرة التي يسعى لتطبيقها. يستعرض هذا التقرير تفاصيل اللوتري الأمريكي، موقف الرئيس ترامب منه، وتأثير ذلك على آمال الملايين في تحقيق حلم الهجرة.
ماهية برنامج اللوتري الأمريكي وآلية عمله
برنامج تأشيرة التنوع (DV Lottery) هو برنامج سنوي أنشأته الحكومة الأمريكية بموجب قانون الهجرة لعام 1990، يهدف إلى تنويع التركيبة السكانية في الولايات المتحدة من خلال منح فرص الهجرة للأشخاص من دول ذات معدلات هجرة منخفضة إلى أمريكا. يوفر البرنامج ما يصل إلى 55 ألف تأشيرة هجرة سنوياً من خلال الاختيار العشوائي، مما يمنح الفائزين حق الإقامة الدائمة والعمل في الولايات المتحدة.
يتم تقديم طلبات المشاركة في البرنامج إلكترونياً خلال فترة محددة كل عام، حيث فتحت وزارة الخارجية الأمريكية باب التسجيل للوتري 2025 في 2 أكتوبر 2024، واستمر حتى 5 نوفمبر من نفس العام. يجب على المتقدمين استيفاء شروط معينة تتعلق بالمؤهلات التعليمية أو الخبرة المهنية، ويتم إخضاعهم لفحوصات أمنية وطبية صارمة قبل منحهم التأشيرة.
يمكن للمتقدمين التحقق من نتائجهم عبر الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية باستخدام رقم التأكيد الذي حصلوا عليه عند التسجيل، وقد أعلنت النتائج رسمياً في الثالث من مايو 2025.
أهمية الصورة الشخصية في طلب اللوتري
تعد الصورة الشخصية من أهم متطلبات الطلب، ويجب أن تكون متوافقة مع المعايير المحددة. تشمل هذه المعايير أن يكون حجم الصورة لا يزيد عن 245 كيلوبايت، وأن تكون مربعة بمقاسات تتراوح بين 600×600 و1200×1200 بكسل، وأن تكون بصيغة JPEG، مع خلفية بيضاء، وأن تكون حديثة (التقطت خلال الأشهر الستة الماضية).
عدم الالتزام بهذه المعايير قد يؤدي إلى استبعاد الطلب تلقائياً، إذ تتم معالجة جميع الطلبات بواسطة برنامج خاص، ويصبح من الصعب إصلاح هذه الأخطاء بعد تقديم الطلب.
موقف ترامب المعارض لبرنامج اللوتري
منذ فترة رئاسته الأولى، أظهر دونالد ترامب عداءً واضحاً تجاه برنامج اللوتري، وقد تعززت هذه المعارضة بشكل خاص بعد هجوم إرهابي وقع في نيويورك عام 2017، حيث دخل المهاجم إلى الولايات المتحدة عبر هذا البرنامج.
في اجتماع لمجلس الوزراء بعد الحادثة، صرح ترامب قائلاً: “بدأت اليوم بعملية إنهاء برنامج قرعة التنوع” وطلب من الكونغرس التحرك بسرعة لإلغائه. ووصف البرنامج بأنه يسمح “للأسوأ من الأسوأ” بالدخول إلى البلاد، مدعياً أن الدول المشاركة لا ترسل أفضل مواطنيها من خلال هذه العملية.
استمر ترامب في انتقاد برنامج اللوتري واصفاً إياه بأنه “عشوائي وغير مفيد اقتصادياً”. وفي خطاب حالة الاتحاد الأول له في 30 يناير 2018، حدد أربع ركائز لإصلاح الهجرة، من بينها إنهاء برنامج قرعة تأشيرة التنوع.
مشروع قانون RAISE
في محاولة لترجمة رؤيته حول الهجرة إلى واقع، دعم ترامب مشروع قانون RAISE (Reforming American Immigration for Strong Employment Act) الذي قدمه السناتوران الجمهوريان توم كوتون وديفيد بيردو.
يسعى مشروع القانون هذا إلى تقليل مستويات الهجرة القانونية إلى الولايات المتحدة بنسبة 50% من خلال تخفيض عدد البطاقات الخضراء الممنوحة. ويتضمن المشروع عدة بنود رئيسية، منها:
- إلغاء برنامج تأشيرة التنوع بالكامل، مما يعني إلغاء 50 ألف تأشيرة سنوياً.
- وضع سقف لعدد اللاجئين المقبولين سنوياً عند 50 ألف لاجئ.
- تقليص نظام الهجرة العائلية بشكل كبير.
- استبدال نظام الهجرة المهنية الحالي بنظام نقاط يعتمد على المهارات والمؤهلات.
لم يحصل مشروع القانون على دعم كافٍ في الكونغرس خلال فترة الرئاسة الأولى لترامب، إذ تم هزيمة مشروع قانون مماثل في عام 2018 بتصويت 39-60.
الإجراءات المتوقعة في عهد ترامب الجديد
مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض في 2025، من المتوقع أن يستأنف جهوده لإجراء تغييرات جذرية في نظام الهجرة الأمريكي، بما في ذلك محاولة إلغاء برنامج اللوتري.
وقد بدأ ترامب بالفعل في تنفيذ العديد من الإجراءات المتعلقة بالهجرة منذ الأسبوع الأول من توليه منصبه، مثل إلغاء قرارات بايدن التنفيذية، وإعلان حالة طوارئ على الحدود المكسيكية، واستئناف بناء الجدار الحدودي.
فيما يتعلق ببرنامج اللوتري، يُتوقع أن تشمل التغييرات المحتملة:
- إلزام المتقدمين بجواز سفر ساري المفعول كشرط أساسي للتقديم.
- رفع الحد الأدنى للمؤهلات التعليمية إلى مستوى جامعي.
- اشتراط وجود روابط أسرية في الولايات المتحدة.
- تشديد الفحوصات الأمنية والمراجعات، مما قد يؤدي إلى تأخيرات ورفض عدد أكبر من الطلبات.
تجارب الفائزين باللوتري وتحدياتهم
على الرغم من أن الفوز باللوتري يمثل حلماً للكثيرين، إلا أنه لا يعني بالضرورة تحقيق هذا الحلم بشكل كامل، إذ يواجه الفائزون تحديات كبيرة في رحلتهم نحو الهجرة إلى أمريكا.
يشير نبيل الشرقاوي، أحد المصريين الفائزين باللوتري عام 2021، إلى أن الفوز باللوتري لا يعني السفر مجاناً، بل يتعين على الفائز تحمل جميع النفقات، بما في ذلك تكاليف التأشيرة والسفر والإقامة والمعيشة.
في اليمن، يضطر العديد من الفائزين إلى بيع ممتلكاتهم، بما في ذلك المنازل والأراضي، لجمع الأموال اللازمة للسفر وإجراء المقابلة في السفارة الأمريكية في جيبوتي. ويقدر مبارك رويدا، موظف سابق بالسفارة الأمريكية في كوالالمبور، أن نسبة الذين يصلون بالفعل إلى أمريكا من المتقدمين لا تتعدى 0.5%.
التداعيات المحتملة لإلغاء برنامج اللوتري
إذا نجح ترامب في إلغاء برنامج اللوتري، فستكون هناك تداعيات كبيرة على آمال الملايين في الهجرة إلى الولايات المتحدة، خاصة من الدول ذات معدلات الهجرة المنخفضة.
سيؤدي إلغاء البرنامج إلى:
- تقليص فرص الهجرة القانونية للأشخاص من دول العالم النامي التي لا تتمتع بروابط هجرة قوية مع الولايات المتحدة.
- الاعتماد بشكل أكبر على نظام هجرة قائم على المهارات والمؤهلات، مما قد يصعب على الكثيرين الذين لا يملكون مهارات عالية.
- تعزيز نظام الهجرة الانتقائي الذي يفضل ذوي المهارات العالية والمؤهلات المتميزة.
حلم اللوتريالأمريكي
يظل برنامج اللوتري الأمريكي محطاً لآمال الملايين حول العالم الذين يرون فيه فرصة لتحقيق حلم الهجرة إلى الولايات المتحدة. لكن هذا الحلم يواجه تحدياً كبيراً مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ومعارضته المعلنة للبرنامج.
مع استمرار السجال حول مستقبل البرنامج، يبقى المتقدمون في حالة ترقب وقلق، خاصة مع إعلان نتائج اللوتري للعام 2025-2026 مؤخراً. ويظل السؤال المهم: هل ستكون هذه هي النسخة الأخيرة من برنامج اللوتري الأمريكي، أم أن الضغوطات السياسية والقانونية ستحول دون إلغائه؟
مستقبل برنامج اللوتري يبقى رهناً بالصراع السياسي داخل الولايات المتحدة، وبين رؤية ترامب للهجرة المبنية على “الجدارة” والحفاظ على تقاليد الهجرة المتنوعة التي طالما شكلت جزءاً من الهوية الأمريكية.










