وافقت الحكومة المصرية مؤخراً على منح شركة شيفرون الأميركية حقوق التنقيب عن الغاز والنفط في منطقة ويست ستار شمال شرق البحر المتوسط، باستثمارات أولية لا تقل عن 120 مليون دولار خلال السنوات الثلاث الأولى من الاتفاقية. وتأتي هذه الخطوة في ظل استمرار الحكومة في التعويل على الشركات الأجنبية الكبرى لزيادة الإنتاج وتلبية الطلب المحلي المتزايد على الطاقة.
رغم أهمية جذب الاستثمارات الأجنبية، تثير هذه السياسة تساؤلات حول قدرة الحكومة على تحقيق استفادة حقيقية ومستدامة من موارد البلاد الطبيعية، في ظل سجل طويل من التحديات المؤسسية والاقتصادية التي واجهت قطاع الطاقة في مصر. فقد كشفت تجارب سابقة عن أوجه قصور في إدارة ملف الطاقة، سواء من حيث الكفاءة أو الشفافية، وأظهرت قضايا سابقة مثل تصدير الغاز لإسرائيل وجود شبهات فساد مؤسسي وضعف في التفاوض على العقود، ما أدى إلى إهدار جزء كبير من العوائد المحتملة على الاقتصاد الوطني.
تعتمد مصر بشكل متزايد على توقيع اتفاقيات مع شركات عالمية بنظام تقاسم الإنتاج، حيث تتحمل الشركات الأجنبية معظم المخاطر المالية والفنية، مقابل حصولها على حصة من الإنتاج. ورغم أن هذا النموذج قد يجذب استثمارات ضخمة، إلا أنه يضعف قدرة الدولة على التحكم الكامل في مواردها ويجعلها رهينة لتقلبات السوق العالمي وشروط الشركات الكبرى، خاصة في ظل غياب استراتيجية بعيدة المدى للطاقة وضعف الرقابة المؤسسية.
من جانب آخر، لم تقدم وزارة البترول حتى الآن توضيحات كافية حول تفاصيل الاتفاقية الجديدة مع شيفرون، ولم ترد على استفسارات وسائل الإعلام بشأن الشروط المالية والفنية أو مدى استفادة الاقتصاد المحلي من هذه الصفقة. ويأتي ذلك في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى شفافية أكبر في إدارة الموارد الطبيعية، خاصة مع استمرار أزمة الطاقة وتراجع الإنتاج المحلي مقارنة بالطلب المتنامي.
في ضوء هذه المعطيات، يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت الحكومة المصرية ستتمكن من تجنب تكرار أخطاء الماضي، وتحقيق استفادة حقيقية من ثروات البلاد لصالح المواطنين، أم أن الاعتماد المستمر على الشركات الأجنبية سيظل يعمق مشكلات القطاع ويؤجل الحلول الجذرية لمشاكل الطاقة في مصر.











